البرهان الذي يثبت أن القوات الأميركية لا ترابط بالأراضي الباكستانية قدمه عضو مجلس الشيوخ الأميركي والمرشح الديموقراطي الى الرئاسة باراك أوباما. فهو كان، على الأرجح، تناول الفطور مع الجنود الأميركيين بالقرب من طورخم معبر الحدود الباكستانية - الأفغانية، بدل زيارتهم بمعسكرهم بالقرب من العاصمة الأفغانية. وقال اوباما ان افغانستان هي الدولة الوحيدة التي تستحق ان يوليها، غداة تسلمه الرئاسة الاهتمام كله والدعم والمساعدة، في الحرب ضد الإرهاب. وأعلن المرشح الرئاسي رغبته في زيادة عدد القوات الأميركية بأفغانستان، الى زيادة الدعم المالي للعمليات الحربية. وتوقع اضطلاع الولاياتالمتحدة بضمان تغير طويل الأمد. ولا يخفى على المراقب المتأمل ان معنى الوعد تعهد ببناء الدولة يقوم من السياسة الخارجية محل حجر الزاوية، على شاكلة العراق في نظر إدارة بوش، على ما قد يفهم المتشائمون. والحق ان مسار رحلة أوباما الجوية كان في الأجواء الباكستانية. وباكستان هي البلد الذي أراد عضو مجلس الشيوخ الأميركي ان يقصفه. وأخذ على نفسه عهداً ان يباشر القصف في حال اعتراض باكستان طريقه. ونقول لأوباما ان باكستان ليست عثرة في طريقكم، بل هي أولاً عثرة في الطريق الى افغانستان. ولعل التغيير الذي يدعو أوباما إليه ويعد الناخبين الأميركيين به، يثبت ان باكستان لم تعد تحظى بالمنزلة التي كانت لها والكلام على مكانتها"الجيوستراتيجية"، وهي المكانة التي تغنى بها المعلقون والمحللون، آيلة الى أفول غداة 15 كانون الأول يناير، في حال فاز الديموقراطيون، وتربع أوباما في البيت الأبيض. وأوباما التقى حامد كرزاي، الرئيس الأفغاني ببروكلين من قبل، ولست أدري اذا كان كارزاي رئيساً لأفغانستان، ولكنه من غير شك رئيس على كابول. ولا ريب في ان رأي أوباما في باكستان لقي صدى عند كرزاي. فالمضيف بدوره، توعد بإرسال قواته الى باكستان من اجل القضاء على عناصر طالبان وپ"القاعدة"وبدا الزعيم الأفغاني سعيداً بالدعم الذي وعده به عضو مجلس الشيوخ. وكرزاي معروف بقدرته على الإقناع. وهو ربما أسرّ الى المرشح الأميركي الرئاسي برأيه في المسألة الأفغانية. وملخص رأي كرزاي ان حل المسألة هذه يقتضي الضغط على زر"الهند". والزعيم الأفغاني ثعلب ذكي. فهل تعلم ما قال؟ قال ان عدو عدوي صديقي. ومضى على الحكومة الحالية بباكستان اكثر من مئة يوم في السلطة. وقدرتها على البقاء والصمود هذه المدة، قرينة على إنجاز جدير بالثناء. وهي استلمت الحكم وزمام الأمور في وقت عصيب توالت الأزمات فيه أزمة تلو الأخرى. وبعض المشكلات ورثتها عن سابقاتها، وبعض الآخر مشترك مع بقية دول العالم. مثل ارتفاع الأسعار، والتضخم، وندرة السلع الأساسية، ونقص الطاقة، وغير ذلك. والعثرة الكبيرة في وجه الحكومة هي مقاومة الجهاديين المسلحين الذين تساندهم قوى في المنطقة لها مصلحة في إبقاء باكستان غير مستقرة. ورئيس الوزراء جيلاني، على وشك القيام برحلة رسمية الى العاصمة الأميركية. وعلى كل رئيس وزراء باكستاني زيارة البيت الأبيض، مرة واحدة على الأقل في اثناء ولايته. ولكن لماذا هذه الزيارة على رغم احتمال شن الولاياتالمتحدة عملية عسكرية على الأراضي الباكستانية وسيادتها؟ ونصيحة أخيرة الى رئيس الوزراء: لا تقترب ممن يوجه أوامره ويتحكم في المنطقة من بعد. عن محمود سيبرا، "دايلي تايمز" الباكستانية، 24/7/2008