التعديل المزمع إجراؤه على الدستور المصري تحول تاريخي. هذا ما لا ينكره أحد. لكن الخطأ الذي يبدو أنه سينطوي عليه يستحق هو الآخر ان يوصف بأنه خطأ تاريخي! المتاح حتى الآن من معلومات عن هذا التعديل هو أنه سيتضمن ضمانات لمنع"الجماعات غير الشرعية"من الوصول الى المنصب, وهي صياغة مراوغة لخطيئة سياسية اصرت عليها النخبة العسكرية المصرية لاكثر من خمسة عقود عندما اعتمدت خيار"الاقصاء"في حق الاسلاميين, وهو ما ترتبت عليه نتائج معمدة بالدم دفع ثمنها الشعب المصري كله. ومن السذاجة تصور أن نظاماً سياسياً أياً كانت مرجعيته يخلو من"ثمرة محرمة", غير أن طريقة تحديد هذه الثمرة وكيفية منع ظهورها هو ما يميز نظاماً عن آخر. والنتيجة التي يؤدي اليها التحديد الخاطئ للثمرة المحرمة تعكسه قصة آدم عليه السلام عندما خلقه الله سبحانه وتعالى ومنحه وحواء حق أن يأكلا من ثمر الجنة حيث شاءا ثم استثنى من دون أن يقرن النهي بتبرير عقلي"ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين"البقرة 35 وعندما استزلهما إبليس لم يسلك طريق التشكيك في وجوب طاعة الامر الإلهي, بل"زين"لهما أن يقربا الشجرة عبر تضليلهما عن حقيقتها"هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى"طه 120, وربما كان هذا مبرراً مقبولاً لان نعتبر ابليس المعلم الاول لفن التضليل قبل غوبلز. وابليس عندما رفض السجود لآدم كان رفضه ينطوي ضمناً على ادعاء امتلاك ما يمكن ان نسميه"حق تصنيف المخلوقات"ثم ادعاء امتلاك ما"جهة تصنيف المخلوقات"وبناء عليهما رفض السجود:"أنا خير منه خلقته من طين وخلقتني من نار"الاعراف 12 وبناء على هذه المقدمات اعتبر النار خيراً من الطين, ورتب على ذلك أن من حقه - أو من واجبه - ألا يسجد لآدم, ثم ترتب على الرفض والطرد من رحمة الله ان يصرف كل همه الى إغواء آدم ونسله"لأزينن لهم في الارض ولاغوينهم أجمعين"الحجر 39 بدل أن يصرفه الى إنقاذ نفسه, رغم أنه, في كل ما جاء في القرآن على لسانه, مقر بعبوديته لله. وادعاء سلطة سياسية ما أن من حقها تحديد"ثمرة محرمة"من دون أن تكون محل اجماع وطني, وفرض هذا التحديد عبر آليات النظام السياسي ليس إلا"ثيوقراطية"وإن ارتدت ثوباً مدنياً. ويصبح هذا الخطأ خطيئة إذا سلك"الاكليروس العسكري"سبيل التضليل لفرض"شريعته". كاتب مصري.