في الوقت الذي انشغل فيه الفلسطينيون في صراعاتهم الداخلية، في ظل الانشغال بالمشروع الاسرائيلي العدواني على "باب المغاربة" المحاذي للحرم القدسي الشريف، واصلت السلطات الاسرائيلية مساعيها لتحقيق هدفها الاستراتيجي المستقبلي لمدينة القدس والذي يتلخص بپ"تهويد المدينة"، بما يضمن فرض أمر واقع يجعل المساحة الأكبر من القدس عاصمة للدولة العبرية. فبعد ان استكملت هذه السلطات مخططاتها الاستيطانية بتنفيذ اخطر مشاريع البناء المحيطة بالاحياء العربية في المدينة المقدسة انتقلت الى مرحلة اكثر خطورة فمنعت قيام أي بناء اضافي للفلسطينيين في وقت يعاني سكان المدينة من نسبة كثافة سكانية عالية جداً. وكرست بلدية القدس السياسة التي وضعها رئيسها السابق، رئيس الحكومة الحالي ايهود أولمرت، والتي تقضي بمنع اي بناء عربي في المدينة بذريعة انه غير قانوني. وفي حين يتيح القانون لصاحب البيت الدفاع عن نفسه امام المحكمة فان قرار البلدية يلتف على القانون ليمنع حتى هذا الامكان. فپ"كل من يبني بيتاً تعتبره بلدية القدس غير قانوني سيعتقل ويدفع غرامة مالية ويُهدم البيت وتصادر آليات المقاول على الفور ومن دون اتاحة الفرصة لصاحب البيت باتخاذ أي اجراءات قانونية"، هذا هو مضمون القرار الذي اتخذته بلدية القدس لتكون بذلك قد انتقلت الى مرحلة متقدمة من مخططها الهادف ليس فقط الى الحد من عدد السكان الفلسطينيين في القدس بل الى انقاص اعداد الموجودين منهم، بواسطة التضييق عليهم ودفعهم الى الهجرة وصولاً الى تحديد نسبتهم ب22 في المئة فقط من السكان عام 2020. الغيتو الفلسطيني الخطة الاسرائيلية للخريطة الديموغرافية للقدس بدأت منذ العام 1967 حيث أعدت السلطات المشاريع التي تضمن بقاء المدينة المقدسة عاصمة موحدة ابدية للدولة العبرية. وكانت البداية مصادرة الاراضي الفلسطينية وتحويلها الى السيطرة الاسرائيلية وفق أنظمة الانتداب البريطاني للعام 1943 والتي تنص على امكان مصادرة الاراضي لاستخدامها بحسب مقتضيات المصلحة العامة. وتعني المصلحة العامة البناء لخدمة السكان بمعنى إقامة مشاريع عامة كالمدارس والمستشفيات والمؤسسات الاجتماعية وغيرها من المشاريع الحيوية. وبتغطية من هذا القانون نفذت اسرائيل اولى مصادرتها في العام 1968 عندما استولت على مساحة 3.5 كيلومتر مربع. وخططت لاستغلال هذه المساحة الشاسعة لبناء الاحياء اليهودية وربطها بالجامعة العبرية في القدس، وخلافاً للقانون، لم تنفذ أي مشروع للمصلحة العامة. وفي غضون سنوات قليلة اقامت الحزام الاول في القدس ليشمل منطقة التلة الفرنسية ورمات اشكول وجفعات همفتار ومعالوت دفنة. ولما لم يحرك أي طرف ساكناً في مواجهة هذا الخرق للقانون الدولي واصلت اسرائيل مصادرة الاراضي مستخدمة القانون نفسه. وكانت المرحلة الثانية في العام 1970 عندما صادرت مساحة 12 كيلومتراً مربعاً من الجزء الشمالي من مدينة القدس المعروف بالنبي يعقوب والجنوبي منطقة تلبيوت والشمالي الغربي والمعروف بمنطقة راموت وهكذا نجحت في اقامة الحزام الثاني. وفي المرحلة الثالثة في العام 1980 اقامت الحزام الثالث بعد مصادرة 4.4 كيلومتر في الجزء الشمالي من القدس المعروف بمنطقة"بزغات زئيف"وبررت البلدية المشروع بالقول انه يأتي لبناء وحدات سكنية للفلسطينيين بسبب الضائقة والكثافة السكانية. وتقرر في حينه بناء مشاريع تشمل 20 ألف وحدة سكنية للفلسطينيين و20 الف وحدة لليهود. وبنيت المشاريع على اراضي الفلسطينيين في بيت حنينا لكنها خُصصت للاسرائيليين وما زال الفلسطينيون ينتظرون منذ 27 سنة تنفيذ هذا القرار. هذه المصادرات أتاحت الفرصة لبناء المستوطنات الاسرائيلية على رغم ان قرارات الاممالمتحدة وبنود المواثيق الدولية توضح بان البناء في اراض محتلة هو امر مخالف للقانون. ونجحت اسرائيل بتضييق الخناق على الفلسطينيين، وتشير المعطيات الى ان في العام 1967 كان عدد الوحدات السكنية للفلسطينيين في القدس 12 الفاً وارتفع العدد حتى السنة الاخيرة الى 38 الف وحدة سكنية. ومن بين هذه الوحدات هناك 15 الف وحدة سكنية مسجلة لدى السلطات الاسرائيلية على انها غير قانونية. وتبحث المحاكم الاسرائيلية هذه الايام بملفات 6 آلاف وحدة سكنية، ما يعني احتمال صدور قرارات قريبة بهدمها على الفور. يسكن في هذه الوحدات 280 ألف فلسطيني ويصل معدل الفلسطينيين في الغرفة الواحدة الى 5.5 شخص عدد الغرف في بيوت الفلسطينيين قليل جداً مقارنة ببيوت المستوطنين. في المقابل لم تكن توجد في العام 1967 أي وحدة استيطانية في القدس، فيما يتجاوز عددها اليوم 59 الف وحدة سكنية. جميعها غير قانوني بموجب القانون الدولي ويسكنها 182 الف نسمة، من المستوطنين. وضمن مخطط تهويد المدينة استحدثت اسرائيل قانوناً يمنع أي بناء من دون مصادقة السلطات المسؤولة. وكان هذا القانون اسهل وسيلة للحد من توسع الفلسطينيين. فالبيروقراطية والاجراءات الماراتونية لاستصدار رخص بناء دفعت بالكثير منهم الى مغادرة القدس او البناء من دون ترخيص بعد انتظار سنوات من المماطلة للحصول على رخص بناء. ويقول مدير"مركز الدراسات"في القدس، خليل توفكجي ان سياسة المماطلة في استصدار الرخص تندرج ضمن السياسة العامة تجاه القدس حيث تستخدم اسرائيل ثلاث وسائل لتضييق الخناق على الفلسطينيين. فالتكاليف الباهظة المطلوبة من السكان والتي تتجاوز احياناً عشرة آلاف دولار تحول دون تقديم الطلبات. ثم تأتي المماطلة التي تصل الى سنوات طويلة من دون الحصول على رخصة. أما المشكلة الاكبر فتكمن في انحسار مساحة الاراضي المتبقية للفلسطينيين بعد المصادرة الواسعة لبناء المستوطنات والسياسة المستحدثة المتمثلة بتسجيل مساحات شاسعة من الاراضي كمحميات طبيعية ما يعني منع البناء عليها. واما مشروع"الجدار العازل"، فهو بحد ذاته اخطر المشاريع التي أثرت على مستقبل المقدسيين. حدائق عامة في حوض البلدة القديمة على رغم عدم قانونيته باشرت ادارة الحدائق العامة والمحميات الطبيعية الاسرائيلية تنفيد اخطر المشاريع في البلدة القديمة تحت عنوان"مخطط الحدائق العامة في حوض البلدة القديمة". ويهدف المشروع الى اثارة ما اطلق عليه"عبق الماضي الديني والتاريخي للشعب اليهودي"، والربط بين التخطيط المقترح وتاريخ الشعب اليهودي في هذه المنطقة. ويشمل إقامة حديقة عامة بمساحة 800 دونم على منحدرات جبل المطلع- هار هتسوفيم، والتي تقع على حدود العيساوية والطور. وتطوير خط سياحي يخترق الاحياء الفلسطينية شرق وجنوب البلدة القديمة في منطقة ابو طور وسلوان ووادي النار. ويهدف المخطط الى احاطة القدس والبلدة القديمة بحزام اخضر من الحدائق والمحميات لمنع تمدد السكان العرب في المنطقة ما يجعل الاحياء العربية خارج مدينة القدس، في حال التوصل الى تسوية سياسية. واستمراراً لسياسة التهويد باشرت شركة"تطوير شرق القدس"والبلدية تنفيذ مشروع بناء فندق ومرأب ضخم من اربعة طوابق ومحلات تجارية وأبنية اخرى مرتفعة في الجزء الجنوبي الشرقي من البلدة القديمة وتحديداً في المنطقة الواقعة غرب"باب المغاربة"و"حارة الشرف"أو ما هو معروف بپ"الحي اليهودي". وسيكون المشروع جزءاً من حي استيطاني يقام في المنطقة لتعزيز الوجود اليهودي وإحكام القبضة على هذه المنطقة المتاخمة للحرم القدسي الشريف بصورة مطلقة. ويشمل المشروع شق نفق يصل بين مغارة سليمان القريبة من باب العمود ومنطقة الميلوية ما يعني التهام 12 دونماً من اراضي المدينة، وسيمر النفق تحت الحي الاسلامي في المدينة. المشاريع الاستيطانية في القدس - قرب بلدة الولجة، تمت مصادرة الفي دونم من اراضي القرية لبناء 5 الاف وحدة سكنية لمصلحة المستوطنين في ما يعرف بالحي الاستيطاني. - بناء 4600 وحدة سكنية في تلة الطيارة او كما يطلق عليها الاسرائيليون"جفعات همتوس"على اراضي بيت صفافا وبناء فنادق تتسع ل1500 غرفة. - مشروع جبل ابوغنيم ويقضي ببناء 17500 وحدة سكنية. - آخر مشروع اعلن عنه اواسط كانون الثاني يناير السنة الجارية قضى ببناء الف وحدة سكنية في ابو غنيم، وهي المنطقة التي اقيمت على اراضيها 4 آلاف وحدة سكنية في وقت سابق.