منذ عودتها من مهجرها قبل 65 سنة في"جزيرة المتاحف"على ضفاف نهر شبري في برلين ليل الخميس الماضي وسط حراسة أمنية مشددة تليق بها، جذبت الملكة الفرعونية نفرتيتي منذ افتتاح معرضها مساء الجمعة الفائت، وسط احتفال رسمي وشعبي نادر، أكثر من عشرة آلاف زائر حتى مساء الأحد كما صرح أمس المتحدث باسم"المتحف القديم"ماتياس هنكل. ويتوسط هذا الكنز الفني الفرعوني المتمثل بتمثال نصفي للملكة الفرعونية، زوجة الفرعون أخناتون و"جميلة برلين"كما يسميها الألمان، المحتويات الفرعونية للمعرض داخل صندوق كبير من الزجاج المصفح الذي صنع خصيصاً لها. وتناقلت مختلف وسائل الإعلام الألمانية نبأ نقل الملكة الفرعونية وافتتاح معرضها الجديد على مدى يومين وتصدرت صورتها الملكية الصفحة الأولى للكثير من الصحف. لكن رحلة نفرتيتي الأبدية لم تنته بعد ومحطتها الحالية في"المتحف القديم"الذي صممه المعماري الألماني الشهير كارل فريدريش شينكل في ثلاثينات القرن التاسع عشر موقتة وتنتهي عام 2009. وستنتقل الملكة حينذاك بصورة نهائية الى"المتحف الجديد"الخاضع حالياً الى عملية ترميم شامل والذي احتلته منذ عام 1850 وحتى عام 1939، بدء الحرب العالمة الثانية. ولحسن الحظ عمل المسؤولون عن قطاع متاحف الدولة في برلين على نقل تمثال الملكة الفرعونية ومختلف الآثار الفرعونية الأخرى الى مكانين آمنين في غرب برلين وشرقها. وبالفعل تعرض المتحف الى تدمير كبير عام 1944 خلال معركة احتلال العاصمة الألمانية على يد الحلفاء. وعلق مدير"المتحف المصري"ديتريش فيلدونغ على نقل نفرتيتي من متحفه الذي استضافها مدة 40 سنة الى"جزيرة المتاحف"قائلاً:"ان هذا اليوم يمثل بالنسبة الينا نهاية حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية". وهذا ما أكدته أيضاً وزيرة الثقافة الألمانية كريستينا فايس التي شاركت في حفلة الافتتاح الرسمي للمعرض وأشارت في كلمتها الى انه مع عودة هذه الآثار النادرة"نطوي صفحة أحد أسوأ جروح الحرب الخاصة بالمتاحف". والى جانب كلمات عدد من مديري ادارات المتاحف في برلين، ألقى سفير مصر في ألمانيا محمد العرابي كلمة في المناسبة ركز فيها على عظمة الحضارة الفرعونية وشكر الألمان، مسؤولين وشعباً، على اهتمامهم الكبير بها ورعايتهم الشديدة لها. ويصل عدد القطع الأثرية الفرعونية المعروضة حالياً في"المتحف القديم"الى 1200 قطعة فقط بسبب ضيق المكان، وهو يمثل نصف عدد الموجودات الفرعونية التي ستعرض كلها لاحقاً في"المتحف الجديد". وتشمل المعروضات تمثالاً صغيراً جداً لنفرتيتي ورسماً ملوناً لها مع زوجها الملك أخناتون على قطعة حجر كلسي وتمثالاً لوالدة الفرعون توت عنخ آمون، وأوراق بابيروس تحتوي على كتابات بالهيلوغريفية ولغات أخرى، وكذلك على مجوهرات ونعوش ومومياءات وأدوات منزل وجرار تعود الى ما بين 1800 و300 قبل الميلاد. أما رأس نفرتيتي - الرائع في جماله وهندسته - الذي نحته توت موزيس من الحجر الكلسي والجفصين، فيعود الى العام 1347 قبل الميلاد.