"إنّي اخترتك يا وطني حباً وطواعية، إني اخترتك يا وطني سرّاً وعلانية"... على وقع أغنية مارسيل خليفة، احتفل شباب"الحركة الاجتماعية"باليوم العالمي للتطوّع 8 كانون الأول/ ديسمبر. وقرّر المتطوّعون في هذه الجمعية الأهلية أن يحتفلوا بالمناسبة بالفنّ من موسيقى وتمثيل وغناء ورقص، فقاموا بال"تطوعّ"مرة أخرى وعرضوا مواهبهم في مضمار الفنون. لماذا اختاروا الفنّ بشكل عام؟ يقول ربيع فخري 26 عاماً المسؤول عن المتطوّعين في الحركة، إنّهم قرّروا الاحتفال باليوم العالمي للتطوّع كي يعبّر الشباب بطريقتهم الخاصّة عن نظرتهم إلى فكرة التطوّع التي أصبحت صفة نادرة في مجتمعاتنا،"وأتى التعبير عن ذلك بالموسيقى والغناء والرقص نتيجة الأنشطة التي قمنا بها في الصيف". ويضيف ربيع:"لقد قمنا بسلسلة نشاطات في الصيف لتشجيع الفنّ البديل، أي تشجيع فنّانين شباب لم تُتح لهم فرصة التعبير عن مواهبهم لتقديم"منتوجهم". ويتابع فيما تعلو نبرة صوته:"ليس صحيحاً أنّه لا يمكننا أن ننتج شيئاً، أردنا كسر مقولة أنّنا نستهلك فقط وان الاستهلاك هو الرائج. لدينا فنّانون شباب أرادوا تقديم شيء وأعجب الجمهور اللبناني والشباب بشكل خاص". وتعنى الحركة الاجتماعية بالأفراد الأكثر حاجة أي الفقراء، ومعالجة التسرّب المدرسي، والشباب الذي يواجه مشكلات في المناطق الفقيرة، والسجناء من أحداث ونساء، والتحسيس على قضايا مختلفة مثل الفقر والعلمانية. الحوار غير مستحيل ربيع الذي تطوّع في الحركة الاجتماعية منذ عام 2001 خاض قبلاً تجربة العمل الشبابي في الجامعة. إلا أنّه رأى أنّ هذا العمل لم يؤت بنتيجة وأن الحوار مستحيل بسبب"الاختلاف في التوجّهات لدى الطلاب ما يحول دون التوحّد حول قضية تهمّ الشباب". إلا أنّه عثر على ضالته في الحركة الاجتماعية التي يعمل معها ما معدله 200 متطوّع. ويرتفع العدد في الصيف وينخفض في الشتاء وأيام الامتحانات. ومعظم المتطوعين طلاب جامعات. ويتحدّث ربيع عن أهميّة خفض سنّ الانتساب إلى الجمعيات الأهلية من 21 إلى 18 سنة، لأنّ المشكلة الرئيسية التي تقف حاجزاً أمام تطوّع الشباب الذين تخرّجوا في الجامعة هي"الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية التي تمنع الشباب من التفكير إلا بنفسه. فالشاب الذي يتعدّى 22 عاماً يطغى عليه الهمّ الاقتصادي فيعود إلى دائرته الضيقة وتدفعه ضغوط الحياة مثل التفكير في العمل، أو الهجرة أو الزواج وتأسيس عائلة بعيداً من"رفاه"التطوّع". والشباب اللبناني الخارج من حرب أهلية، يعاني من الإحباط بسبب المناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ما لا يشجّعه على مساعدة الغير، لأن أولويات البقاء غير مؤمنة... بكل بساطة! هذه من الصعوبات التي واجهتها مجموعة المتطوّعين في الحركة في دفع الشباب إلى العمل التطوعي في الحقل العام. أما الصعوبات الأخرى فكانت التحسيس على قيمة هذا العمل التضامني والفارق الشاسع بين الواقع ونظرة الشباب إلى الوضع في لبنان. ويقول ربيع:"لن تصدّقي أن بعض الشباب لم يستطيعوا أن يصدّقوا انّه يوجد هذا القدر من الفقر في لبنان". ويتحدّث ربيع بحماس عن المشاريع التي تعدها"الحركة الاحتماعية"سواء بالتعاون مع الجمعيات الأخرى التي تعنى بالشباب أو وحدها. ومن المشاريع العمل على قضية المواطنة وخفض سنّ الاقتراع من 21 إلى 18 سنة وسنّ الترشّح من 25 إلى 21 سنة وسنّ الانتساب إلى الجمعيات من 21 إلى 18 سنة لأنّه حسب ربيع"لا يمكن للشاب أن يكون متطوّعاً ولا يشارك في اتخاذ القرار". وتعمل الحركة ايضاً على موضوع الشباب والاقتصاد عبر تشجيع المبادرات الشابة المنتجة وإثارة مشكلة الشباب والعمل وتحدياته. أخيراً، أراد المتطوّعون في الحركة كسر مقولة"صدام الحضارات"عبر إقامة شراكة مع المجلس الثقافي البريطاني لتفعيل الحوار بين الشباب العربي والشباب البريطاني بهدف إظهار أنّ الغنى لا يمكن أن يكون إلا بالتنوّع. ولم يكتفوا بذلك، بل عادوا إلى الوراء، ليس لنبش الماضي بل لإقامة جسر حوار بين الشباب الفلسطيني واللبناني الذين تفصلهم هوّة الحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان.