إضافة لمسة مسرحية على عروض الأزياء، اسلوب يرنو اليه العديد من دور الازياء العالمية. وإذا كان جون غاليانو مصمم دار ديور من أبرز الأسماء في هذا المجال، لا يمكننا أن نتجاهل محاولة فرانك سوربييه هذا العام نقل الحدائق إلى خشبة العرض. من جهتها، تعتمد دار شانيل اسلوباً خاصاً في هذا المجال، من دون أن ننسى كنزو من خلال تقديم مجموعتها في إطار ديكور يكرّس حياة البحّارة. هذا على الصعيد العالمي، أمّا عربياً فنلحظ بعض الأسماء التي بدأت تنحو صوب إدخال بعض المؤثرات الصوتية أو البصرية على العروض، لكن يبقى الاسم العربي الابرز في هذا المجال المصمم اللبناني نيكولا جبران. في فترة يمكن تصنيفها بالقصيرة، استطاع نيكولا جبران ان يحفر اسمه بين مصممي الأزياء في العالم العربي. وبات من السهل معرفة أن هذا الفستان أو ذاك الثوب من تصميمه، بسبب ما تميّزت به عروضه من أسلوب مغاير لما يعرفه الجمهور العربي، وتصاميم مميزة بقصّاتها المختلفة والمتنوعة. رحلة سياحية جبران نقل جمهوره مراراً في رحلة سياحية بين مختلف الحضارات والثقافات، من الاسبانية الى الهندية إلى التعمّق في المواضيع فحمّلها في بعض الاحيان رسائل كما فعل في مجموعة"طيور السلام"، إلى الطريقة الاحتفالية التي يختص بها في تقديم الأشياء عندما نقل أكثر من 50 عارضة إلى أحد شوارع مدينة بيروت القديمة ووزعهن في الشارع، في حين كان الجمهور يتنقّل بينهن في سيارات فاخرة ليستمتع بالمجموعة الجديدة. الطريقة المميزة التي يقدّم بها نيكولا مجموعاته اعتبرت جزءاً لا يتجزأ منها، وفي كل مرّة يتوجّه الجميع إلى العرض منتظرين جديد جبران في طريقة تقديم العرض وليس فقط في ما سيقدمه. أخطاء بسيطة أو أكثر فداحة كانت تحصل في العروض من تعثّر العارضات الى خطأ في القصّات ولكن كل ذلك كان يظهر كأنه جزء من العرض، من دون أن يشعر المشاهد بكلل أو ملل من المجموعة مهما كثرت التصاميم فيها أو قلّت. ونادرة هي المرّات التي استطاع فيها الجمهور التركيز على المجموعة في تفاصيلها. بدأ التساؤل عن جديد جبران مع وصول بطاقات الدعوة التي حملت، بحسب ما جرت العادة، صورة المصمم، عن عنوان المجموعة الجديدة. الشرائط الملونة من الساتان التي زيّنت بطاقة الدعوى الى العرض كانت إشارة الى موضوع مجموعة ربيع - صيف 2006 لنيكولا جبران والتي حملت عنوان"باقة فنّان". خرجت تصاميم جبران في هذه المجموعة في إطار جميل يحمل في طيّاته الإبداع والغرابة اللذين تميّز بهما. بقيت العيون مسمّرة قبل بدء العرض على الخيمة التي وضعت من الكريستال لتمرّ من تحتها العارضات، ظنّاً منها أنها جزء من العرض المسرحي الذي عوّد جبران جمهوره عليه لكنه غاب هذه المرّة. وكان لافتاً غياب فستان أو صور كبيرة للمصمم الشاب على خشبة العرض. سمفونية العطور برز الكريستال الشواروفسكي بشدّة في العرض، فظهرت فساتين رُصّعت بآلاف القطع منه، معتمداً للمرّة الأولى على الشكّ في شكل لافت. مجموعة جبران التي كانت كبيرة جاءت متنوعة، ولكنها كانت بمثابة Flash back لما قدّمه سابقاً. ركّز جبران على استعمال قماش التول الحالم، من دون أن يخسر بصمته في التفريغ، والباتشوورك، وخفّ التطريز في هذه المجموعة التي خطفت الأنظار برقيّ التول ونعومة الساتان وروعة الجرسيه، تلك الأقمشة التي منحت القطع مزيداً من الأناقة والفخامة. وميّزت تصاميم عرض"باقة فنّان"الشرائط الملونة من قماش الساتان التي لفّت الفساتين، وعقدت بطريقة فنيّة كأنّها شرائط تزيّن باقات الورود النضرة، بخاصةً أنّ بعض الفساتين زيّن كاملاً بالورود المزركشة التي رسمت يدوياً، وجاءت شرائط الساتان، والشرائط اللمّاعة لتلتفّ وتعقد حولها بأسلوب فنيّ جميل. الإكسسوارات جاءت على قدر أناقة الفساتين المعروضة كما جاءت على قدر التميّز غير المألوف. وبعض العبارات والخواطر التي خطّها المصمّم اللبناني على بعض تصاميمه باللغة الفرنسية، جاءت جزءاً من الإكسسوارات التي حاول جبران من خلالها اختصار موضوع العرض ومنها:" مهرجان الورود... سمفونية العطور... كوريغرافيا الألوان... معنى آخر للفخامة أكثر فرادةً... عرس الصيف…هناك كلمات أحبها: المرأة، الحبّ، الأناقة المترفة". عرض جبران الذي لم يغب عنه أي لون، اشعر الحاضر بطول مدّته وكثافة الفساتين المعروضة فيه. وتعب الجمهور من التركيز، إلى حين وصول فساتين الأعراس التي تميّزت بجرأتها وروعتها، ودخلت الألوان في كلّ تصاميم الزفاف بأسلوب فريد بهر الحضور. ولفت الأنظار فستان زهري قصير حالم، وفستان طرّز بورود خلاّبة في أسفله، وفستان كريستاليّ مشعّ أضاء منصّة العرض. وأجمع على هذا الذوق الرفيع في التصميم كلّ من رأى تلك المجموعة من فساتين الزفاف المميّزة التي تشجّع أي فتاة على التخلي عن فساتين الأعراس التقليدية. ولم ينتهِ العرض من دون حضور قوي لجبران، الحاضر الأبرز في مجموعاته دوماً، فبدأت تتقاطع مع الموسيقى أصوات تناديه بعد التعريف... خرج جبران مع عارضته الأخيرة، بعدما ناداه الصوت طوال مدة عرض فساتين الأعراس، مختتماً عرضاً جديداً بأسلوب جديد وإن ظهرت فيه بعض الأخطاء التقنية البسيطة التي تظلّلت على مدى أعوام الأجواء الاحتفالية المُبهرة.