التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران في الأيام الثلاثة الأولى    مجزرة تعطل توزيع مساعدات رفح    البث.. حقل تجارب    مونديال أميركا اختبار لقدرات تشلسي    وزير الحرس الوطني يستقبل قادة الوزارة وكبار مسؤوليها    حاج سوداني.. أول القادمين وآخر المغادرين    سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية تلتقي بعثة الهلال في أمريكا    ترمب حضر احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأميركي وسط تظاهرات تتهمه ب«الديكتاتورية»    الدانة تعسكر في هولندا استعدادًا للموسم الجديد    الأخضر السعودي يخسر نهائي بطولة تولون أمام منتخب فرنسا    بوتين لترمب: مستعدون لمفاوضات جديدة مع كييف    أدبي حائل يستعرض حياة عنترة في النعي التاريخية    زلزال بقوة 6,1 درجات يضرب مدينة كاياو في البيرو    أمير قطر يبحث مع رئيسة وزراء إيطاليا المستجدات الإقليمية والدولية    أخضر اليد يدشن مشاركته في بطولة العالم للشباب بمواجهة المنتخب المصري    أمير تبوك يواسي الشيخ عبدالله الضيوفي في وفاة شقيقه    الأمير سعود بن نهار يستقبل مدير عام جوازات المملكة    الأمير سعود بن نهار يستقبل أهالي الطائف المهنّئين بعيد الأضحى    بإشراف ومتابعة أمير منطقة تبوك مدينة الحجاج بحالة عمار تواكب وداع ضيوف الرحمن العائدين إلى أوطانهم    وزير الحج والعمرة يطمئن رئيس بعثة الحج الإيرانية    هلال المدينة المنورة تواصل جهودها الميدانية    الشؤون الإسلامية في جازان تعايد منسوبيها بمناسبة عيد الأضحى المبارك    3 مخالفات تحت مجهر الضريبة    بدعم سعودي.. ماليزيا تحتفي ب"إتقان" لحفظ القرآن        إعلام إيراني: ورشة لتصنيع المسيرات الانتحارية تعمل لحساب "الموساد"    لفتة أمير المكارم تركي بن طلال    أمير حائل يستقبل وكلاء ومديري العموم في الإمارة المهنئين بعيد الأضحى    نائب أمير جازان يستقبل قائد حرس الحدود بالمنطقة    أمير منطقة جازان يستقبل الوكلاء ومنسوبي الإمارة    أمير حائل يطلع على مشاريع الأمانة    موانئ: إضافة خدمة شحن جديدة تربط المملكة ب 16 ميناءً إقليميا وعالميا    الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تثمّن التوجيه الكريم بتيسير احتياجات الحجاج الإيرانيين    محمد بن عبدالرحمن يستقبل مدير عام التعليم بمنطقة الرياض    نائب أمير جازان يستقبل مفوض الإفتاء ومدير فرع الرئاسة بالمنطقة    الإصابة تبعد إمام عاشور نجم الأهلي المصري عن مونديال الأندية    انعقاد فعاليات القمة الدولية الخامسة لطب الأعصاب لدول الشرق الأوسط وإفريقيا وروسيا في دبي    عسير تستقبل زوّار "صيف السعودية 2025"    الإحصاء: استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.2% خلال مايو    توقيع 11 اتفاقية لانضمام شركات ومراكز بحوث هولندية للتحالف السعودي لتقنيات الزراعة والغذاء    أجواء شديدة الحرارة ورياح مثيرة للغبار على عدة مناطق بالمملكة    إيران تحذر الغرب من التدخل وتهدد بتوسيع الهجمات ضد إسرائيل    ولي العهد يُعزي رئيس وزراء الهند في ضحايا تحطم الطائرة    الاحتفاظ ب820 ألف أضحية بتقنيات التجميد الصناعي    فنون الطهي السعودي ترسو في معرض تذوق بلندن    الخوف والحظر ايام لا تنسي    هيئة الأفلام تشارك في مهرجان شنغهاي السينمائي الدولي    توعية الحجاج المغادرين ب 6 لغات في مطار المؤسس    "التخصصي " يستضيف اجتماع مستشفيات العيون العالمية    الإطاحة ب4 متورطين في سلب حقيبة امرأة    1.3 مليار عملية استعراض للبطاقات الرقمية ب"توكلنا"    تقديم تجربة مريحة للقاصدين وتسهيل حركة المصلين.. 1.2 مليون مستفيد من الفرق الراجلة بالمسجد الحرام    وزير الخارجية العماني: محادثات واشنطن وطهران لن تعقد    طبيبة تحذر من جفاف الجسم في الطقس الحار    أنفاسك تحدد هويتك بدقة    مفارقة صحيّة لافتة    بالصور مدينة الأخدود الأثرية بمنطقة نجران تاريخ من الآثار والتراث العريق    التوتر اضطراب طبيعي واستمراره لفترة طويلة دون تدخل يكون ضارًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شح المياه سلاح قاتل
نشر في الحياة يوم 26 - 11 - 2008

مياه الشفة ليست في متناول عدد كبير من سكان الارض. فأكثر من شخص من ثلاثة لا يستطيع الحصول على المياه. ويحتاج الواحد، يومياً، الى نحو أربعين ليتراً من الماء ليكفي حاجاته. ومشكلة شح مياه الشفة هي نواة مشكلات العقود المقبلة. وقد ينتشر وباء الكوليرا في البلدان الضعيفة، على غرار دول أفريقيا وأميركا اللاتينية والهند وبنغلادش، إذا لم تبادر السلطات الى تعقيم المياه وتنقيتها. ومنذ موجة وباء الكوليرا في 1917، الى موجة 1992 الاخيرة، لم تتراجع ذيول داء المياه، الكوليرا، بَعد. ففي 2006، أحصيت أكثر من 236 ألف إصابة كوليرا. وبحسب"مركز الكوليرا الوطني"بكالكوتا الهندية، تواجه الهند موجتي كوليرا سنوياً، الاولى في نيسان ابريل، والثانية في فصل الرياح الموسمية. وفي 2007، عالج هذا المركز 21500 إصابة. فشح مياه الشفة يفتك بالبشر، على ما يقول الأطباء الهنود.
والحق ان المياه ليست نفطاً. فعلى خلاف النفط، واحتياطاته تنفد، المياه لا تنضب. ويفضي الاحتباس الحراري الى ذوبان الجليد، وارتفاع منسوب الامطار المتساقطة، وزيادة دورة المياه. وهذه الدورة طبيعية. ولكن الأنشطة الانسانية تعدل طبيعة هذه الدورة. ففي العقود الخمسة القادمة، من المتوقع أن يزيد منسوب المياه في المناطق ذات الموارد المائية السخية ازدياداً مطرداً، وأن يتناقص في المناطق الجافة، فيشتد الجفاف فيها. وحريّ بهذه المناطق الاستعداد لمواجهة نقص المياه. وأكثر المناطق تضرراً هي المغرب وبنغلادش وبلاد حوض النيل.
ومن المتوقع أن ينخفض معدل تساقط المياه في المغرب نحو 20 في المئة، في العقود الثلاث المقبلة. وفي هذه العقود، يتضاعف عدد سكان المغرب ثلاثة أضعاف. ولكن ما السبيل الى مواجهة هذه الأزمة؟ والحق ان تحلية مياه البحر ليست الحل المناسب. فهي تؤدي الى رمي كميات كبيرة من الملح في البحر المتوسط، وهو بحر مغلق قد تركد فيه الاملاح، على خلاف المحيطات المفتوحة والكبيرة. ويرتبط مصير بنغلادش بنهرين ينبعان في الهمالايا، الغانج وبراهمابوتر. ولكن الهند والصين يستنفدان مياه النهرين، قبل صبهما في بنغلادش، يبنيان السدود. ومن المتوقع أن يرتفع منسوب مياه خليج البنغال المالحة في نهري بنغلادش، وأن تبور، تالياً، الأراضي الصالحة للزراعة، وتتقلص مساحاتها. وهذه كارثة كبيرة.
والنيل هو شريان الحياة في ثلاثة بلدان، مصر والسودان وأثيوبيا. واليوم، تستغل مصر 98 في المئة من مياه النيل، في حين لا تتعدى حصة اثيوبيا 1 في المئة. ويتوقع أن يبلغ عدد سكان اثيوبيا في 2025، 120 مليون نسمة. ويحتاج هؤلاء الى كمية أكبر من المياه. وهذه الحاجة قد تسهم في نشوب حرب على مياه النيل بين الدول الثلاث. ويمد جليد الهمالايا 40 في المئة من سكان العالم بالمياه. فمياه هذه الجبال هي مفتاح لفهم النزاع السياسي بالتيبيت. فالهمالايا، شأن جبال طوروس في تركيا، هي خزان مياه الصين والهند والبنغلادش، والثانية، هي خزان مياه العراق. وفي وسع من يهيمن على جبال طوروس، أي الاكراد اليوم، قطع المياه عن بلاد ما بين النهرين، والتحكم بكمياتها.
فالمياه متوفرة في بعض الاماكن، وشحيحة في بعضها الآخر. وهي لعنة في بعض الاماكن، ونعمة في أخرى. وهذه حال الصين. فعلى بعد 80 كلم من شمال بكين، تلوح كثبان رمال صحراء غوبي، بينما تغرق الفيضانات مناطق أخرى من الصين. والصين ليست واحدة، بل هي اثنتان يفصل بينهما خط شنغهاي - التيبيت. ففي الشمال، يحصل نصف عدد سكان الصين، أي نحو 700 مليون نسمة، 17 في المئة من مخزون المياه. بينما يحصل النصف الآخر على بقية المياه. فالعدالة في توزيع المياه غائبة. ومن العسير نقل المياه من منطقة الى أخرى. وظروف نقلها صعبة. فهي ثقيلة الوزن. وعلى هذا، لم تبصر أسواق الماء العالمية النور.
ولا ريب في أن شح المياه هو مشكلة محلية وغير عالمية. وتواجه الصين مشكلة تلوث الانهار. فعلى سبيل المثال، حرم 5 ملايين نسمة من شرب المياه طوال اسبوع، إثر رمي كميات كبيرة من البنزين في نهر سونغوا. ويعوق تلوث المياه والتربة في الصين مسيرة النمو الاقتصادي فيها. ويبحث المسؤولون الصينيون عن سبل تفادي تلويث المياه والتربة في عملية التنمية الاقتصادية الهادفة الى انتشال مئات ملايين البشر من الفقر والبؤس. وهذه المسألة هي مدار حرب بين حكومة بكين المركزية والقوى النافذة في المناطق الصناعية. وتثقل سياسة الحكومة في الحفاظ على البيئة على المناطق الصناعية. والنزاعات بين الحكومة المركزية والقوى الصناعية تشبه النزاعات بين الامبراطور وامراء الحرب المحليين. وكأن التاريخ يعيد نفسه.
ولا شك في ان اسرائيل هي أكثر دول العالم براعة في ادارة المياه. فهي طورت أنظمة تقلِّص تبديد المياه. ويسعى باحثو جامعة النقب في تحويل الصحراء الى مساحة خضراء. ولكن اسرائيل سرقت مياه دول الجوار، وقطعت مياه طبريا عن الأردن. ففي الماضي، كانت المياه تفيض عن حاجة الأردن، وهي، اليوم شحيحة. والحق أن قضايا المياه معقدة. فقد يحسب المرء أن مد أنابيب المياه، يحرر النساء من مهمة نقل المياه الى المنازل، وهي مهمة شاقة تحتاج الى نحو 4 ساعات يومياً، ويعبّد، تالياً، الطريق الى مقاعد الدراسة، على ما حصل بأفريقيا. ولكن حركة طالبان سارعت الى مد المنازل بالمياه للحؤول دون خروج النساء الى المنازل. ففي افغانستان، صنبور المياه المنزلية هو في مثابة برقع ثان يحجب النساء.
عن ايريك أورسينا صاحب"رحلة في بلاد القطن"و"مستقبل المياه"،"لونوفيل أوبسرفاتور"الفرنسية، 13-19/11/2008
نشر في العدد: 16672 ت.م: 26-11-2008 ص: 29 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.