تعرف الجمهور الى الممثلة الإيطالية لاورا كياتي من خلال فيلم "صديق العائلة" الذي أخرجه باولو سورنتينو وعُرض في مهرجان"كان"2007 بنجاح، ما سمح للمخرج بالعثور الفوري على موزعين دوليين، الأمر الذي حول لاورا من ممثلة محلية إلى نجمة ذات شهرة عالمية. وبما أنها شابة 25 سنة وجميلة جداً، فلا مبرر للحديث عن الاهتمام الذي يوليها إياها الإعلام المتخصص في متابعة أخبار النجوم. وكانت كياتي ظهرت في حلقات تلفزيونية إيطالية، وخصوصاً في فيلم مثير للاهتمام عنوانه"في بيتنا"من إخراج فرانشيسكا كومنشيني. جاءت كياتي إلى باريس لتروج لفيلمها الجديد"أريدك"، فالتقتها"الحياة"في هذا الحديث. حدثينا عن أول عمل فكاهي لك على الشاشة وهو فيلمك الجديد"أريدك"؟ -"أريدك"هو فعلاً أول فيلم فكاهي أشارك فيه منذ بدايتي الفنية الحديثة إلى حد ما، والواقع أنني أعجبت إلى أبعد حد بالسيناريو وبتفاصيله الكوميدية الساخرة التي تخص مجتمعاتنا الغربية وسعيها المستمر وراء المال واقتناء كل ما هو حديث ومتقدم على صعيد التكنولوجيا. وأنا أمثل في الفيلم شخصية امرأة تتلخص طموحاتها في السيارة والفرن وجهاز الكومبيوتر والهاتف الخليوي والشقة الفاخرة وكل ما يمكنه أن يرمز في عين الغير إلى النجاح الاجتماعي، إضافة إلى عريس ثري ووسيم طبعاً. لقد تمتعت بأداء دور هذه المرأة وجعلتها كريهة وسطحية وغبية إلى حد ما. وأعترف بأن مخرج الفيلم لويس برييتو شجعني على تقمص الشخصية على هذا النحو، وما أتمناه الآن هو أن يفتح الفيلم أمامي باب الأفلام السينمائية الكوميدية إضافة إلى الألوان الثانية التي أجيدها بالطبع. تعتمد بطلة فيلم"صديق العائلة"إسعاد محيطها وأهلها بأي طريقة ممكنة، فهل غيّر هذا الدور الجميل حياتك وجلب لك السعادة؟ - نعم، لقد غير حياتي بكل تأكيد وحولني من فنانة إيطالية محلية مبتدئة معروفة قليلاً، إلى نجمة عالمية يتعرف إليها الجمهور في الطريق العام ويطلب منها الصور والتوقيعات. أما السعادة فتلك حكاية أخرى، وأنا سعيدة بنجاحي بلا شك، إلا أنها سعادة جزئية لا تكتمل إلا بالحب والزواج وإنجاب الأطفال... وهذه كلها أمور لم أجربها بعد في الحقيقة. هل تعنين أن النجومية الفنية لا تحتل المكانة الأولى في حياتك؟ - إنها فعلاً لا تحتل المكانة الأولى، بل أكثر من ذلك، فأنا لست من النوع الذي يبدي استعداده لعمل أي شيء وكل شيء من أجل الشهرة والعمل أمام الكاميرات. أنا محظوظة بما حدث لي حتى الآن، وفي الوقت نفسه أعرف جيداً أن حياتي قابلة للتغيير فجأة بين يوم وليلة إذا عجزت عن تحقيق النجاح ذاته عبر أفلامي المستقبلية. لن أكافح من أجل السينما، فأنا قادرة على العمل غداً كمعلمة في مدرسة، أو البقاء في بيتي والاهتمام بعائلتي إذا شاء القدر والتقيت فتى أحلامي. للعودة إلى فيلم"صديق العائلة"، هل توقعت مثل هذا النجاح عندما قرأت السيناريو أساساً؟ - توقعت أن ينجح الفيلم في الصالات ولكن ليس في هذا الشكل أبداً، لأنني لم أتخيله من النوع التجاري الذي يجذب الجماهير العريضة مثلما اتضح لاحقاً. وما رأيك في رفض مهرجان"كان"تقديم الفيلم في إطار مسابقته الرسمية في بادئ الأمر، قبل أن يغير رأيه ويعرضه تحت شعار إيطاليا؟ - أرى في ذلك الدليل القاطع على انعدام الصلة بين ما يحدث في المهرجانات الرسمية من ناحية، وذوق الجمهور من جانب آخر. وعلى العموم لا يهمني الأمر طالما انني على دراية تامة بكون الجماهير وليست المهرجانات، هي التي تصنع الفنان أو تهدمه. وأنا أتكلم كأن مهرجان"كان"لم يقدم الفيلم إطلاقاً، لكنه فعل، إلا أنه تردد طويلاً قبل أن يتخذ بواسطة أعضاء لجنته التنظيمية القرار الصالح في نهاية الأمر. ألا تعترفين بأن مهرجان"كان"هو صاحب الفضل في انطلاقتك الدولية؟ - المهرجان لعب دوره في شكل فعال جداً بالنسبة الى حصول الفيلم على توزيع دولي وسريع، الأمر الذي يمكن أن يتأخر كثيراً في ظروف أخرى. وبما أن الفيلم صار يعرض في الصالات العالمية، أصبحت أنا بالتالي معروفة خارج إطار حدود بلدي إيطاليا، وهو شيء يسرني بطبيعة الحال. هل صحيح أن المخرج باولو سورنتينو كان قد اختار ممثلة أخرى في بادئ الأمر لبطولة فيلمه"صديق العائلة"، ولم يلجأ إليك إلا بعدما اعتذرت عن عدم تنفيذ المشروع؟ - نعم، كان سورنتينو قد اتصل أولاً بفنانة أميركية ذات جذور إيطالية من أجل الدور، وهي وافقت على العرض ولكنها اعتذرت لاحقاً لأسباب تتعلق بحياتها الشخصية وتمنعها من مغادرة الولاياتالمتحدة وقضاء فترة التصوير في روما وضواحيها. وهنا تلقيت مكالمة هاتفية من وكيلة أعمالي تطلب مني لقاء سورنتينو بناء على طلبه إثر مشاهدته فيلم"في بيتنا". وأنا أدرك الآن مدى حظي وكيف يمكن أن يتدخل القدر في حياة إنسان ويحولها إلى ما هو أفضل. كيف بدأت احتراف التمثيل؟ - أنا فتاة ريفية كبرت في مدينة كاستيليوني ديل لاغو الصغيرة، في منطقة أومبريا في إيطاليا، ولم أحلم يوماً ما باحتراف الفن، بل كنت أفكر في تعلم المحاماة، إلا أن الدرجات التي حصلت عليها في السنة النهائية في المدرسة لم تسمح لي بتحقيق طموحي، فاتجهت إلى الآداب والفلسفة واللغات، إضافة إلى حصص في فن الدراما لمجرد تعبئة وقتي وخوض تجربة مسلية. ومن طريق الحصص هذه عثرت على أدوار صغيرة في حلقات تلفزيونية، ثم على دور في فيلم دعائي لحساب شركة متخصصة في الهواتف الخليوية. وكان مخرج هذا الفيلم الصغير هو سيلفيو موتشينو الذي سبق له أن أخرج الكثير من الأفلام السينمائية الإيطالية الناجحة. وقد ارتبطت بموتشينو عاطفياً فترة وجيزة، وبقينا نحتفظ بعلاقة صداقة وطيدة حتى بعدما انتهت حكاية حبنا، وهو ساعدني على التعرف إلى السينمائية فرانشيسكا كومنشيني التي أسندت إليّ دوراً لا بأس به في فيلمها"في بيتنا"الذي حصل على جوائز عدة، فكانت الانطلاقة. وعلى رغم أن الانطلاقة التي أذكرها لم تتبعها نجومية فورية على مستوى دولي، فهي التي جعلت المخرج باولو سورنتينو يلاحظني ويعرض علي بطولة فيلمه"صديق العائلة"، ما يجعلني أعتبرها ذات أهمية قصوى في حياتي المهنية وأشكر عليها المخرجة كومنشيني. كنت لا تزالين مبتدئة عندما عملت في فيلم"في بيتنا"، وشاركت مع فنانة إيطالية كبيرة هي فاليريا غولينو بطولة هذا العمل، فهل طلبت منها النصيحة مثلاً في شأن طريقة مواجهتك دورك؟ - تفاديت أن أفعل ذلك حتى لا أثير القيل والقال لدى أفراد الفريق العامل في الفيلم، وشعرت بأن فاليريا غولينو كانت تراقب تصرفاتي عن بعد، ثم حدث في أكثر من مرة أنها قدمت لي نصيحة صغيرة بخصوص موقف معين. وأعترف بأن وجودها ساعدني بطريقة لا شعورية في مواجهة بعض مشقات الدور، لأنها عرفت كيف تحتضنني فنياً كأنها أختي الكبيرة، ولكن من دون أن تتعدى بعض الحدود حتى لا أشعر بأنها تفرض عليّ خبرتها ووجهة نظرها. هل تشبهين روزالبا بطلة فيلمك الناجح"صديق العائلة"، في حياتك اليومية؟ - لا، فليست هناك علاقة بين ما أمثله والحقيقة. أنا لا أتصرف مثل روزالبا أبداً ولا أدمج بين الخيال والحياة الواقعية، فأنا فتاة تعيش حياتها في شكل عادي وتتردد مع أصدقائها الى السينما والمسرح والأماكن العامة، في الوقت الذي تسعى روزالبا الى إسعاد محيطها وعائلتها من طريق التضحية بكل ما تقدر عليه حتى بنفسها وبسعادتها. أنا أفهمها لكنني لا أعيش مثلها، وهي على العموم شخصية خيالية بحتة. ما هو لونك السينمائي المفضل كمتفرجة؟ - أنا مولعة بكل الروايات المبنية سينمائياً على المؤثرات المرئية والصوتية، فأحدق في الشاشة مثل الصبية ولا أصدق ما أراه. أحب السينما التي تدهشني وليس تلك التي تحكي لي ما أشهده في حياتي اليومية، وبالتالي أعتقد بأن لوني المفضل هو لون المغامرات الخيالية شرط أن تتضمن نبرة رومانسية في حبكتها. يقال عنك، خصوصاً في بلدك إيطاليا، إنك أورنيلا موتي جديدة على الشاشة، فما رأيك في هذه المقارنة؟ - أنا لا أعتقد بأنني أشبه فعلاً أورنيلا موتي من حيث الملامح، ولكن ربما أن ابتسامتي تذكر البعض بابتسامتها وأدواري الرومانسية أيضاً قد تسبب المقارنة بيننا. أنا فخورة بهذا الشيء ولكن إلى حد ما لأنني لا أرغب أبداً في تولي خلافة ممثلة ثانية أو التخصص في أدوارها، لأنني مقتنعة بأهمية الهوية الشخصية والأشياء التي تأتي بها كل واحدة على الشاشة والتي لا شك في أنها فريدة في أسلوبها، وما أود قوله للإعلام في هذا الصدد هو:"أرجوكم لا تجعلوني مقلدة، فأنا ممثلة حقيقية أولاً وأخيراً"، والتقليد لا يوجد أسوأ منه في الحد من عمر الفنان على الصعيد المهني. أيضاً يقال إن جمال عينيك يذكّر بأورنيلا موتي! - أشكرك على المجاملة لكنني لست عارضة أزياء بل ممثلة وبالتالي تركز الكاميرا اهتمامها على ما يفيد حبكة السيناريو، ولكن الشيء الذي يحدث هو ظهوري في حملات إعلانية لماركات إيطالية وعالمية كبيرة متخصصة في الجمال والأناقة، وهنا تحتل عيناي المكانة الأولى فوق الصورة. هل فكرت في ممارسة عرض الأزياء إلى جانب التمثيل؟ - تعرضت في أكثر من مرة، خصوصاً في سن المراهقة، لإمكان الاتجاه نحو الموضة وعرض الأزياء، لكنني لم أهتم إطلاقاً بهذا الأمر وبقيت أعتبر مهنة العارضة أو السوبر موديل مثلما يقولون الآن، في قمة السطحية ولا تتمتع بأدنى علاقة مع الفن الحقيقي. وعلى العموم فأي فتاة شابة وجذابة إلى حد ما تتعرف في يوم ما إلى شخص يدعي أنه يعمل مصوراً لحساب وكالة كبيرة في دنيا الموضة ويعرض عليها خدماته التي تتلخص في التقاط بعض الصور التي قد تحول صاحبة الشأن من شابة عادية إلى نجمة دولية في عالم الأناقة. وقد يكون الرجل صادقاً أو محتالاً. وشخصياً لم أتمعن في التفتيش ولا في التخطيط لمستقبلي على هذا النحو. أما الوقوف أمام عدسات المصورين من أجل الإعلانات التي تروج لمنتج جذاب وراقٍ، فهو أمر لا يزعجني.