في غابة تفتقر لاستتباب الأمن والطمأنينة، يسكن الأسد مع زوجته اللبوة وأولادهما. في الصباح الباكر، ذهب الأسد إلى عمله الذي يقع في الإقطاع المجاور. وإذ باللبوة تسمع عواء الذئب. حاولت الاختباء، إلا أنها أغفلت أن تقفل الراديو. قرع الذئب الجرس. لم تفتح له الباب، فاقتحمه. قال الذئب: -"لماذا لم تفتحي الباب يا جارة؟" لم تجب. أعاد تكرار السؤال بنبرة مختلفة. -"وهل عليّ أن أفتح الباب؟ زوجي ليس في البيت، وليس من حقك أن تكون هنا الآن!". -"أهذا من أصول الضيافة؟"استفهم الذئب. -"ومن قال إنك هنا بصفة ضيف؟ أخرج من منزلي فوراً!"صرخت اللبوة. -"اخرسي وإلا قضيت عليك! أعطني كل ما لديك من لحوم. وإلا ... تعرفين قصدي، أليس كذلك؟"سأل الذئب. لم تجب. أعطته ما لديها من لحوم، لأنها تعرف أنها لن تستطيع المقاومة. أخذ اللحمة، وانصرف إلى منزله. عند وصول الأسد إلى دار العائلة، أخبرت اللبوة زوجها ما حصل معها. جنّ الأسد، ثم قال: -"أنا! ملك الغابة، تهدد عائلتي بالقتل! لن أقبل بهذا! فلا يهدّدنّ أحد عائلتيّ!". -"اهدأ يا حبيبي ... اهدأ. الحمد لله أني والأولاد لا نزال سالمين!"أردفت الزوجة. -"سأذهب للذئب، وأنتقم لكِ، وأستعيد كرامة العائلة!". -"لا تفعل هذا! لقد رأيت اليوم رجلاً ينصب أفخاخاً في مختلف أرجاء القرية. لن تتمكن من الإفلات منها."نصحته. -"سأذهب! أنت السيدة الأولى هنا، كيف تقبلين على نفسك أن تهددي بالقتل؟!". حاولت اللبوة معه كثيراً. لكن محاولاتها لم تُجدِ نفعاً. ذهب الأسد، وفؤاد الزوجة معصور على زوجها. ظلت واقفة قرب الشبّاك، تتابع خُطى زوجها، حتى توارى خلف الضباب. وبعد هنيهة، سمعت زئير زوجها. ركضت متتبّعة آثار قدميه على الأرض، حتى وصلت إلى بقعة صغيرة مليئة بالدماء. إلا أنها لم تجدْ زوجها. نظرت يميناً ويساراً، فرأت سيارة تسير وفي مؤخرتها، زوجها، داخل قفص حقير. عادت إلى البيت، وأطلقت العنان للبكاء. ومرّت الأيام، وما زالت اللبوة تكتسي أسمالها السود. وذات ليلة، قالت اللبوة لأولادها:"ابتعدوا عن الغرور والتسرع. فإن كلاهما يؤديان إلى مصائب جمّة!". كريم التقي 13 سنة