مرة أخرى جددت الأيدي القاتلة عقابها للبنان الذي يحاول التخلص من اليد الثقيلة الخارجية التي تعرقل مسيرة المصالحة والاستقلال والسيادة فيه. فتفجير الحافلتين أمس وما نتج عنه من مقتل وجرح مدنيين أبرياء في المتن الشمالي، يظهر أن مسلسل القتل والتدمير الذي بدأ باغتيال الرئيس رفيق الحريري والنائب باسل فليحان ورفاقهما منذ سنتين، ما زال مستمراً. واليد القاتلة التي نالت من حياة شهداء لبنان: الحريري وفليحان ورفاقهما وسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار الجميل اضافة الى محاولات اغتيال كل من مروان حماده ومي شدياق وإلياس المر، مستمرة في معاقبة لبنان الذي يحاول التحرر من اليد القاتلة التي تمكنت من توظيف وكلاء في لبنان لتنفيذ هذه الجرائم المريعة. سمعنا أمس الجميع في لبنان من معارضة معتصمة الى أكثرية، يدعو للعودة الى المصالحة والحوار والتصدي لهذه الجرائم المستمرة. وعلى الشعب اللبناني أن يتذكر يقظة شبابه الذين ثاروا يوم اغتيال الحريري، ليعودوا الى التلاحم والمصالحة في سبيل ذكرى شهدائهم الذين ناضلوا من أجل الاستقلال والسيادة والتضامن بين اللبنانيين. فوحدة الصف هي التي توقف الاجرام، والمثل أمامنا في العراق حيث نشهد يومياً سقوط الأبرياء بالمئات، حتى ان هذه الأنباء أصبحت عادية رغم مأسويتها. وعلى اللبنانيين أن يدركوا أن لا حياة للبنان منقسم وخاضع للارهاب ومستسلم له، فكل الأطراف اللبنانية من أكثرية الى معارضة تردد أنها لا تريد الحرب الأهلية. ولكن ما الذي يفعله هؤلاء لتجنب واقع الارهاب والخوف والدمار؟ المعارضة تعرقل مسار المصالحة، لأن اليد الضاغطة لا تريد المحكمة الدولية والأكثرية تعمل من أجل محكمة دولية لمحاكمة المجرمين الا أنها تفشل في بحثها عن القتلة. صحيح ان هناك يداً خفية تعمل على القتل ولكن هل يعقل أن يهاجم مجرمون سيارة النائب والوزير بيار الجميل في حي سكني ويتعذر على الأجهزة الأمنية في البلاد الكشف عن أي منهم؟ وماذا عن السيارة التي فجرت سيارة الشهيد جبران تويني ومن فخخ سيارة سمير قصير؟ وأين التحقيقات، خصوصاً أنه قيل لنا في البداية ان اعتقالات جرت في اطار هذه الجريمة وتلك؟ هذا غير مسموح. وينبغي أن تكون الأولوية بالنسبة الى الحكومة اللبنانية هي التحقيق في الاغتيالات والمحكمة الدولية، فهما أمران أساسيان للبنانيين اضافة الى العمل من أجل المصالحة. سقط رفيق الحريري ضحية من أراد مقاومة مسيرته للاستقلال وتوحيد الصف اللبناني والعمل على اقناع"حزب الله"عبر الحوار بالمشاركة الحقيقية في إدارة الدولة اللبنانية المستقلة. وفي ذكرى استشهاده وفي سبيل انقاذ البلد من المزيد من المآسي والارهاب، على الشعب اللبناني ان يستيقظ وألا يترك اليد القاتلة تناور من أجل المزيد من سفك الدماء. كيف يمكن لوكلاء لبنانيين ان يوافقوا على تنفيذ جرائم لحساب يد قاتلة خارجية تسعى الى الفوضى وافلاس لبنان وافراغه من ابنائه؟ واذا كان توظيف هؤلاء الوكلاء مقابل وعود بمناصب مستقبلية، فما فائدة المناصب في بلد يزول ويخرب؟ اليوم، ولبنان يصلي على روح الشهيد الرئيس رفيق الحريري، المطلوب جهد من الجميع للمساهمة في إنجاح ما قام به وهو استعادة استقلال لبنان بدمه.