دفع التهيؤ للانتخابات النيابية الفرعية في لبنان، في دائرتي المتن الشمالي وبيروت الثانية، الأطراف المعنية إلى تظهير مواضيع الخلاف السياسي في البلاد، في التعبئة الانتخابية التي انطلقت بقوة أمس عبر خطابين للمرشح عن مقعد المتن الرئيس السابق أمين الجميل والذي شغر باغتيال نجله الوزير والنائب بيار الجميل، ولزعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري الذي رشح محمد الأمين عيتاني للمقعد الذي شغر في بيروت باغتيال النائب القاضي وليد عيدو من التيار نفسه. فأكد الجميل ان"المعركة هي بين من يريد استكمال مسيرة الاستقلال وبين من يعمل لإعادة عقارب الزمن إلى الماضي القريب، بكل سجله الأسود"، فيما شدد الحريري على ان"بيروت خط أحمر". وفيما تواصلت معارك مخيم نهر البارد وحقق الجيش اللبناني تقدماً في أحياء داخلية قريبة من الأبنية التي يتحصن فيها مَن تبقى من مسلحي"فتح الإسلام"، وسقط 13 قتيلاً من هؤلاء خلال اليومين الماضيين، تردد ان 3 شهداء سقطوا للجيش الذي وضعت وحداته يدها على مستودعات أسلحة جديدة للتنظيم تضم مناظير ليلية ومتفجرات. راجع ص 7 وأصدرت قيادة الجيش بياناً مساء أمس، أكدت فيه ان وحداته تستمر بالعمل لإزالة الألغام والأفخاخ والعوائق"لتأمين حركية قواته وسلامتها، وقد ضبطت أثناء تقدمها كميات من الأسلحة والذخائر والمتفجرات والمعدات العسكرية المتطورة". وأضافت ان"قيادة الجيش إذ تنبه مسلحي فتح الإسلام إلى ان مواصلة إطلاقهم الصواريخ العشوائية باتجاه قرى عكار أصبحت مكشوفة الأهداف أمام أبناء هذه المنطقة الشرفاء، تدعو مجدداً مَن تبقى منهم إلى التوقف عن محاولات تضليل الذات والآخرين، والمبادرة السريعة إلى تسليم أنفسهم قبل فوات الأوان، لا سيما ان هامش المبادرة لديهم بات ضيقاً جداً، كما تدعوهم ومهما كان قرارهم، بالاستسلام أو عدمه، إلى الإفراج عن أفراد عائلاتهم، لأن الاستمرار في احتجازهم قسراً، جريمة أخرى سيتحملون مسؤوليتها". وفي دمشق قالت مصادر متطابقة ل"الحياة"ان توافقاً فرنسياً ? سورياً حصل أثناء زيارة الموفد الفرنسي جان كلود كوسران لدمشق الأسبوع الماضي، على ان حل أزمة لبنان يبدأ بحكومة وحدة وطنية، ثم رئاسة الجمهورية، إذ أكد الجانب السوري انه سيبذل الجهود الممكنة للوصول إلى توافق على أساس الدستور، وانتخاب رئيس الجمهورية على أساس ثلثي أعضاء البرلمان. ووعدت دمشق كوسران بالتشاور مع المعارضة في لبنان بما لا يتناقض مع مصالحها. وكان الرئيس الجميل الذي ينافسه على المقعد الدكتور كميل الخوري، مرشح"التيار الوطني الحر"بقيادة العماد ميشال عون، أثار في خطاب له أمس ما سبق لعون ان لمّح إليه في حديث تلفزيوني من دون ان يسميه عن إمكان تأجيل الانتخابات الرئاسية لشهر أو شهرين، فسأل: أي مصلحة لبنانية تسمح بأن نعلق انتخابات رئاسة الجمهورية وتأجيل هذا الاستحقاق الذي هو رمزية وطنية وضمانة دور المسيحيين وموقعهم في المعادلة الدستورية... ومن يؤكد لنا ان هذه الانتخابات الرئاسية ستحصل بعد شهر أو أكثر، وبأي شروط وأي تنازلات؟ وأضاف:"المعركة هي بين بقاء الجمهورية وعدم بقائها، وليست بين أكثرية وأقلية...". وتستمر الاتصالات من قبل وسطاء مع العماد عون، وفي طليعتهم حليفه النائب ميشال المر، صاحب الثقل الانتخابي في دائرة المتن الشمالي لتأمين مخرج يؤدي الى مصالحة بين عون والجميل كي يسحب الأول مرشحه ضد الثاني، ولتأمين فوز الجميل بالتزكية بالمقعد الذي يعود الى حزب الكتائب الذي يتزعمه. وإذ تشكل المعركة الانتخابية في المتن الشمالي اختباراً للقوة وسط المسيحيين، له تأثيره على معركة رئاسة الجمهورية في أيلول سبتمبر المقبل، حيث يسعى المتنافسان الرئيسان، الجميل ومعه قوى 14 آذار، وعون ومعه حلفاؤه في المعارضة لكسب التأييد المسيحي، فإن مصادر واسعة الاطلاع أوضحت ان"حزب الله"حليف عون الذي لا ثقل انتخابياً له في المتن يفضّل عدم خوضه المعركة لأسباب مبدئية، هي عدم اعترافه بشرعية الدعوة إلى الانتخابات الفرعية في المتن وبيروت، لأنه وسائر حلفائه في المعارضة يعتبرون حكومة الرئيس فؤاد السنيورة غير شرعية، وأن الترشح للانتخابات يشكل خرقاً لهذا الموقف المبدئي، يضعف الإصرار على ان الحكومة بحكم"عدم دستوريتها"غير قادرة على تسلم صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو ما يبرر مطلب المعارضة قيام حكومة وحدة وطنية قبل الانتخابات الرئاسية. وأمس أعلن رئيس كتلة نواب"حزب الله"النائب محمد رعد ان الحل للأزمة السياسية هو"بالشراكة والتوافق لأننا إذا توافقنا على حكومة للشراكة الوطنية ولم نتوافق على رئيس فالحكومة تحفظ الاستقرار وتمثل دوراً انتقالياً ريثما نتوافق على رئيس، أما إذا لم نتوافق على رئيس وتركنا البلاد بلا حكومة شرعية تتحقق فيها الشراكة فالبلد يسير حتماً الى الفوضى". وإذ قرر"حزب الله"عدم خوض المعركة الانتخابية في بيروت بدعم مرشح المعارضة "حركة الشعب"التي يتزعمها النائب نجاح واكيم ابراهيم الحلبي، في بيروت الثانية التي للحزب ثقل انتخابي، على رغم ثقة تيار"المستقبل"بقدرته على كسب أكثرية الأصوات فيها، فإن تبرير"حزب الله"كان رفضه الاعتراف بشرعية الحكومة التي دعت الى الانتخابات، خصوصاً أن أوساط السنيورة ووزراء الأكثرية الحكومية اعتبروا ان ترشح رموز من المعارضة في المتن وبيروت، حتى لو سحبت الترشيحات تنتهي مدة سحبها الأحد المقبل اعتراف بشرعية الحكومة ودستوريتها. وفيما كان واضحاً ان للانتخابات الفرعية انعكاسات رمزية على الرئاسة الأولى، أعطى الحريري في خطابه الذي أطلق فيه معركة مرشحه، أبعاداً سياسية لها في الدائرتين معاً، فوجه التحية الى السنيورة ومجلس الوزراء الذي"أنقذ الديموقراطية في لبنان ودستور الطائف بقراره التاريخي الدعوة الى الانتخابات الفرعية"في بيروت والمتن. ووجه الحريري الشكر للنائب السابق تمام سلام"على موقفه البيروتي المشرّف وللجماعة الإسلامية على مشاركتهم في استرجاع مقعد الشهيد وليد عيدو من ايدي القتلة المجرمين". وقال الحريري:"لا خصوم في بيروت لأن خصمها معروف وهو قاتل رفيق الحريري ووليد عيدو وشهداء 14 آذار". واضاف:"نحن هنا لنقول لهم: بيروت خط أحمر، وكذلك كرامتها وعروبتها، وأهل بيروت لن يسلموها الى أحد، ولن يسلموا كرامتها الى أحد. فكرامة بيروت ليست ملكاً لأحد وليست منة من أحد، بل تكتسب اكتساباً، ونحن سنكسبها في 5 آب، في صناديق الاقتراع". السنيورة وبان والمحكمة من جهة أخرى، صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس السنيورة انه تلقى امس اتصالاً هاتفياً من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تداولا خلاله في موضوع"اختيار مكان عمل المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والجهود والمساعي المبذولة في هذا المجال، وأكد الأمين العام سعيه الحثيث من اجل انجاز كل ما يتعلق بإنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي كي تنطلق في عملها". وأجرى السنيورة اتصالاً هاتفياً بالرئيس الباكستاني برويز مشرف وبرئيس الحكومة الباكستانية شوكت عزيز، وكان بحث في أوضاع لبنان والمنطقة، واطلع السنيورة من مشرف وعزيز على الأوضاع في باكستان.