سألني صحافي هولندي بالهاتف: دعيت الى المحكمة بتركيا بسبب حوار دار بين شخصيات أرمنية في روايتك الأخيرة، وأقصي ثلاثة مرشحين هولنديين من اصول تركية عن الانتخابات الهولندية لأنهم ينكرون إبادة الأرمن، فما رأيك؟ فأجبت: انني أرى الحوادث هذه بقلق وخوف، وأتابع ما يحصل لهولنداوفرنسا، وأتمنى أن تعود فرنسا عن الخطوة الخاطئة التي خطتها، فإذا كنا نؤيد حرية الرأي والتعبير، فعلينا ألا نكيل هذا الأمر بمكيالين. فأنا انتقدت المادة 301 من قانون العقوبات التركي لأنها تقيد حرية الرأي والتعبير. وانتقد حوادث هولنداوفرنسا التي تدعو الى تجريم من ينكر المذابح. ومثل تلك الاجراءات والخطوات تخدم المتطرفين القوميين من كلا الطرفين، وتقيد الراغبين في تحسين العلاقات بين الأرمن والأتراك. واذا تولّت الدول والحكومات مهمة كتابة التاريخ، فمعنى ذلك فرض رواية واحدة قسراً على المواطنين، وسد المنافذ على حرية الرأي والتفكير والبحث. والسياسيون لا يكتبون التاريخ، وليس ذلك من وظائفهم، والأفظع أن يقوم السياسيون بكتابة التاريخ وفق أهواء الناخبين على رجاء الحصول على أصواتهم. وأنا حرصت في روايتي الأخيرة"الأب واللقيط"على أن أسبر ذاكرة عائلات تركية وأرمنية عاشت في السابق معاً. وبحثت عن حكايا القرى والأهل، ودخلت في التفاصيل ولم أتبع التاريخ المروي المعروف، وإنما تعمدت الغوص في دخائل الحياة اليومية من طريق ما جمعته من الأجداد والنساء العجائز. ولم أخش نقل أي رواية على السنتهم. هذه احدى الطرائق التي يمكن سرد التاريخ بواسطتها وليست الطريقة الوحيدة. وأنا اؤيد اختلاف الرأي في سرد التاريخ. وأنا لا أرى أن استعمال كلمة مذبحة، أو تطهير عرقي، في وصف ما وقع للأرمن، صواباً. ولكنني أدعو الى إباحة استعمال التعبيرين. وأنا أعارض أن يمنع في فرنسا أحدهم من القول إن ما وقع لم يكن تطهيراً عرقياً. وأوروبا تتقلب في حال من"التركوفوبيا"، أو الخوف من الأتراك. وهذا جواب من لا يريد انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي. وعلى تركيا أن تسأل: كيف هي تركيا التي نريد أن نورثها لأولادنا وأحفادنا؟ هل هي تركيا الحريات والديموقراطية، والاسلام المنسجم مع الديموقراطية والثقافة الغربية، وعضو الاتحاد الأوروبي، أم تركيا أسيرة الخوف من التاريخ والمستقبل، من الاستقطابات والانقسامات والتهديدات. فعلينا أن نقول أي الصورتين نريد لمستقبلنا. وعلى أوروبا ان تسأل: هل نريد أن نخسر تركيا أم أن نكسبها؟ فعلى أوروبا كذلك أن ترسم صورة واضحة عن مستقبلها. فإما أن تكون أوروبا ديموقراطية ومتعددة الثقافات، أو أن تكون أوروبا منكمشة خائفة. والإجابة الأوروبية تسلم الى الإجابة التركية. عن أليف شفق، روائية تركية "زمان" التركية 4 / 10 / 2006