يعرض منذ فترة على الشاشات اللبنانية، فيديو كليب للفنان اللبناني عاصي الحلاني لأغنيته "صوت الحدا". جمال الفيلم ليس في الأرض البقاعية بفيئها ومائها والخيل وملابس الراقصين والراقصات على إيقاع موسيقى فيها الكثير من التراث القائم على نغمات المزمار والإيقاع فحسب، بل الجميل فعلاً هو أن الحلاني عاد إلى ما انطلق به أي الغناء البلدي. فالجمهور الذي أحب في الحلاني غداة تخرجه من برنامج"استديو الفن"، غناءه"الهوارة"بنبرته"البعلبكية"المحببة قبل أكثر من عقد، لاحظ أنه عاد إلى قديمه مستخدماً الكاميرا وكل التقنيات الحديثة التي دخلت عالم الغناء، في تقديم التراث الذي يبرع فيه أصلاً. أظهر الفيلم الحلاني الذي لم يبق طويلاً على درب التراث نفسها، أن الكاميرا تحبه هكذا بلدياً تراثياً دابكاً مع قارع الطبل ومع ولده، وان ابتعاده سابقاً الى غناء الحب والغرام بطريقة كلاسيكية وما صاحبها من ضرورات الفيديو كليب، لم يكن موفقاً كثيراً أو على الأقل لم يكن مرغوباً لدى شريحة الجمهور التلفزيوني القروي المحب للتراث بكل ما يتضمنه. وعلى رغم أن سعي الحلاني الى تصوير أغانيه، خصوصاً"صوت الحدا"على طريقة الفيديو كليب لا يخرج عن إطار التماشي مع السوق، كما يفعل سواه من المغنين، فإن هذا السعي جاء موفقاً خلافاً لسعيه السابق في تقديم الأغاني والكليبات الرومنسية التي ربما انجر إليها ليثبت لمن انتقده أنه قادر على تقديم ألوان الغناء، من دون أن يتنبه، ربما، الى جمهور عريض أحبه لأنه أطربه، غناءً ودبكاً ولم يكن يبحث عمّن يتمتم له بطبقات مخفوضة كلاماً في الحب والشجن... وما أكثر مكرريه ومردديه ممّن يدعون جودة الصوت وعذوبته. تجربة الحلاني تتكرر مع ابن منطقته النجم صاحب الصوت الخاص ملحم زين الذي أحبه الجمهور عبر التلفزيون حين أطل قبل سنوات مغنياً"الحاصودي"ومواويل وديع الصافي و"عندك بحرية يا ريس"، وتوقع منه أن يبقى"ريّساً"في هذا النوع من الغناء وتقديم جديد مطور يتلاءم مع قدراته الصوتية العالية، لكنه ذهب الى الغناء الكلاسيكي، ولجأ كسواه الى الفيديو كليب ليساعد الأغنية في الانتشار، بينما بدا مقلاً في الغناء البلدي والتراثي. ربما اعتقد الحلاني ومن بعده زين، بأن مماشاة السوق الفنية الحالية بالبعد عن الغناء الفولكلوري أفضل لهما، علماً أن الجمهور يحب فيهما هذه الخاصية وينتظر دائماً أن يقدما له أغنيات وفيديو كليب بلدية خالصة يظهران فيها قدرات صوتيهما ممزوجين مع المزمار وفتيات يتمايلن بأزياء جميلة وخيل وسبّحات... ألا يكفيهما من التطور أن يقدما غناءهما مصوراً"فيديو كليب"جميلاً وغنياً كپ"صوت الحدا"؟