طغى الهم السياسي على احتفالات لبنان بعيد العمال، الذي عاد خجولاً هذا العام إذ اقتصرت التحركات النقابية فيه على اصدار بيانات فيما تُركت الساحات لسياسيين يحفزون من خلال كلماتهم المزيد من الاستقطاب للمناصرين والمعارضين. وباستثناء توقف المؤسسات العامة والمصارف والمؤسسات التربوية عن العمل، لم تشهد المناطق اقفالاً تاماً للمتاجر والمحلات والمطاعم ودكاكيين الحرفيين الذين ارادوا تجنب المزيد من التعطيل لأرزاقهم التي تواجه الجمود منذ أشهر طويلة. وتمنى رئيس الجمهورية اميل لحود ان يعود العيد"في ظروف معيشية واقتصادية وحياتية افضل، خصوصاً في ظل الاوضاع الصعبة التي يعيشها العمال وأرباب العمل على حد سواء، والتي تفاقمت بعد الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان التي أدت الى ازدياد المشكلات الاجتماعية فيه ولا سيما البطالة منها". وشدد لحود على اهمية"الشراكة في المجتمع بين الدولة وارباب العمل والعمال"، معتبراً"هذا المثلث ضامناً للامن الاجتماعي والتوازن في الحياة اللبنانية لكونه يدعم صمود لبنان على اكثر من صعيد". وأكد ضرورة ان تؤمن الدولة حقوق العمال لأنها"ليست منة من احد بل هي واجب من واجبات الدولة"، وقال:"يؤلمني ان تكون المشاريع الاجتماعية التي اقرت وفق الاصول في المؤسسات الدستورية لا يزال بعضها مجمداً والبعض الآخر ينتظر مراسيم تطبيقية حالت الظروف التي مر بها الوطن خلال السنوات الماضية وبعض المواقف السياسية دون تحقيقها". وأمل بأن"تولي الدولة في الآتي من الأيام الاهتمام المباشر بقضايا العمال لا سيما مشروع قانون ضمان الشيخوخة والبطاقة الصحية ووسيط الجمهورية لاخراج العامل من الصعوبات التي يواجهها على اكثر من صعيد"، مشيراً الى"النزف المستمر من طريق الهجرة الى الخارج. وأقام الاتحاد العمالي العام احتفالاً في مقره بمشاركة ممثل عن رئيس الجمهورية. وأقامت"جبهة التحرر العمالي"مهرجاناً خطابياً للمناسبة في قاعة جمعية الرسالة الاجتماعية - عاليه برعاية رئيس"اللقاء الديموقراطي"النائب وليد جنبلاط ممثلاً بالنائب اكرم شهيب، وفي حضور عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب فادي الهبر ممثلاً الرئيس الاعلى للحزب الرئيس امين الجميل، موسى فغالي ممثلاً وزير العمل بالوكالة حسن السبع، وقيادات نقابية وعمالية ورؤساء بلديات وفاعليات روحية واجتماعية. وعدد عصمت عبدالصمد في كلمة الجبهة المشكلات التي يعاني منها العمال وقال:"نحن لا نعفي الحكومات التي تعاقبت في الماضي ولا سلطة الوصاية التي كانت تتحكم بالبلد من هذه المسؤولية، انما اليوم فمن نطالب ومن نواجه؟ حكومة المعطلين للمؤسسات وللاقتصاد بخيمهم وطرقاتهم المقطوعة ام الحكومة الشرعية المكبلة والمطوقة؟ فها هو مؤتمر باريس 3 اصبح كليشيه والاصلاح تحول الى شعار. انهم وبحجة مطالبتهم بحكومة وحدة وطنية وبدعة الثلث الضامن او المعطل لم يتركوا مجالاً او قطاعاً او مرفقاً الا وعطلوه. عمقوا الازمة وتمادوا في افقار الناس ليسهل عليهم مصادرة قرارهم". وتوقف الامين العام للتحالف النقابي الديموقراطي ياسر نعمة عند"الايام الخمسة الحزينة التي اخافت الناس، بل افزعتهم بدأت باختطاف الشاب الكادح الباحث عن رزقه زياد قبلان، والفتى المتدرج على عتبات العلم زياد الغندور، وانتهت بتشييعهما بجنازة واحدة غاضبة". وقال:"اول أيار عام 2007، معتماً جاء. وصلنا اليه بأشق وأتعس الظروف، فهو كهذه السنة، دخلنا اليها ووصلنا اليه والخلافات تعصف بالوطن، ويذهب ضحيتها الناس الذين لا يستطيعون التغلب على الواقع، فيسقطون ضحايا البطالة وقلة الانتاج والخوف من المستقبل المظلم، فمنهم من ينهار ولا تقوم له قائمة. يقولون ان هؤلاء قلائل وان غالبية الناس تعيش بألف خير، ولهؤلاء نقول ان اكثرية الشعب تتململ مما يحدث ومما هو حاصل من ممارسات بعض السياسيين الخاطئة والانفعالية والذاتية والانانية الفجة التي لم تنضج". وتحدث باسم رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور شربل كفوري وباسم المجلس النسائي فائقة تركية ويوسف محي باسم الاتحاد العام للمزارعين. ورأى النائب شهيب في كلمته ان العيد"يطل علينا هذا العام والوطن غارق في سلسلة ازمات متلاحقة تزكيها نار الاغتيال وثقافة المقابر والخطف والتفجير"، حاملاً مجدداً على النظام السوري. وقال:"جريمة اغتيال الزيادين كادت ان تودي بالوطن الى كارثة لولا حكمة وشجاعة ورجولة قائد هذا الحزب الذي احتوى هذه الفتنة وانقذ الوطن، محاولاً فتح كوة في جدار المراوحة السياسية والتعطيل الاقتصادي وقتل كل محاولة حل وحوار، على امل ان يلاقيه الفريق الآخر الى منتصف الطريق، هذه الملاقاة التي لم تظهر معالمها حتى الساعة". وتوقف شهيب عند وصف نائب الامين العام لپ"حزب الله"الشيخ نعيم قاسم لكلام النائب وليد جنبلاط ب"الايجابي". وقال:"نحن نرى بما قرأناه ان الايجابية لم تتعد الشكل، اما مضمون كلامه فپ"دفن القتيلين بهدوء ونحن على مواقفنا"، كما كلام رئيس كتلتهم النيابية محمد رعد الذي وصفنا نحن بعد الجريمة بالانقلابيين المحتلين لمواقع السلطة قائلاً ان لا حل الا بالانتخابات النيابية المبكرة، وحل الازمة يكون بحكومة وحدة وطنية على طريقتهم، اي الامساك بقرار آخر موقع من مواقع السلطة بعد مصادرة موقع الرئاسة وتأميم مجلس النواب". وقال شهيب:"نحن ننتظر كلاماً آخر، كلاماً مسؤولاً بحجم المخاطر التي يمر بها الوطن. فوليد جنبلاط لم يحتو الفتنة فقط، بل طالب بفتح الباب لحوار سياسي على قاعدة ما اتفق عليه على طاولة الحوار. رئيس الحكومة قبل"جريمة الزيادين"قال إن المشكلة ليست مشكلة العدد أهلاً وسهلاً على قاعدة حل سياسي وطني، وبين مواقف جنبلاط والسنيورة كل قادة الرابع عشر من آذار أكدوا أن الحل بالحوار، والحوار ليس للحوار بل للاتفاق على ثوابت سياسية". واشار الى ان"عملية الربط بين المواقف الثلاثة تؤكد انه قبل استقالة وزراء"حزب الله"وحركة"أمل"، اي قبل المشروع الانقلابي حصلت اتفاقات أجمعنا عليها. العلاقات مع سورية، ترسيم الحدود، تبادل ديبلوماسي، التحديد والترسيم لمزارع شبعا، السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، المحكمة ذات الطابع الدولي. علق موضوع ازمة الحكم - رئاسة الجمهورية - وحينما بدأ البحث الجدي بموضوع الاستراتيجية الدفاعية وموضوع السلاح أخذنا الى حرب تموز، وخلال الحرب حصل اجماع على النقاط السبع في مجلس وزراء مكتمل وكانت النقاط موضوع توافق بين بري والسنيورة وشكلت اساس الحركة الديبلوماسية، ثم حصل اجماع على القرار 1701، واقر الالتزام بالاجماع بمجلس الوزراء، ثم حصل اجماع على باريس- 3 على رغم الملاحظات على الورقة الاصلاحية... اذا كنتم جديين وتعملون لتجاوز الفتنة، واذا كان كلامكم باستنكار الجريمة ووأد الفتنة ليس كلاماً شكلياً، فلماذا لا تعلنون انكم توافقون على قيام حكومة وحدة وطنية بيانها الوزاري هو الاجماعات الوطنية التي اشرت اليها والتي تعلن الالتزام بمقررات طاولة الحوار وتعلن الالتزام بالنقاط السبع وبالقرار 1701 وباريس 3؟". وأكد شهيب"اننا نريد حكومة وحدة وطنية حقيقية على هذه الاسس التي تكسر الجرة، فاقلعوا عن تدوير الزوايا واتهام الآخرين واللعب بالاوقات والارقام، تفضلوا نشكل حكومة اذا كنتم صادقين، لكن يبدو حتى الآن ان لا استعداد لأي حل او ايجابية. نعم هناك تهيب واستنكار للجريمة، لكن يظهر ان الامر لم يقترن بعد بجدية حل في الوقت الذي ما زال المخطط يقضي بتشكيل حكومة ثانية وتعطيل استحقاق الرئاسة موجود والخيم خيم حيث هي، والخطاب السياسي لا يزال تشكيكياً ومتوتراً وانفعالياً. فلو كان من ارادة للحل نعلم ان المحكمة ستقر وتعلمون انه لا يزال ثمة فرصة لاحتضان المحكمة باقرارها في المجلس النيابي... فالى متى اقفال باب المجلس؟ نحن نعتبر ان اقرار المحكمة ينهي بنداً اساسياً من بنود الازمة وتبقى العناوين الاخرى، والسؤال: هل لا يزال"حزب الله"معلقاً اي حل في انتظار ما ستكون عليه العلاقة الايرانية الدولية؟ ام نرى ان هناك باباً مفتوحاً الآن لاستئناف المعالجة السياسية وتحصين البلاد؟ وما الذي يمنع استفحال الفتنة الا الحل السياسي؟ وهل بتعليق هذا الحل يتم اجهاض مشروع الفتنة؟ اسئلة لا نستطيع ان نجاوب عليها بتفاؤل، انما نحاول ان نخترق الجدار، وننتظر". أطفال لبنان يوجهون تحية الى الغندور ووجّه عشرات الأطفال تحية الى الضحيتين الطفل الغندور والشاب قبلان، خلال مهرجان"البالون الاستعراضي"الذي أقيم في ساحة النجمة في وسط بيروت أمس والذي كان الهدف منه"إعادة احياء وسط بيروت". إلا أن المنظمين،"رابطة الصيداويين"و"أسنان الحليب"، ارتأوا اهداء المهرجان عقب جريمة قتل الزيادين الى"الطفولة التي اغتيلت بقتل زياد الغندور"، داعين الى"اعادة الحياة الى العاصمة ونبذ الخلافات لتكون جريمة قتل الزيادين خاتمة احزان الشعب اللبناني". وحضر عشرات الأطفال من مختلف الأعمار للمشاركة في نشاطات ترفيهية، وكرر بعضهم جملاً ومفردات عن أن"براءة الطفولة ستنتصر على آلة القتل والتفرقة". وقال بعضهم إن زياد الغندور""قتلوه ليحدثوا فتنة في لبنان"و"زياد شهيد لبنان وقاتله مذنب يجب أن يشنق"و"لماذا قتلوه وهو طفل صغير لا يفهم السياسة؟".