لم تتمكن محافظة البصرةالجنوبية، التي كانت على امتداد ثلاثة عقود ماضية مسرحاً للحروب الكبيرة، من إزالة عشرات من حقول الالغام المنتشرة في بساتينها وقراها، فيما يؤكد مختصون ان قضاء شط العرب هو اكثر المناطق التي تتركز فيها الالغام الارضية. وكانت"منظمة الرافدين"في محافظة البصرة 500 كم جنوببغداد التي تُعنى بإزالة الألغام الأرضية، أعلنت أنها تعد خطة مستقبلية لتطهير قضاء شط العرب من المساحات الملغومة. ويقول مدير المنظمة علاء عبدالمجيد ل"الحياة"إن"قضاء شط العرب هو المنطقة الأكثف من حيث المساحات المزروعة بالألغام كونها أقرب منطقة عراقية إلى الحدود الإيرانية التي شهدت معارك طاحنة بين عامي 1980 و 1988". وكانت منظمة الاممالمتحدة اعلنت وجود نحو 25 مليون لغم ما زالت مزروعة في جميع مناطق العراق وتشكل تهديدا يوميا لسكانه. واعتبرت المنظمة أن المساحات الملغومة في البصرة تشكل المساحات الأكبر في العراق، حيث تمتد على معظم الشريط الحدودي مع إيرانوالكويت، فيما لفتت الحكومة المحلية في البصرة الى ان مهمة ازالة الألغام في المحافظة معقدة وتحتاج الى تكاتف الجهود الدولية والمحلية. وقال احد خبراء منظمة ازالة الالغام في البصرة ان"هذه المهمة تحتاج إلى خطة ضخمة بالتنسيق مع شركات عالمية، إذ ان الألغام تغلغلت في التربة بسبب مرور وقت طويل على وجودها، بالاضافة الى عدم وجود امكانات عراقية في هذا المجال ما عدا تمكن الكوادر العراقية من شق قنوات للعبور ضمن المساحات الملغومة في حال الحاجة إليها"مشيرا الى"عدم وجود مناطق ملغومة غير مكتشفة حتى اليوم". وكانت الحكومتان العراقية والايرانية وفرتا بشكل متبادل خرائط حقول للالغام المنتشرة على الحدود خلال فترة التسعينات من القرن الماضي. وأدى استمرار انتشار الألغام في البصرة الى تضرر الانتاج الزراعي والحيواني في المحافظة فضلاً عن الخسائر البشرية والاصابات المستمرة. ويلفت الكثير من سكان قضاء التنومة المتاخم للحدود العراقيةالإيرانية الى تركهم مساحات شاسعة صالحة للزراعة او السكن وحتى إمتناعهم من المرور قربها بسبب حوادث انفجار الالغام. وقال خالد الساري، وهو أحد سكان القضاء، انه فقد عدداً من افراد عائلته، بينهم والده وشقيقه، في حوادث انفجار منفصلة على مدى السنوات الخمس الماضية حيث تكثر الألغام مع الاقتراب من الحدود. ويؤكد شاكر صالح 55 عاماً الذي يسكن التنومة أيضاً، ان اهالي المنطقة تخلوا عن أجزاء واسعة من أراضيهم الزراعية بعد اكتشاف وجود عدد من حقول الالغام فيها. وقال:"نحن نكتفي بزراعة ما يقارب15 في المئة من أرضنا فيما لم تستجب الحكومة لمطالبنا المتكررة بتنظيف المنطقة من حقول الالغام". ويلفت الى ان"الجهات المعنية لم تكلف نفسها احاطة حقول الالغام بأسلاك شائكة وعلامات اشارة لمنع دخول البشر والحيوانات اليها"مشيراً الى"اننا نعتمد على معرفتنا العينية بأماكن الالغام فعلمناها بإشارات بسيطة لتجنب انفجارها". ناحية صفوان، الواقعة جنوبالبصرة والمتاخمة للحدود العراقية - الكويتية، تشكو هي الاخرى من حقول القنابل العنقودية غير المنفجرة التي نشرها الجيش الاميركي في عامي 1991 و2003. ويقول خضير دحام 42 عاما إن ابن أخيه أصيب بالعمى الدائم نتيجة انفجار قنبلة عنقودية بالقرب منه. وكانت الطائرات الأميركية القت إبان حرب الخليج الثانية كميات كبيرة من القنابل العنقودية على الجيش العراقي المنسحب من أرض الكويت عام 1991. ويؤكد محمد ناصر 29 عاما من اهالي صفوان أيضاً، ان سكان المنطقة يحاولون بيع مزارعهم القريبة من الحدود الكويتية ولكن لم يجدوا من يشتريها بسبب الكثير من الحوادث التي تسببت بها القنابل العنقودية هناك.