تجتاح العالم أجمع والمنطقة العربية تحديداً، موجة غلاء طاولت أسعار المواد الأساسية. وتعزى لأسباب عدة منها ارتفاع أسعار مشتقات النفط وانخفاض سعر صرف الدولار وارتفاع سعر صرف اليورو وتدني نسبة دخل المواطن العربي. ويعاني الأردن كغيره من البلدان تبعات هذه التغيرات، وارتفاع الضغوط على الحكومة سببه العجز الحاصل في الموازنة واعتمادها على استيراد القمح من دول مثل سورية ودول أوروبا الشرقية لعدم توافر المادة الاستراتيجية بكميات كبيرة لأسباب عدة، منها ارتفاع مساحات التصحر في الأراضي وشح المياه. وأقدمت الحكومة الأردنية قبل شهرين تقريباً على رفع الدعم عن أسعار اصناف من الطحين، ارتفعت بنسبة 150 في المئة وتستخدم في صناعة الخبز الافرنجي والحلويات والمعجنات والكعك البلدي ليرتفع ثمنها ما بين 20 - 60 في المئة، وأبقت الدعم على الطحين العادي الذي يستخدم في صناعة الخبز الرئيس المتداول بين عامة الشعب ويوزع على المخابز بكميات محددة. وعللت الحكومة القرار بارتفاع أسعار القمح عالمياً واقدام مربي الماشية على استعمال الطحين المدعوم كأعلاف لماشيتهم عوضاً عن الاعلاف التي ارتفعت أسعارها عالمياً، اضافة الى تقليص نسبة الدعم الحكومي لمادة العلف. وفي تصريح الى"الحياة"، أشار نقيب أصحاب المخابز عبدالاله الحموي الى أن ما يستهلكه الاردن من القمح يتجاوز 720 ألف طن سنوياً يستهلك ما يقارب 550 ألف طن من الطحين الذي تدعمه الحكومة بمبلغ 130 مليون دينار سنوياً. ويستهلك أيضاً 50 ألف طن سنوياً طحيناً غير مدعوم بأنواعه الزهرة والزيرو والسميد. وذكر الحموي أن الاردن يستورد القمح من مصادر مختلفة مثل سورية وروسيا وكازخستان بأسعار تفضيلية ومناسبة، مشيراً الى أن عملية الاستيراد مفتوحة من أي منطقة من مناطق العالم، لكن الحكومة تبتعد باستيرادها من مناطق ترتفع فيها الاسعار مثل الولاياتالمتحدة واستراليا وكندا. اما بالنسبة الى الطحين فاستيراده مفتوح أمام التجار، لكنهم لا يخاطرون خوفاً من عدم استعماله لفترة طويلة وتكديسه في المخازن لأنه سريع التلف. وعن نية الحكومة الاستمرار في دعم أسعار الطحين، أجاب بأنها"تعتمد في ذلك على الأسعار العالمية". وذهب الحموي الى القول إن الحكومة سمحت لأصحاب المخابز بانتاج رغيف صغير الحجم من الطحين المدعوم للتخفيف عن المواطنين. وأشار الى وجود دراسة تشترك في اعدادها نقابة ووزارة الصناعة والتجارة بهدف خفض أسعار الطحين غير المدعوم الذي يقدم للمخابز فقط لتخفيف العبء على المواطن. وترك هذا القرار أثراً في المواطن الاردني، بخاصة انه شمل أصنافاً رئيسة مثل الكعك البلدي الذي يعتبر مادة وعنصراً غذائياً أساسياً لذوي الدخل المحدود فارتفعت أسعاره 40 في المئة تقريباً بسبب الغاء الدعم. وشكا أصحاب المخابز من تبعات القرار، فأكد عدد منهم انخفاض مبيعات راوحت بين اصناف شملتها الزيادة 30 و 50 في المئة بحسب موقع وجود المخبز في المناطق الراقية وسكانها ذوي الدخل المرتفع، الذين ربما لا يؤثر ارتفاع الاسعار فيهم في شكل كبير على عكس سكان المناطق الشعبية اصحاب الدخل المحدود والمتدني الذين يتأثرون بأي ارتفاع لأي سلعة. لا تعتبر زيادة أسعار الطحين العبء الوحيد الذي يعانيه المواطن الاردني، فقد تراكمت الأعباء المالية عليه نتيجة ارتفاع اسعار معظم مواد الغذاء وربما ستزداد في المدى القريب لنية الحكومة رفع الدعم عن أسعار مشتقات النفط وتحريرها على رغم تأكيدها المستمر زيادة الرواتب لموظفي القطاع العام ومتلقي الدعم منها، وحض القطاع الخاص على زيادة رواتب موظفيه. وتفكر الحكومة ايضاً بتخصيص دعم سنوي مقطوع يتراوح بين 100 و 150 ديناراً للأسر التي لا تشملها زيادة الرواتب أو المعونة المباشرة.