199 مليار ريال مساهمة قطاع الطيران في الناتج المحلي    المملكة رئيسا للمجلس التنفيذي للألكسو حتى 2026    الرئاسة العامة تستكمل جاهزيتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام ١٤٤٥ه    قانون التعبئة يهدد بهروب المزيد من الأوكرانيين    إصابة ناقلة نفط بصاروخ أطلقه الحوثيون قبالة سواحل اليمن    فيضانات أفغانستان تزهق الأرواح وتدمر الممتلكات    القبض على 3 مقيمين بالمدينة المنورة لترويجهم «الشبو» المخدر    تشيلسي يتوج بلقب الدوري الإنجليزي للسيدات للمرة الخامسة على التوالي    بايرن ينهي موسمه المخيب في المركز الثالث بعد الخسارة من هوفنهايم    نيابة عن ولي العهد.. وزير البيئة يرأس وفد المملكة المشارك في المنتدى العالمي ال 10 للمياه بإندونيسيا    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعلن إطلاق استطلاعات الرأي لجودة التعليم الجامعي وبرامجه.    تشخيص حالة فيكو الصحية «إيجابي» ووضع منفذ الاعتداء قيد التوقيف الاحتياطي    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 27 جائزة في آيسف 2024    عرعر تحتضن صالون أدب    تشافي يستبعد قرب الإطاحة به من تدريب برشلونة    "إرشاد الحافلات" يعلن جاهزية الخطط التشغيلية لموسم الحج    توطين تقنية الجينوم السعودي ب 140 باحثا    افترقوا بحب معشر العشاق    ورشة عمل لبحث أخلاقيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي مع عدة جهات حكومية    إتاحة مزاد اللوحات للأفراد ونقلها بين المركبات عبر أبشر    ترحيل 15566 مخالفا للأنظمة    حُكّام مباريات اليوم في "دوري روشن"    حملة مشتركة تسفر عن رفع ما يقارب الطنين من الخضروات والسلع المختلفة من الباعة الجائلين المخالفين بشرق الدمام    البحث العلمي والإبتكار بالملتقى العلمي السنوي بجامعة عبدالرحمن بن فيصل    جامعة الملك فيصل تحصد الميدالية الذهبية عن اختراع جديد    من ينتشل هذا الإنسان من كل هذا البؤس    مجسم باب القصر يلفت انظار زوار وسط بريدة    «غرفة بيشة» تساهم في دعم حفل تكريم المشاركين في مبادرة أجاويد ٢    الأمير سعود بن نهار يرعى حفل اطلاق الاستراتيجية الجديدة لغرفة الطائف    نعمة خفية    "تعليم الطائف" يعتمد حركة النقل الداخلي للمعلمين والمعلمات    قائد فذٌ و وطن عظيم    المربع الجديد: وجهة لمستقبل التنمية الحضرية بالسعودية    إندونيسيا: الكوادر الوطنية السعودية المشاركة في "طريق مكة" تعمل باحترافية    التخصصي : الدراسات السريرية وفرت نحو 62 مليون ريال    متحدث «الداخلية»: مبادرة «طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي والتقنية لخدمة الحجاج    «الحج والعمرة»: لا تصاريح عمرة ابتداء من 16 ذو القعدة وحتى 20 ذو الحجة    سفارة المملكة في قرغيزستان تحذر المواطنين بأخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن أماكن التجمعات    دراسة: الشركات الألمانية لا تسوق للسيارات الكهربائية بشكل جيد    «المركزي الروسي» يرفع الدولار ويخفض اليورو واليوان أمام الروبل    استمرار هطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    الهلال يخطف تعادلاً مثيراً من النصر بعد حسم "روشن"    جيرارد: فخور بلاعبي الاتفاق    السمنة والسكر يزيدان اعتلال الصحة    الهلال يتعادل مع النصر في الوقت القاتل في دوري روشن    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والترجي اليوم في نهائي دوري أبطال إفريقيا    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    مستقبلا.. البشر قد يدخلون في علاقات "عميقة" مع الروبوتات    العلماء يعثرون على الكوكب "المحروق"    الصين تستعرض جيش "الكلاب الآلية" القاتلة    طريقة عمل الأرز الآسيوي المقلي بصلصة الصويا صوص    طريقة عمل وربات البقلاوة بحشو الكريمة    ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    حراك شامل    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جائزة نوبل لتركي لا أتاتوركي
نشر في الحياة يوم 01 - 11 - 2006

شأني شأن الكثيرين من خلق الله كنت اجهل الروائي والكاتب اورهان باموك، ولم اكن اعرف عنه أكثر مما ورد في نبأ إخباري نشر منذ فترة مفاده"باموك سيمثل أمام القضاء بتهمة الإساءة للدولة التركية"، وهذا يعني تلقائياً ان الروائي باموك لم يعد ذئباً رمادياً ولا تركياً قحاً كأقرانه من أحفاد كمال اتاتورك، وقد أقحم نفسه في أمور"لا تعنيه"وتجرأ على فتح ملفات حساسة جداً تتعلق"بالمجازر المليونية للأرمن والاضطهاد القومي للكرد"والتي تعتبر من المحظورات في سجلات الثقافة الطورانية، وتشكل خطراً على الأمن القومي التركي، ومساساً بهيبة الدولة التركية وثوابتها، وإهانة وتجريحاً لمشاعر الملايين من الأتراك"وآل عثمان"، ولولا تدخل بعض الدول الغربية وتملق الدولة التركية وسعيها لتأمين تأشيرة الدخول الى ربوع جنة الاتحاد الأوروبي، لكان باموك الكاتب والروائي المبدع ابن 54 عاماً يقضي حياته اليوم خلف القضبان، ونال الكثير من الذل والمعاناة في سجون بلاده تركيا بدلاً من جائزة نوبل للآداب للعام الحالي، وتمت معاملته كخارج عن القانون وناكر للعقيدة الكمالية. اورهان باموك كاتب تركي ليس كغيره من مثقفي تركيا الحديثة ومريدي الايديولوجية القومية التركية الضيقة، يعرف عنه دفاعه عن الحريات في بلد يتميز بتبجيل وتعظيم الذات وإنكار الآخر، ويقوم على منطق"تركي زائد كردي يساوي تركيين".
خبر حصول باموك على جائزة نوبل، كان له وقعه على ذاكرتي المبعثرة ليعيد الى أسوارها الكاتب والباحث التركي إسماعيل بشكجي الفتى التركي الذي أراد له القدر ان يقضي خدمته العسكرية الإلزامية خلال 1962 1964 في كردستان والتي تسمى بالتركية جنوب شرقي الأناضول، وبين سكانها الكرد والذين يسمون بالتركية أتراك الجبال، ليرى بأم عينه ويكتشف عن قرب، ان الكرد ليسوا تركاً بل أمة قائمة بذاتها، ويصل الى حقيقة وقناعة راسخة كون الكرد شعباً مظلوماً ومضطهداً ويعاني على يد مستعمريه الترك الكثير من المآسي والويلات، ولأن الحق دائماً أقوى وأبقى من الباطل ومن ثقافة القوميين الأتراك وشوفينيتهم، وجد بشكجي نفسه يكتب ويدافع عن الكرد وحقوقهم، متحدياً الدولة التركية وقوانينها وجبروتها، البروفسور في العلوم الاجتماعية والسياسية إسماعيل بشكجي التركي الأصل، كرس حياته وكل جهوده في الدفاع عن القضية الكردية، وتعرض نتيجة لمواقفه النبيلة لملاحقة وعداء الدولة التركية، وصدرت بحقه أحكام بالسجن تصل الى اكثر من مئتي عام قضى منها اكثر من عشرين عاماً في غياهب السجون والمعتقلات التركية.
كما تذكرت الأرمن الشعب الطيب والجار والصديق الذي كان ضحية الجهل والتعصب الديني والقومي، حيث تعرض لأكبر جرائم الإبادة الجماعية في العشرينات من القرن الماضي، إذ قتل وفي شكل وحشي اكثر من مليون ونصف مليون ارمني من المدنيين العزل، وتعرضت الأمة الأرمنية لتصفيات جماعية بشعة على مرأى ومسمع العالم والمجتمع الدولي، ومن الصعب اليوم قبول الصمت والسكوت الدوليين إزاء تلك المذابح الوحشية، التي تعتبر بكل المقاييس ظاهرة لا أخلاقية فجة وصارخة في تاريخ البشرية.
جرائم الإبادة الجماعية لا تتقادم بمرور الزمن، واعتراف الدولة التركية بارتكابها ومسؤوليتها المباشرة عن تلك الجرائم هو أضعف الإيمان، والاعتذار الصريح والواضح وحتى التعويض من بديهيات الحقوق المشروعة والعادلة للأرمن.
الحكومة اللبنانية وللأسف لم تتجاوب مع رغبة مواطنيها من الأرمن ولم ترفض المشاركة التركية في صفوف"اليونيفل"داخل الأراضي اللبنانية، ولو فعلت الحكومة اللبنانية واقدمت على ذلك وصرحت عن أسباب رفضها للوجود التركي بسبب تعنت تركيا وعدم اعترافها بجرائمها بحق الأرمن، لكان الشهر الجاري شهراً للفضيلة والحق وشهراً ارمنياً وبامتياز، ولشكلت خطوة مكملة للقرار الشجاع للبرلمانيين الفرنسيين الذين أصدروا قانوناً يعاقب ويجرم كل من ينكر جرائم الإبادة الجماعية بحق الأرمن.
اختيار باموك من قبل الاكاديمية السويدية لجائزة نوبل، لا يخفي وراءه اسباباً سياسية صرفة، لكن له تبعات ونتائج سياسية وإنسانية، باعتبار باموك أديب وروائي يملك رؤية سياسية مناقضة لسياسة الدولة التركية التقليدية، وبعيداً عن المبالغة يعتبر حصول اورهان باموك على جائزة نوبل، انتصاراً للديموقراطية والعقلانية والتسامح وهزيمة للعنصرية والحقد الشوفيني والتعصب الديني، انه انتصار للضحايا الأرمن، ولخمسة عشر مليون كردي يعانون من وطأة العسكر التركي المحتل لكردستان. اورهان باموك وهو يدعو للكشف عن جريمة وقعت قبل اكثر من 90 عاماً، يثبت انه ينتمي الى تلك الأقلية والفئة النادرة من الناس، التي لو من الله علينا برحمته وبركته، وجعل من تلك الأقلية غالبية، لكان عالمنا بحال افضل وواحة للخير والوئام والسلام.
درويش محمى - بريد الكتروني
پپ[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.