بدأت في بغداد أمس، أولى جلسات محاكمة طارق عزيز عضو مجلس قيادة الثورة المنحلّ وسبعة من معاوني الرئيس السابق صدام حسين المتهمين بالتورط في قضية إعدام تجار عراقيين عام 1992. وخصصت المحكمة برئاسة القاضي رؤوف عبدالرحمن رشيد الذي أصدر حكماً بالاعدام في حق صدام حسين بعد إدانته في قضية الدجيل، جلسة أمس للتعريف بالمتهمين وقراءة مطالعة الادعاء العام التي بيّن فيها طبيعة التهمة الموجهة، وهي إعدام 42 تاجراً بعد محاكمات شكلية ابّان فترة الحصار الاقتصادي اتهموا بالتلاعب بأسعار المواد الغذائية. وأكد القاضي منير حداد نائب رئيس المحكمة الجنائية العليا"توجيه التهمة وفقاً للمادة 12 من قانون المحكمة"، مشيراً الى أن الجريمة التي يحاكم فيها المتهمون،"ضدّ الانسانية". وقال حداد ل"الحياة"إن"الجلسة الأولى خُصصت لعرض القضية والاستماع إلى الشهود وإلى الادعاء العام برئاسة عدنان علي"، متوقعاً أن تستغرق القضية وقتاً أقصر من القضايا السابقة"لأن عدد الشهود والمتهمين أقل". واضافة الى طارق عزيز الذي يمثل للمرة الأولى كمتّهم في المحكمة، كان هناك سبعة متهمين هم.. علي حسن المجيد، عضو مجلس قيادة الثورة، ورئيس ديوان الرئاسة السابق أحمد حسين خضير، ومزبان خضر هادي عضو قيادة حزب البعث، وعبد حمود سكرتير رئيس الجمهورية، ومحافظ البنك المركزي عصام حويش والأخوين غير الشقيقين لصدام سبعاوي ووطبان الحسن. وكان آخر ظهور لطارق عزيز في قضية الدجيل، ودافع كشاهد بقوة عن صدام واعتبره رفيق دربه، وبدا هزيلاً وشكا من تعرضه للتعذيب، مطالباً بالتحقيق في ذلك. ويعتبر عزيز 72 عاماً نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق أحد أشهر مسؤولي نظام صدام حسين، وانضم الى حزب البعث العربي الاشتراكي أواخر خمسينات القرن الماضي وتدرج في صفوف الحزب. وفي عام 1977، انضم الى مجلس قيادة الثورة أعلى سلطة تشريعية وتنفيذية في النظام السابق. وبعد دخول القوات الأميركية الى بغداد عام 2003، كان طارق عزيز المطلوب الرقم 25 على قائمة المطلوبين الأميركية لكنه سلم نفسه الى تلك القوات في العام ذاته. وتعتبر قضية اعدام التجار، الرابعة التي تنظر فيها المحكمة الجنائية العليا منذ انشائها لمحاكمة مسؤولي النظام السابق، إذ تأتي بعد قضايا"الدجيل"و"الأنفال"و"الانتفاضة الشعبانية". وكان افتتاح جلسات المحاكمة تأخر"لأسباب تنظيمية"، وقال القاضي رؤوف رشيد عبدالرحمن إنها"ستتأخر لاسباب تنظيمية ولطلب احضار المتهمين لأنهم في مكان آخر". من جهته، نفى زياد نجل طارق عزيز الذي يعيش في عمّان تورّط والده في القضية. وصرح لوكالة"فرانس برس"بأن"والدي قال لي شخصياً إنه ليس له أي علاقة بهذه القضية، وسمع بها حاله حال معظم العراقيين عبر وسائل الاعلام". وأضاف أن والده"كان في ذلك الوقت في مهمّة رسمية خارج العراق حيث كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء، وكان مكلفاً متابعة مسألة لجان التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل عندما كانت هذه القضية في أوجها". وأشار زياد الى أن"أياً من عائلات هؤلاء التجار لم تتقدم بشكوى ضد والدي، ومعظم الشكاوى مقدمة ضد وطبان ابراهيم الحسن وسبعاوي ابراهيم الحسن الأخوين غير الشقيقين للرئيس السابق صدام حسين اللذين كلفهما صدام شخصياً متابعة القضية". وأكد أن"هذا الموضوع اختير كأضعف تهمة ضدّ والدي حتى لا يستفيد من قانون العفو الذي أصدرته الحكومة الحالية وتنصّ المادة الثالثة لفقرة باء منه على ضرورة اطلاق الشخص الذي مضى على احتجازه سنة دون أن يكون أُحيل الى المحكمة المختصة أو ستة شهور من دون تحقيق". وتابع زياد أن"والدي موجود في المعتقل منذ خمس سنوات دون تهمة أو محاكمة أو تحقيق". وكان عزيز 72 عاماً سلّم نفسه في 24 نيسان ابريل عام 2003 إلى القوات الأميركية بعد أيام على دخولها العاصمة العراقية، وتطالب عائلته باستمرار باطلاقه بسبب وضعه الصحي المتدهور. وتحدّث بديع عارف محامي طارق عزيز مرّات عن تدهور الحالة الصحية لعزيز. يذكر أن المتهمين السبعة الآخرين الذين سيمثلون أمام المحكمة في القضية هم وطبان ابراهيم الحسن الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية ابان تنفيذ عملية الاعدام بالتجار، وسبعاوي ابراهيم الحسن مدير الامن العام 1991-1995 وعلي حسن المجيد ومزبان خضر هادي كاعضاء في مجلس قيادة الثورة المنحل. كما يحاكم في القضية نفسها عبد حميد حمود سكرتير صدام حسين واحمد حسين خضير وزير المال 1992-1995 ومحافظ البنك المركزي عصام رشيد حويش 1994-2003. وسيتولى ادارة جلسات المحكمة القاضي رؤوف عبدالرحمن الذي أصدر عام 2006 حكماً بالاعدام على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في قضية قرية الدجيل التي قتل فيها 148 قروياً شيعياً، اثر تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة عام 1982.