صوّر الرئيس الأميركي جورج بوش زيارته لأميركا اللاتينية على أنها جولة تهدف إلى تأكيد اهتمام الولاياتالمتحدة بحديقتها الخلفية على عكس الاتهامات التي وجهت إلى إدارته بإهمال دول الجوار والانشغال بالشرق الأوسط والحرب على الإرهاب. جاء استقبال ساو باولو لبوش متوقعاً. وانتظره متظاهرون بلافتات وصفته ب"المجرم"، وعمت التظاهرات الشوارع التي طوقها رجال الأمن في مواجهة ينظر اليها على أنها صدام بين الرأسمالية التي يروج لها بوش في مقابل الاشتراكية التي يقودها زعماء يساريون كبرت سلطتهم ونمت معها شعبيتهم. وبعد البرازيل، ينتقل بوش اليوم الى اوروغواي وغداً الى كولومبيا والاثنين الى غواتيمالا والاربعاء الى المكسيك. وترغب الإدارة الأميركية في استخدام الجولة لتشجيع انتاج الايثانول واستهلاكه، أهم الدول اللاتينية انتاجاً للنفط، وبرامج الصحة والتربية في اماكن أخرى. وتحدت الحركات اليسارية البرازيلية, لا سيما حزب العمال الحاكم, التدابير الامنية المشددة المعمول بها وجمعت 50 الف شخص في تظاهرة احتجاجية خلال لقاء بوش مع نظيره البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا. ورأس بوش ولولا دا سيلفا مراسم توقيع شراكة من اجل تشجيع انتاج الايثانول واستهلاكه. كما تطرق بوش خلال زيارته البرازيل الى المفاوضات الدولية الهادفة الى الغاء الحواجز الجمركية الاخيرة بين الدول. لكن زيارة الرئيس الأميركي تهدف اساساً الى الوقوف في وجه مد يساري بدأ يتعزز خلال الاشهر الاخيرة في اميركا اللاتينية من اجل منع تشافيز من توسيع نفوذه المقلق بالنسبة الى الولاياتالمتحدة. وشهدت دول في اميركا اللاتينية اخيراً فوز يساريين او مناهضين للولايات المتحدة في الانتخابات كما في بوليفيا والاكوادور ونيكارغوا وفنزويلا. وغادر بوش ساو باولو بعدما رشق نحو 200 شخص ينتمون الى منظمة يسارية متطرفة لدقائق واجهة القنصلية الاميركية في المدينة بالحجارة والخشب والطلاء الاحمر. وأول من امس، تحولت مسيرة نسائية بمناسبة يوم المرأة العالمي الى تظاهرة معادية لبوش وضمت اكثر من ثلاثين الف شخص, بحسب المنظمين. وقدرت الشرطة عدد المشاركين في التظاهرة بعشرة آلاف. وتخللتها مواجهات تسببت بإصابة اشخاص بجروح. ووقعت مواجهات في بوغوتا عندما تظاهر عشرات الطلاب احتجاجاً على زيارة بوش المقررة غداً الى المدينة. ومع وصول بوش إلى مونتيفيديو في أوروغواي، يقف في الجانب الآخر من نهر ريو دو لا بلاتا في بوينس أيرس"مخرّب جولته"عدوه اليساري اللدود هوغو تشافيز، قائداً تظاهرة ضد"الشيطان"قبل أن ينتقل إلى لاباث ليتقدم تظاهرة احتجاجية مماثلة. ويصف تشافيز بوش باستمرار بأنه"شيطان تفوح منه رائحة الكبريت"ويتهمه ب"الابادة الجماعية"بسبب الحرب في العراق وبوش الذي أدرك ما ينتظره من تظاهرات، قال قبل الجولة:"أقصد أماكن عدة تجوب شوارعها تظاهرات. وموقفي هو: أحب الحرية وحرية التعبير". وإذا كان تشافيز تحدث عن"لعبة قدر"زامنت جولتيهما، يبدو توقيتها جلياً من الرئيس اليساري الذي أرادها"مباراة على الشعبية"في المنطقة.