إحباط محاولة تهريب أكثر من 732 ألف حبة من مادة الإمفيتامين المخدر    بلدية فرسان تكرم الاعلامي "الحُمق"    موعد مباراة الهلال ومانشستر سيتي في كأس العالم للأندية    مواعيد مواجهات دور ال16 من كأس العالم للأندية    استشهاد 22 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    مدير جوازات الرياض يقلد «آل عادي» رتبته الجديدة «رائد»    شاموسكا إلى التعاون.. واتفاق بين نيوم وجالتييه    وزارة الرياضة تحقق نسبة 100% في بطاقة الأداء لكفاءة الطاقة لعامي 2023 -2024    الذهب يتجه لثاني خسارة أسبوعية    الصين تؤكد تفاصيل الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة    الهلال يتأهل إلى دور ال 16 في مونديال الاندية    طقس حار الى شديد الحرارة على معظم مناطق المملكة    رئاسة الشؤون الدينية تُطلق خطة موسم العمرة لعام 1447ه    كرة القدم الحديثة.. عقل بلا قلب    القادسية.. موسم ذهبي وأرقام قياسية في موسم مثالي    دول أوروبية بلا حدود داخلية    أخلاقيات متجذرة    ترمب يصعّد معركته ضد باول.. حرب الفائدة تربك الأسواق الأميركية    القبض على وافدين اعتديا على امرأة في الرياض    استمتع بالطبيعة.. وتقيد بالشروط    د. علي الدّفاع.. عبقري الرياضيات    في إلهامات الرؤية الوطنية    ثورة أدب    الأسيرة الفلسطينية.. حكاية الألم    اختتام فعاليات المؤتمر العلمي الثاني لجمعية التوعية بأضرار المخدرات    البدء بتطبيق"التأمينات الاجتماعية" على الرياضيين السعوديين ابتداءً من الشهر المقبل    رسميًا.. رونالدو مستمر مع النصر حتى 2027    نجران ترسم مستقبلها الإستثماري بنجاح مبهر في منتدى 2025    أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    أمير الشرقية يُكرِّم "مجموعة مستشفيات المانع" لرعايتها الطبية منتدى الصناعة السعودي 2025    شبكة القطيف الصحية تطلق مبادرة "توازن وعطاء" لتعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    تدخل طبي عاجل ينقذ حياة سبعيني بمستشفى الرس العام    القبض على 3 مخالفين لنظام أمن الحدود ظهروا بمحتوى مرئي في صبيا    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    الخط العربي بأسلوب الثلث يزدان على كسوة الكعبة المشرفة    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    تحسن أسعار النفط والذهب    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    الجوازات: جاهزية تامة لاستقبال المعتمرين    في جولة الحسم الأخيرة بدور المجموعات لمونديال الأندية.. الهلال يسعى للتأهل أمام باتشوكا    عسير.. وجهة سياحة أولى للسعوديين والمقيمين    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    "التخصصات الصحية": إعلان نتائج برامج البورد السعودي    مرور العام    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل البريطاني    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمعا وبصرا - إشكالات يوحنا بولس وتفاوت الأحزان
نشر في الحياة يوم 10 - 04 - 2005

هذه المرة فعلاً توفي البابا يوحنا بولس الثاني. فمنذ عشر سنوات، وقداسة البابا يعاني من تراجع صحي، حتى ان بضعة من وسائل الاعلام ظنت انها تستبق الحدث معلنة مراراً وفاة البابا. لذا فساعة موته الفعلية، لم تفاجىء وسائل الاعلام، اذ ان عدداً من الأفلام الوثائقية والتعليقات السياسية والدينية، وتوقعات الخلافة، كانت جاهزة في الارشيف تنتظر منذ سنوات موعدها. وخلافاً ليوحنا بولس الأول، الذي لم يترأس الكنيسة سوى شهر واحد، بسط يوحنا بولس الثاني نفوذه خلال ربع قرن، وهو زمن لم يعرفه بابا قبله منذ قرون، وجاب دول العالم على نحو لم يقم به أي حبر قبله، وأثّر على مجريات العالم تماماً كقائد لدولة عظمى. وتهافت تهكم ستالين المشهور:"كم فرقة عسكرية يملك الفاتيكان؟"كما انهار جدار برلين أمام تعنت هذا البابا في مكافحته للشيوعية مثلما تشدد في مواجهة قضايا أخرى تتناقض مع تأويله للدين المسيحي.
واذا عانى علمانيو دول أوروبا الكاثوليكية من سيطرة نبأ وفاة البابا على مجمل البرامج الاخبارية، واحياناً غير الاخبارية، وكأن دورة العالم توقفت ولم تعد هناك حروب ومجازر وحياة سياسية أو ثقافية، ولا حتى أحداث متفرقة، فان"اصوليي العلمنة"ذهبوا في رفضهم الى حد المعارضة لفكرة تنكيس الاعلام في فرنسا، ابنة الكنيسة البكر، بينما كانت كوبا الشيوعية ومصر المسلمة تعلنان ثلاثة أيام حداد دون اية معارضة تذكر. وقد كان من أوائل أفعال البابا ساعة تربعه على كرسي الفاتيكان، أنه عقد حلفاً مع الرئيس الاميركي رونالد ريغان للخلاص من الشيوعية في أوروبا الشرقية، ولمساعدة نقابة"التضامن"البولندية في صراعها مع النظام الشيوعي. ومن هنا راحت بصماته على العالم، خلال ربع قرن، تظهر فكراً سياسياً أكثر تعقيداً من مجرد مكافحة الشيوعية. فمفارقاته عديدة و"حداثته"شابها الكثير من التحفظ والجمود خصوصاً ما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والجنسية، لذا نرى آسيا والقارة السوداء تذرفان الدموع على يوحنا بولس الثاني، بما فيها دول اعتُبرت يوماً"ماركسية"، وقد زار البابا كوبا كما زار بعض تلك الدول"اليسارية"مرتين، اي أكثر من اي رئيس دولة في العالم، مع ان القاعدة كانت تقضي بأن يأتي رؤساء الدول الى الفاتيكان. كذلك حظيت كوريا الجنوبية ربع سكانها كاثوليك بزيارتين، وقد تعلم البابا القليل من اللغة الكورية أن يستشهد بكونفوشيوس وهو يطأ أرض سيول، وليعلن للكوريين ان بلادهم هي بولندا آسيا.
هذا البابا التي اعتبرته صحيفة"فاينانشيال تايمز"قريباً من الاشتراكية - الديموقراطية الأوروبية، مركزة على مواقفه المنتقدة للرأسمالية، والذي وقف مراراً في وجه السياسة الاميركية، وعلناً على الاقل مرتين في السنوات الأخيرة ضد الحرب الاميركية في العراق وضد سياسة بوش البيئية، هو، ويا للمفارقة، من ساهم في انجاح معركة جورج بوش الرئاسية الثانية. فجماهير الكاثوليكية في الولايات المتحدة صوتت بشكل ملحوظ للبروتستانتي بوش وتجاهلت الكاثوليكي جون كيري، لأن بوش شدد في حملته على قيم يوحنا بولس الثاني الأخلاقية، معيداً في خطاباته جملاً بأكملها من نصوص البابا بالطبع من دون التذكير بأن البابا كان ايضاً يعادي عقوبة الاعدام السيئة الذكر في الولايات المتحدة الاميركية.
وروسيا فلاديمير بوتين عاشت مأزقاً بين سياسييها وكنيستها الارثوذكسية ازاء يوحنا بولس الثاني. فالرئيس بوتين خريج"الكي جي بي"التي يُقدّر اليوم أنها المسؤول الاول عن محاولة اغتيال البابا سنة 1981، كان يود استقباله، وتحسين صورته عبر هذا الاستقبال، على الأقل كما فعل كاسترو. لكن تعنت الكنيسة الارثوذكسية، التي ألهبت الصدور ضد هذا البابا، تماماً كما يفل تقليديون لم يخفوا حنقهم من الحداثة، هو ما منع ذاك اللقاء.
يبقى أن فصيلين من كاثوليك العالم لم يبكيا بابا روما الراحل: كاثوليك المانيا الذين، أمام زخم وحداثة الفكر البروتستانتي، أرادوا ادخال بعض التعديلات على اللاهوت الكاثوليكي في قضايا تعنى بتنظيم النسل، او اعطاء المرأة حق اقامة القداديس والمراسيم الدينية، وجاء الرفض القاطع في رد البابا إبان زياراته العديدة لألمانيا. اما كاثوليك اميركا الجنوبية، فلم يجدوا في يوحنا بولس الثاني أي بصيص أمل اذا ما اسثنينا كوبا!. فالكنيسة الكاثوليكية لم تستطع وقف المد البروتستانتي، ولا انفتحت على قضايا القارة: الفقر، الحريات، الديموقراطية، كما رفضت ما كان جوهر كنيسة اميركا الجنوبية وحداثتها، أي ما سمي بلاهوت التحرير.
اما في الشرق الاوسط، في زمن ظهور الاصوليات وسيطرتها، فبدا يوحنا بولس الثاني معتدلاً منفتحاً على الآخر... وهو اعتدال جنبه دخول حلبة صراع الأديان والحضارات، لكن لم يجنب رعاياه الموت أو الرحيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.