محمد العجلان: ذكرى البيعة تجديد للعهد والولاء والرؤية حوّلت الحلم إلى واقع اقتصادي عالمي    فهد العجلان: ذكرى البيعة تجسد التحولات العظيمة وتمكين الإنسان في عهد الملك سلمان    عزّنا بطبعنا: التعليم ركيزة القيم الوطنية    تداول يكسر الهبوط ويرتفع 5.06%    241 عقدا سكنيا يوميا    305 حرفيين في معرض الحرف والأعمال اليدوية    كيف يستخدم الناس ChatGPT فعليا    «كلاسيكو» فض الشراكة.. أقوى مواجهات الجولة    «كلاسيكو» الاتحاد والنصر.. مقارنة القيمة السوقية بين الفريقين    إنزاغي: سأعالج مشكلة الكرات الثابتة    روبيو ل لافروف: يجب وضع حد لإراقة الدماء واتخاذ خطوات لإنهاء الحرب    طرح تذاكر دورة ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض    لوحات تشكيليين تزين اليوم الوطني    القادسية يكسب العروبة ويتأهل إلى دور ال16 من كأس الملك    اتحاد الكرة يدشن أخضر الفتيات تحت 15 عامًا    وزير الخارجية: السعودية ستواصل جهودها بلا كلل من أجل دولة فلسطينية مستقلة    تسعيني ينافس الشباب باحتفالات الوطن    السمنة والقلب على رأس التدخلات الجراحية في المملكة    أبرز أسباب الشعور بالكسل    الرئيس الإيراني: إيران لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية    فنانون يحتفلون باليوم الوطني السعودي في "فنون جدة"    غرفة بيشة تحتفل باليوم الوطني ال95    رؤية وطننا تقودنا لمستقبل واعد    "اليوم الوطني" نافذة تسويقية للمنجزات    ماذا يعني فتح سوق الأسهم لزيادة ملكية الأجانب؟    أهالي الدوادمي يحتفون باليوم الوطني    اختتمت أمانة منطقة تبوك احتفالاتها باليوم الوطني ال95 والتي أقيمت على مدى يومين متواصلين تحت شعار "عزّنا بطبعنا"    المرأة السعودية تشارك في العروض العسكرية بفعالية «عز الوطن»    مستشفى سليمان الحبيب بالتخصصي يعيد زراعة أصبع مبتور بنسبة «100» بعملية دقيقة    أمير جازان ونائبه يشاركان منسوبي الإمارة الاحتفاء باليوم الوطني للمملكة ال95    أمير منطقة جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي والفائزين بجوائز محلية ودولية    القبض على (6) إثيوبيين في عسير لتهريبهم (90) كجم "قات"    اليوم الوطني المجيد 95    البعثة الروسية لدى منظمة التعاون الإسلامي تحتفي باليوم الوطني السعودي ال95    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال65 لإغاثة قطاع غزة    أبناء وبنات مجمع الأمير سلطان للتأهيل يزورون مرضى مجمع الدمام الطبي    هيئة جائزة الملك سلمان العالمية لأبحاث الإعاقة تعقد اجتماعها الأول للدورة الرابعة    وزير الخارجية يشارك في اجتماع بشأن مستقبل غزة في نيويورك    إنطلاق فعاليات الاحتفاء باليوم الوطني ال95 بمدارس تعليم جازان    رحيل المفتي العام السابق الشيخ عبدالعزيز آل الشي "إرث علمي وديني خالد "    "هيئة الأمر بالمعروف" تشارك في فعاليات اليوم الوطني 95    (الهفتاء ) يتلقى تكريمًا واسعًا من إعلاميي السعودية والعالم العربي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية غينيا بيساو بذكرى استقلال بلاده    «ناسا» تكشف عن فريقها ال24 من روّاد الفضاء 23 سبتمبر 2025    فقيد الأمة: رحيل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وعطاء لا يُنسى    القيادة تتلقى تعازي قادة دول في مفتى عام المملكة    شراكة إستراتيجية بين مركز الملك سلمان و«إنقاذ الطفولة»    تعزيز الابتكار الصناعي مع الصين    الملك سلمان: نحمد الله على ما تحقق من إنجازات في بلادنا الغالية    قصص شعرية    أحلام تتألق في الشرقية بليلة غنائية وطنية    «وِرث» يعزز الهوية الثقافية السعودية للمسافرين    التقي القيادات في منطقة نجران.. وزير الداخلية: الأمنيون والعسكريون يتفانون في صون استقرار الوطن    المشي يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    الاتحاد يتأهل لثمن نهائي الكأس على حساب الوحدة    الدفاع المدني يشارك في فعالية وزارة الداخلية "عز الوطن" احتفاءً باليوم الوطني ال (95) للمملكة    حفاظاً على جودة الحياة.. «البلديات»: 200 ألف ريال غرامة تقسيم الوحدات السكنية    الأمن يحبط تهريب 145.7 كجم مخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المراثي تختلط بالفضائح و "الانترنت" فسحة حرية . المشهد الثقافي السوري "غائم جزئياً"
نشر في الحياة يوم 21 - 05 - 2005

منذ نحو شهرين، تنادت مجموعة من الكتّاب الشباب لتأسيس"رابطة الكتاب المستقلين"في سورية، فهؤلاء شعروا فجأة، أنهم في حاجة إلى فضاء ثقافي مستقل، يعبر عن تطلعاتهم وهواجسهم المختلفة، ويضيء أحوال"النص الآخر"، والتجارب الابداعية الجديدة والمهملة، بعدما هيمن النص الرسمي على المشهد الثقافي السوري طويلاً. ومثل معظم الحماسات الشبابية، أُجهضت الفكرة في المهد، تبعاً لارتباكها أولاً، وثم لاختلاطها لدى بعضهم بالخطاب السياسي والبعد الايديولوجي. وبدا أن الأمر لا يتجاوز الرغبة في الظهور والاستعراض. ولعل ما تبقى من هذه النسمة العابرة، واللحظة المرتجلة، هو حاجة المبدع السوري الشاب، إلى فضاء ثقافي لم تلوثه الرطانة السياسية، كما يحصل في"اتحاد الكتاب العرب"، هذه المنظمة الشعبية التي تحولت تدريجاً قلعة حصينة ومغلقة على أصحابها، يتقاسمون النفوذ والولاء والغنائم. وإذا بعشرات الكتاب يجدون أنفسهم خارج"خيمة الاتحاد"، سواء من طريق رفض طلبات الانتساب، أم بالفصل، أو بالرقابة المشددة على النصوص، في وقت قبلت طلبات انتساب لضباط متقاعدين وكتاب عرائض مجهولين، شكلوا فعلاً قائمة انتخابية راسخة، تعيد إنتاج علي عقلة عرسان، رئيساً أبدياً للاتحاد، تحت شعار"الانتخابات الديموقراطية". هكذا وجد المثقف السوري المستقل نفسه في العراء، تتجاذبه أهواء متضاربة، بين الانخراط في المؤسسة الرسمية المحنطة، على أمل ان يفتح نافذة في الجدار الكتيم، أو الصمت والانطواء. لكن المتغيرات العالمية العاصفة، خصوصاً تلك التي وضعت الخريطة السورية في الواجهة، أحيت أملاً غامضاً في خلاص من نوع ما، فانساق بعضهم وراء وهم"مرحلة جديدة"، تتيح أمامهم فرصة مختلفة للتعبير وإثبات الذات. وسارع هؤلاء إلى اختطاف راية الحقبة المقبلة، والتبشير بها، من طريق كتابة"صكوك غفران"، و"براءة ذمة"من مرحلة سابقة، أرادوا أن ينفضوا ايديهم من تبعاتها وفواتيرها المستحقة. هكذا ظهرت عشرات المقالات والعرائض الايديولوجية، وحفلات توقيع البيانات، لأسماء لم يكن لديها أي رصيد ثقافي، مشفوعة بالاتهامات والإقصاء المضاد، ورفض كل ما هو موجود في الساحة. وبدا أن هؤلاء هم الذين يحملون"الأختام الملكية"، ومفاتيح الجنة الموعودة، فيما وقف آخرون عند طرف الحلبة، من موقع المراقب، أو المتفرج الصامت. وغابت عن المشهد الصورة الكاملة للمثقف الوطني بمعناه العمومي، فالسجال الدائر اليوم، إما انه حديث مقاه، وإما انه يجري خارج الملعب المحلي، تختلط فيه المراثي بالفضائح. فمن النادر أن تفتح الصحافة المحلية سجالاً ثقافياً ساخناً على صفحاتها، ربما ما عدا النفير القومي الصاخب الذي يطلقه علي عقلة عرسان في افتتاحياته النارية في مطبوعات"اتحاد الكتاب العرب"، وفي مقابلاته التي تبثها الفضائيات، باتهامه المثقفين بالتخوين، كما حصل أخيراً بخصوص من يظهر على فضائية"الحرة".
ولعل هذا الانهماك في الخطاب السياسي على حساب الخطاب الثقافي والابداعي، أدى إلى خسائر من نوع آخر، انعكست في كل مظاهر الاختلاف، سواء في الرواية، أم المسرح أم السينما أم التشكيل، في حال اللامبالاة، تجاه أي حدث ثقافي مهم، ما خلا بعض المتابعات النقدية المضجرة، على يد كتاب متدربين، وإذا بهم في غفلة من الجميع، يحتلون الصفحات الثقافية وشاشة التلفزيون، والمنابر الثقافية، إلى جانب أسماء أبدية، لم تغادر مواقعها منذ ثلاثة عقود، على الأقل، بصور قديمة، توحي أنهم ما زالوا شباباً. وهؤلاء أنفسهم هم أبطال كل المناسبات، فهم نجوم المهرجانات، والمقابلات التلفزيونية، وأعمدة الصحف، وجوائز التكريم، على رغم قطيعتهم المزمنة مع المشهد الثقافي وتحولاته المفترضة، وكأن هذا المشهد تعطّل عن البث تماماً، بوجود بنى ثقافية عتيقة، انتهى عمرها الافتراضي.
وهذه"السكونية"ذاتها، هي ما جعل المناخ الثقافي السوري الجديد، يعيش حالة ما يسمى في أحوال الطقس"الغائم جزئياً"، بانتظار غيمة ماطرة، تغسل الصدأ القديم، وتعيد اكتشاف جوهر الثقافة السورية الأصيلة، هذه الثقافة التي أفرزت تاريخياً، أسماء مهمة، منذ أن أطلق أبو خليل القباني صيحته الأولى، في آخر القرن التاسع عشر، مروراً بالانقلاب الشعري الذي قام به نزار قباني في خمسينات القرن العشرين، إلى بيانات سعدالله ونوس من أجل مسرح عربي جديد، إلى تجارب السينما السورية اللافتة، ومقترحات الجيل الشاب في قصيدة النثر. لكن الأمر الذي يثير الانتباه في هذا الخصوص، أن كل هذه التجارب، تعرضت للنفي والاقصاء خارج مياهها الاقليمية. هكذا وجد أبو خليل القباني نفسه في مصر، تحت ضغوط القوى الظلامية، مثلما هاجر لاحقاً أدونيس ومحمد الماغوط إلى بيروت، وعمر أميرلاي ويوسف عبدلكي وبشار العيسى وسليم بركات إلى المنافي الأوروبية، وكان الإبداع السوري المختلف لا يكتمل إلا بالنفي والتهميش.
وإذا كانت هذه الأسماء وسواها حققت حضوراً استثنائياً في منابر عربية وعالمية، إلا أن جيلين على الأقل هما جيل الثمانينات والتسعينات، ظلا في منطقة التجاذب والإقصاء والإهمال، ولم يتمكنا من زحزحة"مقاعد الكبار"، بذريعة"لم يبق محلات"، في هذا العرض المتواصل الذي يفتقر إلى الجدارة المهنية، وبات الحصول على موطئ قدم، أشبه بمعجزة، ما جعل معظم الكتابات الجديدة، تلجأ إلى شبكة الانترنت، بصفتها مكاناً للنص المؤجل والهامشي، من دون أن تتخلى عن نبرة الاحتجاج والهتاف لثقافة مغايرة وجريئة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.