جاءت المؤشرات الأولى لدراما رمضان لتؤكد على طفرة تشهدها الدراما المصرية التي سبق أن عانت من أمراض كثيرة. ويبدو أن المنافسة السورية - المصرية، على عرش الدراما العربية انعكست بالايجاب هذا العام على حال الدراما المصرية التي كانت تشهد تردياً من عام الى آخر. وتبدو اللمسات السورية والأردنية واضحة أيضاً من خلال وجود المخرج حاتم علي - مخرج"الملك فاروق"والأردني محمد عزيزية - مخرج"قضية رأي عام"واللبناني يوسف شرف الدين مخرج"الدالي". بين الشريف ويحيى من أهم السمات العامة التي اتسمت بها دراما النجوم في رمضان هذا العام هو الإيقاع المشدود، بعيداً عن التطويل والملل اللذين كانت تتسم بهما معظم المسلسلات المصرية. فهناك أحداث سريعة، وعناية أكثر بتفاصيل الصورة. في مقدم هذه المسلسلات"الدالي"للنجم نور الشريف والذي تزداد التكهنات في شأنه يوماً بعد يوم، إذ يتردد أنه يتناول قصة حياة رجل الاعمال والوزير الاسبق ونسيب الرئيس السادات عثمان أحمد عثمان، وذهب البعض الى القول بأن الخطوط الرئيسية للشخصية تتشابه أيضاً مع بعض سمات حكاية الرئيس رفيق الحريري. وعلى رغم نفي الشريف وجميع أسرة العمل لكلا الاحتمالين إلا أن أحداث المسلسل اللاهثة وظهور شخصية الرئيس السادات في الحلقات الأولى، وفي أكثر من مشهد يرجح الاحتمال الأول. وبعيداً من هذه التأويلات، نستطيع أن نقول إن نور الشريف نجح في اختيار موضوع يهم كثراً من ابناء المجتمع المصري الذين يشعرون انهم ضحايا لسياسات الخصخصة، والتي يرفضها الدالي في مسلسله، هو الذي يرفض بيع الأراضي المصرية ويدخل في صراعات مع مافيا رجال الاعمال، ومصالح بعض الدول الأجنبية التي تتعارض مع سياسته. لقد نجح المخرج يوسف شرف الدين في ايجاد ايقاع سريع وتوظيف الفلاش باك لتكوين صورة متناقضة عن سعد الدالي، الذي يبدو بطلاً في مواقف وفاسداً في أخرى. ومسلسل"الدالي"متعدد الأجزاء - بحسب ما ذكر مؤلفه الدكتور وليد يوسف وتبدأ أحداث الجزء الأول من عام 1965 حتى 1979 حيث يركز على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مصر في تلك الفترة. كوميديا فخرانية واذا كان نور الشريف يراهن على جدية الموضوع والقضايا المهمة التي يناقشها"الدالي"، فإن الفنان يحيى الفخراني اختار هذا العام خطاً درامياً قد يشكل صدمة للبعض من جمهوره من الذين اعتادوا رؤيته على نمط الرجل الملتزم صاحب الرسالة فهو في"يربى في عزو"من تأليف يوسف معاطي وإخراج مجدي أبو عميرة يقدم تركيبة درامية جديدة عليه وعلى الدراما المصرية في الفترة الأخيرة. شخصية الرجل المرتبط بأمه في شكل مرضي، فهو بالغ من العمر ستين عاماً ولا تزال أمه تعامله على أنه طفل صغير، استخفاف الفخراني جعلته يذهب بهذه الشخصية الى منطقة كوميدية تثير الضحك في معظم المشاهد، ولكن ستشهد الأحداث تغييراً جذرياً بمجرد وصول ابنة عمه عالمة الذرة - تجسد دورها نهال عنبر - والتي يختلف عالمها عن عالم حمادة تماماً ويشهد المسلسل عودة حقيقية للنجم سامح الصريطي والفنانة القديرة كريمة مختار. ومع بداية عرض الحلقات الأولى لمسلسل"قضية رأي عام"للنجمة يسرا وإخراج الاردني محمد عزيزية صار واضحاً أن يسرا تجاوزت أزمة مسلسلها الأخير"أحلام امرأة عادية"والذي كان من اسوأ الأعمال التي قدمتها في الفترة الماضية، خصوصاً أنه كان يحمل كل عيوب الدراما المصرية من تطويل وتفصيل دور على مقاس النجمة الكبيرة. ولكن هذا العام من خلال نص جيد للمؤلف محسن الجلاد ومخرج يعرف كيف يدير ممثليه ويملك إيقاعاً تمكنت يسرا من تجاوز أزمتها الماضية لا سيما وأن قضية الاغتصاب والتي تزداد نسبتها في المجتمعات العربية عاماً بعد عام، ونظرة المجتمع للفتاة المغتصبة هي قضية شديدة الجرأة. وحتى الآن تمكنت يسرا التي تجسد دور استاذة طب الاطفال عبلة من السيطرة على الشخصية وكل انفعالاتها، هي والفنانة الشابة لقاء الخميسي تجسد دور الطبيبة الشابة حنان التي تم اغتصابها هي الأخرى وستشهد الحلقات المقبلة صراعاً بين الضحايا وتقاليد المجتمع التي تعامل الضحية على أنها المسؤولة عما حدث لها. وعلى رغم انتظار الملايين لمسلسل"حنان وحنين"الذي يعد التجربة الاولى للنجم عمر الشريف في الدراما التلفزيونية إلا أن حلقات المسلسل الأولى تكشف انه لا يزال مترهل إيقاعه مترهل والمتألق الوحيد في نجومه هو النجم عمر الشريف.