تبدأ أسواق النفط العالمية اليوم أسبوعاً جديداً من التعاملات بعد استقرار الأسعار الأسبوع الماضي فوق 72 دولاراً لبرميل الخام الأميركي الخفيف وفوق 78 دولاراً لبرميل مزيج"برنت"، وهو أعلى إغلاق أسبوعي للنفط منذ 11 شهراً، ونحو 6.675 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز الطبيعي. إلا ان التوتر هو السائد في أسواق الطاقة، التي لم يطرأ عليها أي تغيير لجهة العرض والطلب. وفي الولاياتالمتحدة، أكبر مستهلك عالمي للنفط، يتخوف المراقبون من صيف حار بسبب ارتفاع الاستهلاك في موسم العطلات الصيفية وما يصاحبها من سفر بري. ويأتي الحرص الأميركي في عمليات الشراء لرفع المخزون دائماً بنتيجة واحدة، هي ارتفاع الأسعار. ومع ذلك، أكدت"أوبك"ان بيانات المخزون تعطي المزيد من المرونة في المستقبل، وأن ارتفاع الأسعار الحالية لم ينتج من نقص العرض في الأسواق، فيما لم ترَ حاجة إلى رفع معدلات الإنتاج الحالية. وتجاوبت"أوبك"التي تنتج أكثر من ثلث النفط العالمي مع احتياجات الأسواق ورفعت الإنتاج مرتين العام الماضي، بواقع 1.7 مليون برميل يومياً، ما خفض سعر البرميل من 78 دولاراً في آب أغسطس الماضي إلى نحو 50 دولاراً في كانون الثاني يناير الماضي. وليس ثمة آفاقاً منظورة للخروج من هذه المعدلات المرتفعة، بينما توقعت وكالة الطاقة الدولية ان تواجه الأسواق خلال السنوات الخمس المقبلة نقصاً حاداً لعدم قدرة الدول المنتجة من خارج"أوبك"على زيادة إنتاجها تماشياً مع الزيادة المتوقعة في الاستهلاك. وقال خبير الأسواق النفطية أيمن سيف"ان الأسعار المرتفعة قد تكون مفيدة من جانب معين للمصدرين، لكنها مضرة من ناحية أخرى، فهي كفيلة برفع أسعار سلع أخرى، بما فيها المشتقات التي تستوردها تلك الدول، كما ان التقلبات السعرية خلال أقل من سنة بين 78 و50 دولاراً، أي بنسبة تغير تبلغ 40 في المئة، غير مفيدة لرجال الاقتصاد ووضع الموازنات أحياناً". وحول التوقعات المستقبلية لأسعار النفط العالمية ومدى تأثيرها في الاقتصاد الخليجي، عزى المحلل الاقتصادي والنفطي الكويتي حجاج بوخضور الارتفاع الحالي إلى أسباب أبرزها الأوضاع السياسية المتمثلة بالملف النووي الإيراني والاضطرابات السياسية في نيجيريا حيث باتت شركة"توتال"الفرنسية تشكك في إمكان الاستمرار في عملها على المدى البعيد. وأشار أيضاً إلى الأسباب الموسمية، كالإجازات التي تنتهي نهاية أيلول سبتمبر، وما تسببه من ضغط على المصافي العالمية، التي لا تلبي الحاجة المتزايدة عالمياً على النفط، والتي ستكون في أوجها مطلع 2008 ومع نهاية الربع الأخير للسنة الحالية. كذلك تزداد المخاوف من اقتراب موسم الأعاصير، التي بلغت هذه السنة 17 إعصاراً، بينها 12 إعصاراً مدمراً، الأمر الذي أثر في حركة المصافي العالمية، فيما تشهد أنابيب بحر الشمال مشكلات فنية منذ فترة طويلة. وأشار بوخضور إلى ان صناديق الاستثمار التي تتخذ من المضاربة نهجاً لتحقيق الأرباح، تزيد في توتر السوق، متوقعاً ان تتراوح الأسعار حول 80 دولاراً للبرميل خلال الأسبوعين المقبلين، إذ تتجه الأسعار إلى كسر السعر القياسي البالغ 78 دولاراً. وربط كسر حاجز المئة دولار بحدوث تغير سياسي جذري، خصوصاً في حال إغلاق مضيق هرمز الذي يصدر 18 مليون برميل، يومياً تمثل 80 في المئة من إنتاج أوبك. وقال بوخضور ان ارتفاع أسعار النفط العالمية على المدى الطويل سيرفع من إيرادات دول الخليج العربي المعتمد ناتجها الوطني بشكل كبير على الصادرات النفطية، لكن الانخفاض الحالي للدولار يقلل من قيمة إيراداتها النفطية، ما قد يؤثر بشكل كبير على مسيرة الاقتصاد الخليجي مستقبلاً. ودعا إلى تغيير السياسات النقدية الأميركية، أو فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار، أو تحديد أسعار الصادرات النفطية بناء على العملة الخليجية الموحدة التي لا تزال بانتظار قرار سياسي.