في موازاة تصعيد المسؤولين الإسرائيليين تهديداتهم لقادة حركة "حماس" بالاغتيال والفلسطينيين في قطاع غزة ب"كارثة أكبر"، شرع وزير الدفاع إيهود باراك في تهيئة الرأي العام الدولي لاحتمال القيام بعملية عسكرية كبيرة في القطاع"تتحمل حركة حماس مسؤولية نتائجها"، وسط أنباء عن أن رئيس الحكومة إيهود أولمرت ليس متحمساً لها لخشيته الثمن الذي قد يدفعه الجيش الإسرائيلي في الأرواح ولإدراكه حقيقة أن هذه العملية أو حتى إعادة احتلال غزة لا يضمنان بتاتاً وقف إطلاق الصواريخ. لكن مراقبين محليين يرون أن اولمرت قد يضطر إلى التصديق على عملية واسعة في حال تواصل استهداف مدينة أشكلون المجدل التي أدخلتها"حماس"على لائحة البلدات الإسرائيلية المستهدفة، ما اعتبره الإسرائيليون تجاوزاً لخط أحمر نظراً إلى أنها مدينة كبيرة تعداد سكانها يتعدى 120 ألف نسمة، فضلاً عن وجود منشآت استراتيجية فيها قد تطالها القذائف الفلسطينية. وحمّل باراك خلال زيارته مدينة أشكلون أمس حركة"حماس"المسؤولية عن"التدهور الحالي"، متوعداً إياها بتحمل نتائج هذا التصعيد. ونقل باراك رسالة بالروح ذاتها إلى وزراء الخارجية البريطانية والروسية والأميركية في اتصالات هاتفية أجراها معهم. وهدد النائب ماتان فلنائي بأن الجيش الإسرائيلي لن يتردد في اللجوء إلى"أي عمل أو وسيلة"لإرغام"حماس"على وقف إطلاق القذائف الصاروخية. وقال للإذاعة العسكرية أمس إنه"كلما ازداد قصف حماس لجنوب إسرائيل وأصبح مدى هذه الصواريخ أكبر لتطال بلدات مثل أشكلون فإنهم الفلسطينيين يجلبون لأنفسهم كارثة أكبر". وأضاف:"هناك ثلة من عديمي المسؤولية يسموْن قادة حماس وسيتلقون الضربات على أفعالهم". وزاد أن"اسرائيل لن تملك خياراً إلا القيام بعملية كبيرة من أجل وقف إطلاق الصواريخ"، مقراً بأن مثل هذا الهجوم"سيكون مكلفاً وصعباً". غير أن المعلق العسكري في الإذاعة أضاف أن أولمرت لم يقرر بعد إعطاء الضوء الأخضر للجيش للقيام بعملية برية واسعة النطاق لوّح بها وزير الدفاع باراك بقوله إنها"حقيقية وملموسة"ويجب الاستعداد لها. ونقل المراسل السياسي في الإذاعة العامة المعروف بمصادره الوثيقة في مكتب رئيس الحكومة عن حاشية الأخير أن إسرائيل ستخرج في عملية واسعة"فقط عندما ترى أن الظروف مناسبة لمصالحها وعندما يكون التوقيت مريحاً لها، لا تحت الضغط". دعوات لإسقاط"حماس" ودعا رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية تساحي هنغبي الحكومة إلى اتخاذ"قرار استراتيجي"وإعطاء التعليمات للجيش بأن يتأهب بسرعة للتحرك وإطاحة"حماس"من الحكم"من خلال إعادة السيطرة على مناطق إطلاق القذائف الصاروخية والحدود بين القطاع ومصر لوقف تهريب السلاح، على أن لا يتم تحديد هذه السيطرة بفترة زمنية". وأضاف:"أنا لا أتحدث عن حملة عسكرية تبدأ وتنتهي، إنما عن عملية عسكرية واسعة لإطاحة حماس". وأعلن رئيس كتلة"ليكود"البرلمانية المعارضة جدعون ساعر أن حزبه سيوفر كل الدعم البرلماني للحكومة في حال أقرت الأخيرة عملية عسكرية برية واسعة على القطاع. "حماس"اقترحت التهدئة وكشف رئيس حزب"ميرتس"اليساري يوسي بيلين اقتراحين للتهدئة عرضتهما حركة"حماس"على إسرائيل،"عبر أطراف دولية"، لكن الأخيرة لم تعِرهما اهتماماً. وقال للإذاعة العامة أمس إنه ليس أمام إسرائيل من حل الآن لوقف الصواريخ الفلسطينية سوى الهدنة"التي ستتيح لنا الانتهاء من تطوير أنظمة دفاعية لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى مثل مشروع القبة الفولاذية الذي يحتاج إنهاؤه إلى سنة ونصف سنة وأكثر". وتابع أنه يجدر بالحكومة درس اقتراحات"حماس"لتهدئة يبدو أنها معنية بها حقاً"والكف عن التصريحات العنترية المختلفة مثل القيام بعملية برية واسعة النطاق". اعتبارات الجيش في غضون ذلك، اهتمت أوساط عسكرية بتسريب رسالة إلى وسائل الإعلام مفادها أن الجيش جاهز لتنفيذ عملية برية واسعة وأن أجواء حرب أو"حرب مصغرة"تسوده، لكنها استدركت لتضيف أنها لا ترى أن عملية كهذه سترى النور في الأيام القريبة، وأن الجيش يفضل القيام بعملية برية بعد تحسن الطقس وانقشاع الضباب لتمكين الطيران الحربي من توفير الغطاء اللازم للقوات البرية، هذا فضلاً عن أن النية تتجه إلى مزيد من"التصعيد التدرجي"في العمليات التي ينفذها الجيش في الأشهر الأخيرة قبل التوجه للمستوى السياسي بطلب ضوء أخضر لعملية واسعة. وأشار معلقون عسكريون إلى أن ثمة عدم توافق في الرأي في أوساط القيادة العسكرية في شأن جدوى عملية واسعة،"لن تضمن بالتأكيد وقف سقوط القذائف وقد تأتي بنتيجة عكسية تتمثل في تعاظم التعاطف الشعبي مع حماس، ليس في القطاع فحسب إنما أيضاً في الضفة الغربية". وتناول المعلقون الاعتبارات المختلفة التي يأخذها قادة الجيش في حساباتهم قبل طلب تنفيذ عملية واسعة في مقدمها"الثمن في الأرواح"في صفوف الجيش الإسرائيلي والمدنيين الفلسطينيين وأن مقتل مدنيين سيؤلب العالم ضد إسرائيل، ثم احتمال اضطرار الجيش البقاء لفترة غير معروفة في القطاع في غياب"خطة للخروج". وكتب عاموس هارئيل في"هآرتس"أن"صورة سوداوية ترتسم أمام قادة الجيش عندما ينظرون إلى الخيارات العسكرية المتاحة". وأضاف أن الجيش يأخذ ضمن اعتباراته إمكان أن يضطر ليقيم من جديد حكماً عسكرياً في القطاع كما أنه لا يستثني أبداً احتمال أن تتسبب عملية واسعة في تهديد مكانة الرئيس الفلسطيني محمود عباس. مع ذلك، يضيف المعلق أن رئيس الحكومة قد يجد نفسه في نهاية الأمر مرغماً على إطلاق يد الجيش"حيال الضغط الشعبي المتفاقم والانتقادات له على سوء إدارته دفة الأمور". وزاد أن"استهداف اشكلون والصور التي تبثها قنوات التلفزيون عن شعور الاكتئاب لدى سكان الجنوب يقرّب قرار شن حرب مفتوحة على حماس". وحيال التخبط الواضح لدى صناع القرار، لا يستبعد المعلق أن يلجأ الجيش إلى عمليات محددة مثل إقامة"مناطق استيلاء"في شمال القطاع بهدف إبعاد مطلقي القذائف عنها ما يحول دون وصولها إلى"أشكلون". وزاد أن"الخيار المحبب"الى قادة الجيش هو رفع وتيرة ودرجة الاغتيالات في صفوف كوادر"حماس"لردع قادتها الكبار عن مواصلة القصف أو استئنافه متى يحلو لهم.