اختتمت في العاصمة الأردنية عمان الدورة الثالثة من الورشة التدريبية "صفحة جديدة" التي أقامتها مؤسسة المورد الثقافي بالتعاون مع دار "أزمنة" الأردنية. وشارك في أعمال الورشة كتّاب يمثلون دولاً عربية، من بينها مصر وسورية والمغرب وتونس وفلسطين والعراق والسودان وتتراوح أعمارهم بين 15 و30 سنة. تلقى المشاركون في الدورة مجموعة من التمارين اشرف عليها الشاعر الليبي خالد مطاوع والروائية المصرية سحر الموجي. واستهدفت هذه التمارين تهيئة الكتّاب والكاتبات عبر خمسة أيام من العمل المتواصل للتعامل مع الكتابة كحرفة تحتاج الى الكثير من مهارات الصقل والمراس. وقسّم المشاركون الى مجموعتين، قادت الأولى الكاتبة سحر الموجي الأستاذ المساعد في قسم الأدب الإنكليزي في جامعة القاهرة، وكان على كل كاتب أن يروي ثلاث حكايات من بينها حكاية واحدة مختلفة وعلى زملائه المشاركين اكتشاف تلك الحكاية. ولوحظ أن معظم الحكايات تأتي من مصادر الطفولة، أو من تجارب ومغامرات يومية اتسمت في غالبيتها بحس فكاهي. وعكست حكايات أخرى أنماط أو طبائع العلاقات الاجتماعية والسياسية في البلدان التي يمثلها الكتّاب الشباب وكانت الإشارة الى انعكاسات الفقر ومشكلات القهر الذي يحل على المرأة في المجتمعات العربية. وقاد الشاعر الليبي خالد مطاوع الأستاذ المساعد في جامعة ميتشغان الأميركية مجموعة أخرى من الكتّاب في تمارين تهدف الى إعادة تحرير أو صوغ بعض النصوص الشعرية لاكتشاف المعايير التي يلجأ إليها الكاتب لتأليف نصه خلال الكتابة. ومن ناحية أخرى قدم الكتّاب الشباب المشاركون في أعمال الورشة أوراقاً حول موضوعات أرادتها الجهة المنظمة في ثلاثة محاور هي: الأدب والسياسة والمثل الأعلى الأدبي والإعداد لعملية الكتابة. وتراوحت المداخلات بين إيمان مطلق بالدور السياسي للكاتب على النحو الذي طرحه الكاتب المغربي الشاب في ورقته التي سخرت من الذين يتركون الواقع ويكتبون عن الذباب، ورفض قطعي لهذا الدور عبّر عنه المصري محمود دسوقي حين طالب الكتّاب بالابتعاد من السياسة واصفاً إياها باللعبة"القذرة". وسعى مطاوع الى الانتقال بالحديث الى انعكاسات السياسة على الأدب في ما وصفه بپ"سياسات الأدب"عبر تناول موقف السلطات العربية من الكتّاب والمبدعين في مجالات النشر والجوائز. وخلال تلك النقاشات دارت أحاديث عن الهويات المهددة في ظل العولمة، وركز البعض على المكتسبات التي قدمتها ثورة الاتصالات والفضائيات والانترنت للكتابة الإبداعية من حيث قدرتها على إزاحة سلطة الرقيب، فضلاً عن دورها الفاعل في تنمية سبل التواصل بين الكتّاب والمبدعين. وتمّ التطرق الى التحديات التي يفرضها"عصر الصورة"على الأدب المكتوب. وتضمن برنامج الورشة لقاء مفتوحاً مع الكاتبة الأردنية سميحة خريس عرضت فيه تجربتها في الكتابة على ضوء المحاور المطروحة في اللقاء، مؤكدة أن الكتابة المتعجلة عن حدث ما هي نوع من الاستعراض الذي لا يليق بقيمة الأدب، وأن الرواية هي فن الانخراط في الحياة. ودعت خريس الكتّاب الشباب الى التحلي بالصبر وتحمل هذا التجاهل. والتقى الكتّاب المشاركون في الورشة الكاتب الأردني الياس فركوح في لقاء آخر ركز فيه على تجربته الحياتية والإبداعية، وتناول العلاقة بين السيرة الذاتية والرواية، مشيراً الى ضرورة وجود ميثاق بين كاتب السيرة وقارئها. وتحدث عن السيرة التي يمكن أن تصبح مادة خاماً للكتابة وليست موضوعاً للكتابة. وضرب مثلاً بعملين: الأول هو رواية محمود أبو هشش وعنوانها"حبر"وروايته الجديدة"أرض اليمبوس". وتناول نصاً للكاتب العراقي لؤي حمزة عباس عنوانه"كتاب المراحيض". وانتهى فركوح الى مخاطبة الشباب قائلاً:"أنتم مهددون بالتحول الى كتّاب نخبويين مع ازدياد الهوة بينكم وبين القارئ"، وذلك قبل أن يعرض تجربته في النشر عبر تأسيس دار"أزمنة"متناولاً مشكلات دور النشر مع الرقابة في ظل المد الديني المحافظ.