حفل عام السينما المصرية المنصرم بالعديد من الظواهر أهمها النجاح غير المتوقع لنجوم وإخفاق آخرين في الحفاظ على مكانتهم في شباك التذاكر. وشهد العديد من الأزمات في صناعة السينما والكثير من الخلافات بين القائمين عليها، وعلى رغم زيادة الإنتاج السينمائي المصري إلى أكثر من 60 فيلماً إلا أن الذي عرض منها بلغ 41 فيلماً فقط ولا يزال باقي الأفلام حبيس العلب ولا يعرف أحد موعد عرضه، وذلك لسيطرة الموزعين واحتكارهم لنجوم بعينهم بعيداً من الآخرين. وأزمتا الاحتكار والتوزيع هما من أهم سمات العام الماضي إذ تولد عنهما عشوائية شديدة في السينما المصرية، ما أدى إلى التضارب الشديد في أرقام الإيرادات المعلنة من قبل الشركات وتاهت الأرقام الحقيقية في ظل هذا الصراع. ومع تدخل أطراف عدة أخيراً تم عقد هدنة موقتة بين الشركتين المتصارعتين في سوق السينما وهما الشركة العربية والتي ترأسها إسعاد يونس، والتحالف الثلاثي بين شركات أوسكار والماسة وأفلام النصر. وانعكست هذه الهدنة على موسم أفلام عيد الأضحى لا سيما أن الصراع بينهما أدى إلى خسارة الطرفين. في شكل عام تراجعت الأفلام الكوميدية لمصلحة أفلام"الأكشن والإثارة"مثل فيلمي"54 يوماً"وپ"أحلام حقيقية"، وظهر العديد من التجارب المبشرة، وحقق فيلم"هي فوضى"للمخرج يوسف شاهين أعلى الإيرادات في تاريخ شاهين السينمائي، وتوج أحمد حلمي كجواد رابح للإيرادات، إذ قدم في العام المنصرم تجربتين تجاوز إيرادهما ال30 مليون جنيه، ونجح النجم عادل إمام في احتلال مرتبة متقدمة في شباك التذاكر بفيلمه"مرجان أحمد مرجان"إلا أن الحدث الأهم في العام الماضي كان الاحتفال بمئوية السينما المصرية والذي أثار الجدل والانقسامات بين نقاد السينما المصرية، إذ انتصر البعض إلى أن العام 2007 هو العام المئة على بداية أول عرض سينمائي في مصر، في حين أتهم الآخرون هؤلاء النقاد بأنهم يحاولون الربح من وراء الاحتفال ولذلك قاموا بالتشكيك في تاريخ أول عرض وتلك الحال من الجدل انعكست سلباً على الشكل الاحتفالي بالمئوية داخل مصر في حين أن المهرجانات العربية والدولية وآخرها مهرجان مراكش نظمت احتفالية رائعة لهذا الحدث. وشهد هذا العام إعلان وزارة الثقافة المصرية عن دعم عدد من السيناريوات المميزة لكبار المخرجين المصريين أمثال داود عبدالسيد ورأفت الميهي وأسامة فوزي ومجدي أحمد علي، إضافة إلى مجموعة أفلام تصور بتقنية الديجيتال لشباب المخرجين بمبلغ 25 مليون جنيه مصري، وللأسف تعثر هذا المشروع أكثر من مرة ما أخّر خروج أي تجربة إلى النور في العام الماضي. تراجع وصعود في حين شكلت الأفلام الكوميدية الرهان الأكبر لمنتجي السينما المصرية في الأعوام الماضية إلا أن العام الماضي شهد تراجع هذه الموجة لمصلحة نوعيات فيلمية مختلفة ومن أهم النجوم الذين تراجعت أسهمهم الفنان محمد سعد والذي لم يحاول الخروج من عباءة شخصية اللمبي التي كانت بمثابة تميمة حظ لكل نجاحاته السابقة في أفلامه"ضد الناظر"وپ"اللمبي"، وپ"اللي بالي بالك"وپ"عوكل"، إلا أنه هذا العام فشل في تحقيق إيرادات كبيرة من خلال فيلمه"كركر"والذي جاء مليئاً بالإسفاف وپ"الإيفهات"الجنسية المستفزة ولذلك لم يتجاوب معه الجمهور، وكذلك رفضه النقاد. وعلى رغم محاولات محمد هنيدي استعادة مكانته السابقة في الإيرادات، إذ أقدم على أول تجربة سينمائية من إنتاج"روتانا"في فيلم"عندليب الدقي"والذي صورت مشاهده ما بين دبي والقاهرة، إلا أن إيرادات الفيلم لم تغطِ كلفته الإنتاجية الكبيرة ولم تتجاوز ملايين. وشهد هذا العام عودة الفنان الكوميدي أحمد آدم بعد غياب أكثر من عامين، إذ عرض له فيلم"صباحو كدب"الذي لم ينجح في تحقيق إيرادات تذكر، وأرجع آدم ذلك إلى"حروب التوزيع"والتي انعكست سلباً على إيرادات فيلمه. واستمراراً لحالة الإخفاق فشلت بعض الأفلام في تحقيق أي نجاح يذكر على المستوى النقدي والجماهيري، ومن هذه الأفلام فيلم"آخر الدنيا"التجربة الإخراجية الأولى لأمير رمسيس، إذ لم تغطِ إيراداته كلفته الإنتاجية والتي وصلت إلى أربعة ملايين جنيه ونصف المليون ما تسبب في خسائر فادحة للشركة المنتجة. وواصل المذيع طارق علام فشله المتوالي من فيلم إلى آخر، إذ لم تتخط إيرادات فيلمه"مهمة صعبة"حاجز ال400 ألف جنيه مصري على مدار أسابيع عرضه. وعلى رغم تأكيد الكثير من المتابعين للسينما أن علام لا يصلح إطلاقاً كممثل سينمائي إلا أنه يرى في نفسه عكس ذلك والمفارقة أنه يجد من يموله أيضاً! ولم ينجح الفيلم الغنائي"مفيش غير كده"للنجمة نبيلة عبيد في تحقيق نجاح في شباك التذاكر على رغم تأكيدات نبيلة أنها عادت في شكل جديد ومختلف. لقد انصرف الجمهور عن الفيلم، وتحاول نجمة مصر - كما يروق لها أن يطلق عليها - البحث عن نص درامي جديد لتعود من خلاله في السينما أو التلفزيون. سنة أولى بطولة من الفنانين الذين تم الدفع بهم للقيام بالبطولات المطلقة جاء الممثل الشاب رامز جلال الذي كنا اعتدنا رؤيته في الأدوار الثانية إلا أنه فجأة ومن دون سابق إنذار أطل علينا هذا العام من خلال أول بطولة مطلقة في فيلمه"أحلام الفتى الطائش"مع نيللي كريم، لكن الفيلم لم يحقق إيرادات جيدة. وأيضاً جاء في القائمة هيثم أحمد زكي الذي على رغم تنبؤ الكثيرين له بالسير على درب نجومية والده الفنان الراحل أحمد زكي، خيب آمال عشاق والده، بعد سوء حظه مع فيلمه الأول"حليم"، والذي استكمله بعد وفاة والده، إذ لم ينجح فيلمه الأول الذي قام ببطولته المطلقة"البلياتشو"ولم تتجاوز إيراداته حاجز المليون ونصف المليون جنيه، وبالتالي تسبب في خسائر فادحة للشركة العربية للإنتاج والتوزيع. وبعد أن ظل سنوات لم نره سوى في دور سنيد البطل قرر الفنان الكوميدي أحمد رزق اقتحام عالم البطولات المطلقة وكان ذلك من خلال فيلم"حوش اللي وقع منك"فأجمع النقاد وقتها أن رزق ليس في مقدوره تحمل البطولة المطلقة في هذا التوقيت خصوصاً أنه لم يحقق أي إيرادات تذكر، لذا تم رفعه من دور العرض في الاسبوع الأول من عرضه، وارجع النقاد سبب فشله إلى السيناريو الضعيف الذي حاول فيه المؤلف اقحام مشاهد توحي بأن الفيلم مندرج تحت بند أفلام الأكشن وهو ما أدى بالطبع إلى فشله، بل إنه في هذا العام نفسه عرض لأحمد رزق فيلم"التوربيني"بمشاركة الفنان شريف منير والمأخوذ عن"رجل المطر"لدستن هوفمان، إلا أن الفيلم أيضاً لم ينجح ما وضع رزق في مأزق خصوصاً أن الفيلمين عرضا في عام واحد. كذلك لم يوفق الفنان شريف منير ثلاث مرات هذا العام، وذلك من خلال فيلمه الأول"التوربيني"كما سبق وذكرنا، والفيلم الثاني بعنوان"قص ولزق"مع الفنانة حنان ترك، الذي على رغم إشادة كل النقاد به إلا أن توقيت عرضه جاء في غير مصلحته، إضافة إلى تأكيد بعض النقاد على أنه على رغم النضج الفني للفنان شريف منير إلا أنه لم يصل بعد الى مرحلة أن يكون نجم شباك إلا أن الفيلم نال العديد من الجوائز في المهرجانات التي شارك بها، ولم يحقق منير النجاح الذي كان متوقعاً من خلال فيلم"الشياطين"من إنتاج الشركة العربية للإنتاج والتوزيع، وشارك في بطولته دوللي شاهين وجومانا مراد، هنا بدا واضحاً أن الاستعانة بعناصر عربية لم تحمِ الفيلم من السقوط وعدم تحقيقه لأي إيرادات ما جعله يتعرض للرفع من معظم دور العرض، ووقعت بسببه العديد من المشاكل بين إسعاد يونس مالكة شركة الإنتاج وشريف منير، إذ اتهمها الأخير بعدم توفير الدعاية المناسبة للفيلم. كما لم تشفع وساطة المنتج محمد حسن رمزي في دعم ابنه الفنان شريف رمزي في أولى بطولاته مع فيلمه"عجميستا"للمخرج طارق عبدالمعطي الذي لا ينتمي إلى نقابة السينمائيين ما وضع حسن رمزي في مأزق كبير، إذ تلقى الفيلم تهديداً بعدم العرض طالما أن المخرج غير مصرح له بممارسة عمله لعدم انتمائه للنقابة وهو ما اضطر المنتج إلى أن يدفع لنقابة السينمائيين 20 ألف دولار للحصول على إذن بعرضه. وشارك في هذا الفيلم خالد أبو النجا الذي حاول تعويض فشله في هذا العمل بفيلمه"في شقة مصر الجديدة"للمخرج محمد خان، إذ نجح خان في إعادة اكتشاف الفنانة غادة عادل الذي قدمها في دور جديد عليها، وأجادته تماماً وعرض الفيلم في عدد كبير من الدول العربية وحقق نجاحاً كبيراً. وفي العام الماضي عرض أكثر من عمل لممثل واحد، إذ قدم أحمد عيد فيلمين دفعة واحدة، لتصعد أسهمه مع الفيلم الأول"أنا مش معاهم"للمخرج أحمد البدري والذي تضمن عدداً كبيراً من الاسقاطات السياسية، في حين هبطت أسهمه وبشدة مع فيلمه الثاني"خليك في حالك"والذي تبرأ منه عيد، مؤكداً اعترافه بالفشل فيه مرجعاً ذلك إلى أنه أراد إضحاك الناس والتقرب من الكوميديا إلا"أن الناس باتت تبحث عن الضحك لمجرد الضحك فقط"وهو الدرس الذي تعلمه عيد جيداً ووضعه في حساباته مع تجاربه السينمائية المقبلة. وأطل علينا كذلك أحمد عز من خلال فيلم"الشبح"، كما عرض له أيضاً في بداية العام فيلم"الرهينة"للمخرجة ساندرا نشأت حيث شاركته البطولة ياسمين عبدالعزيز واللبنانية نور، وتجاوزت إيرادات طيلة فترة عرضه حاجز ال 15 مليون جنيه. وبعيداً من الكوميديا فشل أحمد الفيشاوي للمرة الثانية بعد فيلمه"45 يوماً"والذي يعد أولى بطولاته السينمائية، من خلال فيلمه"الحاسة السابعة"وردد البعض وقتها أن المشاكل الشخصية التي توالت على الفيشاوي الصغير ومشاكله مع هند الحناوي أثّرت بالسلب على تركيزه في عمله. وفي نهاية العام عرضت مجموعة من الأفلام منها:"جوبا"لمصطفى شعبان وپ"حين ميسرة"لخالد يوسف وپ"الجزيرة"لأحمد السقا، وپ"شيكامارا"لمي عز الدين وپ"خليج نعمة"لغادة عادل ومجموعة من المطربين والنجم السوري باسم ياخور. ... وعام آخر لسينما المطربين شهد العام 2007 كسابقه تجارب عدة لمطربين شباب منهم المطرب مصطفى قمر والذي قدم فيلمه"عصابة الدكتور عمر"من إخراج علي إدريس، وتامر حسني في فيلم"عمر وسلمى"إخراج أكرم فريد والذي عرض في بداية الموسم الصيفي وتجاوزت إيراداته ال15 مليون جنيه، وعرض الفيلم بعد خروج تامر حسني من السجن الحربي، إذ كان يقضي عقوبة التهرب من الخدمة العسكرية. كما استعان نجم الكوميديا هاني رمزي بفريق"الفور كاتس"اللبناني في فيلمه"أسد وأربع قطط"والذي تم فيه تغيير كلمة ضابط إلى أسد نظراً الى اعتراضات الرقابة، كما قدم المطرب حمادة هلال تجربته السينمائية الثالثة في فيلم"خليج نعمة"للمخرج مجدي الهواري. أفلام الوجوه الجديدة بين قوسين على رغم نجاح تجربة فيلم"أوقات فراغ"للمنتج حسين القلا في تشجيع العديد من المنتجين على إسناد البطولة في أفلامهم للعديد من الوجوه الجديدة في التمثيل والإخراج والتصوير والتأليف، إلا أن هذه التجارب لم تأخذ حقها بعد من اهتمام الموزعين والذين لا يزالون يرفضون منحها وقتاً مميزاً من العرض السينمائي وكذلك عدداً كبيراً من دور العرض. وحاول المنتج حسين القلا استثمار نجاح تجربته الأولى في فيلم جديد هو"الماجيك"والذي أسند بطولته لفريق عمل"أوقات فراغ"ولكنه لم يستطع تحقيق نجاح كبير. والحال نفسها بالنسبة الى المنتج هاني جرجس فوزي والذي قدم أكثر من تجربة اعتماداً على الوجوه الجديدة ومنها فيلم"استغماية"لعماد البهات وپ"علاقات خاصة"لإيهاب لمعي، والذي لم تتجاوز إيراداته ال400 ألف جنيه، وفيلم"توتي فروتي"للمخرج شريف شعبان والذي ما زال حبيس العلب نظراً الى عدم استكمال تصويره"وبلد البنات"الذي لم يتحدد موعد عرضه وپ"الشارع 18"للمنتج محمد العدل وفيلم"كامب"للمنتج الأمير أباظة. استثمار كليبات التعذيب استثماراً للعلاقة المتأزمة بين الشرطة والمواطن والتي ظهرت بعد الكشف عن العديد من حوادث التعذيب التي يتعرض لها المواطنون في مخافر الشرطة، إضافة إلى إطلاق كليبات التعذيب على شبكة الانترنت ساهم كل هذا في تحريك المبدعين لتقديم أعمال تعبر عن هذه الإشكالية، وأبرزها فيلم"واحد من الناس"للنجم كريم عبدالعزيز والذي عرض في نهاية العام الماضي، ورفع بطله شعار"خذ حقك بيدك"واستمراراً لذلك قدم البطل نفسه فيلمه الجديد"خارج على القانون"، وكثف المخرج يوسف شاهين هذه الحال في فيلمه"هي فوضى"والذي تعرض لتدخلات رقابية عدة وتم حذف جمل حوارية تمس أحد الشخصيات الأمنية. واستمرت هذه الحال مع فيلم"حين ميسرة"لخالد يوسف والذي تطرق فيه لموضوع التعذيب داخل مخافر الشرطة واستنطاق المواطنين للإدلاء بأقوال غير حقيقية.