أكثر من 81 مليار ريال حجم الاستثمارات في البنية التحتية نشرت صحيفة الشرق الأوسط مقالاً لسمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، تناول فيه ملامح التحوّل الكبير الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة، مستعرضًا حجم القفزات التي حققها خلال السنوات الماضية تحت رعاية ودعم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وقد جاء المقال بعد فترة من اختتام أعمال النسخة الأولى من مؤتمر الاستثمار الثقافي الذي انعقد برعاية كريمة من سمو ولي العهد، وشكّل منعطفًا مهمًا في مسيرة تطوير الصناعات الإبداعية. في مقدمة مقاله، توقف سمو الوزير عند المشهد اللافت الذي سجله المؤتمر، حيث شهد توقيع 89 اتفاقية قاربت قيمتها خمسة مليارات ريال، في حضور نوعي لمستثمرين ومديري صناديق ورؤساء شركات من مختلف دول العالم. هذا الزخم، كما يشير، يعكس قدرة المملكة على رسم الاتجاهات المستقبلية لصناعة الثقافة بوصفها منظومة اقتصادية متكاملة، لا مجرد نشاط معرفي أو ترفيهي. ويمضي سمو الوزير في مقاله لتوصيف التحولات المتسارعة التي يشهدها القطاع الثقافي، مؤكدًا أن المبادرات السعودية جاءت استجابةً للتحديات العالمية واستشرافًا لاقتصاد ثقافي يتنامى بوتيرة متصاعدة. فحسب المؤشرات الدولية، يبلغ حجم الاستثمار الثقافي في العالم نحو 2.3 تريليون دولار أمريكي سنويًا، تمثل ما نسبته 3.1 % من الناتج العالمي، وهو ما يضع الثقافة اليوم ضمن أهم القطاعات الاقتصادية الأسرع نموًا. ويرصد المقال البداية الفعلية لصعود القطاع الثقافي السعودي، والتي انطلقت مع إعلان رؤية السعودية 2030، وتأسيس وزارة الثقافة، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للثقافة، وإنشاء 11 هيئة ثقافية تغطي مختلف المجالات. قبل هذه التحولات، لم تتجاوز مساهمة القطاع 30 مليار ريال من الناتج المحلي، أما اليوم فقد تضاعفت لتصل إلى 60 مليار ريال في عام 2023، مدفوعةً بدعم حكومي غير مسبوق تجاوز 7.1 مليارات ريال في عام 2024، وباستثمارات في البنية التحتية الثقافية وصلت إلى 81 مليار ريال. وفي سياق استعراضه لمؤشرات النمو، يشير وزير الثقافة إلى أن أعداد العاملين في القطاع ارتفعت إلى 234 ألف عامل، فيما سجلت التخصصات الثقافية في الجامعات نموًا لافتًا بنسبة بلغت 79 % في عدد الخريجين، و 65 % في عدد المتخصصين. كما أصبحت مبادرات بناء القدرات الثقافية تشكل ربع مبادرات وزارة الثقافة التي تجاوزت 500 مبادرة خلال فترة وجيزة. ويكشف المقال عن التوسع الكبير في مشاركة القطاع الخاص، إذ تجاوز عدد الشركات العاملة في الأنشطة الثقافية 51 ألف شركة في عام 2023، بزيادة بلغت 23.6 % منذ 2021، كما حصل القطاع الخاص على دعم مباشر تجاوز 377 مليون ريال العام الماضي. ويبرز الوزير دور الصندوق الثقافي الذي موّل 150 مشروعًا ثقافيًا بأكثر من 508 ملايين ريال، ومكّن 1517 رائد ورائدة أعمال في القطاعات الثقافية. ويخطط الصندوق لسد 45 % من فجوة التمويل وضخ 13.8 مليار ريال بالشراكة مع القطاع الخاص، إضافة إلى خلق 30 ألف وظيفة. ويمضي المقال ليعرض التوسع الكبير في القطاع غير الربحي، إذ ارتفع عدد الجمعيات والمؤسسات الثقافية من 28 جمعية عام 2017 إلى 1499 جمعية اليوم، وهو توسع يعكس المشاركة العميقة للمجتمع في الصناعة الثقافية. وبالتوازي، ازداد الإقبال على الفعاليات الثقافية ليصل عدد حضورها منذ 2021 إلى 23.5 مليون زائر، متجاوزًا مستهدف 2030 البالغ 22 مليون زائر. وفي حديثه عن البنية الثقافية الجديدة، يشير سمو الوزير إلى بروز مؤسسات نوعية مثل مركز الدرعية لفنون المستقبل، وبينالي الدرعية، وبينالي الفنون الإسلامية، وحي جاكس، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وغيرها من المنصات التي باتت حاضرة عالميًا وتستقطب أبرز المبدعين. ويقدم الوزير قراءة في حجم الفرص الاستثمارية المتاحة، حيث قفز الاستثمار في القطاع الثقافي إلى 1.8 مليار ريال، وشهد دخول 1700 استثمار دولي. كما ترتفع التوقعات بحلول 2030 إلى زيادة عدد الزوار للمواقع والفعاليات الثقافية، ورفع عدد الخريجين في التخصصات الثقافية إلى 255 ألف خريج، وخلق أكثر من 346 ألف وظيفة، ورفع قيمة الصادرات الثقافية إلى 24 مليار ريال. ويخصص الوزير مساحة للحديث عن قطاع الأفلام الذي تجاوزت استثماراته 3.5 مليارات ريال، محققًا 900 مليون ريال في مبيعات التذاكر سنويًا، مع توقعات بأن يبلغ حجم الطلب على قطاعات الأزياء والأفلام وفنون الطهي بين 31.9 و34.8 مليار ريال بحلول 2030. كما يُتوقع أن يصل حجم الطلب على الدعم المالي الثقافي إلى ما بين 75 و85.1 مليار ريال، بما يتيح فرصًا ضخمة للقطاع الخاص بقيمة بين 25.1 و34.8 مليار ريال. وفي ختام المقال، يؤكد سمو زير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان أن أعظم مكاسب الاستثمار الثقافي هو المبدع السعودي، بوصفه رأس المال الحقيقي للثقافة ومحركها الأساسي. فالثقافة - كما يصفها - تنطلق من عقل المبدع وقدرته على صياغة هوية وطنه وتقديمها للعالم، ومن هنا تأتي أهمية الاستثمار في الإنسان عبر الأكاديميات الفنية وجامعة الرياض للفنون، لتشكيل جيل جديد قادر على مواصلة النهضة التي تشهدها المملكة في قطاع الثقافة.