أثار ارتفاع مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأميركية بنسبة أعلى قليلاً من المتوقع، حالة من الهلع الشديد التهمت سريعاً ما يزيد على 200 بليون دولار من القيمة السوقية لمؤشرات الأسهم الأميركية في يوم واحد الأربعاء. إلا أن المخاوف التضخمية استبعدت في المقابل احتمال توقف مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي عن زيادة سعر الفائدة الأميركية ما وفر دعماً غير متوقع للدولار في أسواق الصرف. وأعلنت وزارة العمل الأميركية في تقريرها الشهري أول من أمس، أن مؤشر الأسعار الاستهلاكية أرتفع بنسبة 0.6 في المئة في نيسان أبريل الماضي متجاوزاً توقعات السوق بقليل. لكنها كشفت في الوقت نفسه أن مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأساسية الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة بسبب تقلباتها، ويعتمده مجلس الاحتياط مرجعاً أولياً للتضخم عند تقرير سياسته النقدية، تجاوز قليلاً من 0.3 في المئة للشهر الثالث على التوالي. كما أظهر التقرير أن المؤشر العام للأسعار الاستهلاكية تأثر بأسعار الطاقة التي ارتفعت نحو 4 في المئة في نيسان، مقارنة ب1.3 في المئة في آذار مارس و1.2 في المئة في شباط فبراير، عاكسة ازدياد أسعار الوقود والغاز الطبيعي بمقدار 8.5 في المئة. وبيّن كذلك بأن أسعار الإيجار ساهمت بنحو نصف زيادة نيسان في المؤشر الأساس الذي سجل قفزة في أسعار المواصلات، وزيادات كبيرة في أسعار الملابس والتعليم والعناية الطبية والترفيه. تسارع وتيرة التضخم ويبدو أن حالة الهلع التي اجتاحت أسواق المال وجدت أهم أسبابها في إبراز التقرير مدى تسارع التضخم، حيث ارتفعت نسبة زيادة المؤشر الأساس في الشهور الأربعة الأولى من 2006 إلى 3 في المئة مقارنة ب2.2 في المئة في العام الماضي بأكمله. وبلغت وتيرة تسارع المؤشر العام منذ بداية السنة الحالية 5.1 في المئة، في مقابل 3.4 في المئة في 2005، كنتيجة مباشرة لارتفاع مؤشر أسعار الطاقة بمقدار 30 في المئة ومؤشر الوقود والغاز بمقدار 61.5 في المئة أي نحو ضعف معدل العام الماضي. ولاحظ محللون أن المستوى الجديد لمؤشر الأسعار الاستهلاكية الأساسية اقترب من الحد الأقصى المسموح به للتضخم، وإن رجحوا احتمال أن تنتظر لجنة السوق المفتوحة لمجلس الاحتياط صدور نتائج شهر أيار مايو قبل اتخاذ قرار نهائي بالاستمرار بزيادة سعر الفائدة الأميركية في اجتماع نهاية حزيران يونيو، متوقعين ألا تتجاوز الزيادة المحتملة ربع نقطة، ما من شأنه أن يرفع سعر الفائدة إلى 5.25 في المئة. خسائر البورصات العالمية لكن المحللين اتفقوا على أن وزارة العمل أصدرت تقريرها بينما أسواق المال في حال من الاحتقان الشديد، خصوصاً بعدما ضمنت لجنة السوق في البيان الذي أصدرته بعد اجتماعها الدوري الأخير، إشارات لا تستبعد احتمال تسارع التضخم، معتبرين المخاوف التضخمية أهم أسباب تكبد مؤشرات الأسهم الأميركية خسائر فادحة، بلغت بحسب مؤشر"ستاندرد آند بورز 500"، ما يزيد على 250 بليون دولار فقط في جلسات التبادل ليوم أول من أمس. وراوحت خسائر النقاط بين 1.5 في المئة لمؤشر"ناسداك"و1.8 في المئة لمؤشر"داو جونز". ورفعت المؤشرات الأميركية حجم الخسائر التي لحقت بقيمتها السوقية منذ اجتماع لجنة السوق الأربعاء قبل الماضي إلى 500 بليون دولار، ولم ينحصر نزيف"الثروات الورقية"في أسواق المال الأميركية، إذ انتشرت عدوى المخاوف التضخمية بسرعة وبلغت الخسائر التي لحقت بمؤشر الأسهم العالمية"ستاندرد آند بورز 1200"الذي يغطي 70 في المئة من أسواق المال العالمية 25 تريليون دولار في الفترة نفسها 1.4 تريليون دولار. وافتتحت السندات الأميركية، التي تعتبر الأكثر حساسية للتضخم من بين الأدوات الاستثمارية الرئيسة، موجة خسائر الأسعار بينما عوض الدولار الذي ينتعش عند الحديث عن رفع أسعار الفائدة، بعض خسائره مقابل اليورو. وتباينت التوقعات عن الخطوة التالية في ردود فعل أسواق المال والصرف، عاكسة ما كشفه مؤشر سعر الفائدة الأميركية من أن نسبة احتمال إقرار زيادة جديدة في الاجتماع المقبل للجنة السوق، ارتفعت بحدة بعد تقرير وزارة العمل، لكنها بقيت دون مستوى 50 في المئة.