"شعرية طائر الضوء: جماليات التشكيل والتعبير والتعبير في قصائد ابراهيم نصرالله"، هو عنوان الكتاب الجديد للناقد العراقي محمد صابر عبيد المؤسسة العربية: 2004 - 191 صفحة، وفيه يقدم قراءة نقدية تحليلية لعدد من قصائد الشاعر، ملحقاً بها مختارات من شعره تتكامل بها الصورة الشعرية التي اراد تقديم الشاعر من خلالها والتي تتلخص في كونه شاعراً"يتميز بتجربة شعرية شديدة الخصوصية ... وقصيدته ذات تميز اسلوبي وتركيبي وبنائي يختلف بها عمن سبقوه وعمن جايلوه"من الشعراء. اذا كان الناقد رأى في دراسته شعر الشاعر تميز قصيدته بما يجعل منها - بحسب رأيه -"قصيدة متفردة"رؤيا وتجربة وأسلوب تعبير وكثافة رمزية، بما يجعل منه شاعراً له خصوصيته، وبالتالي استقلاليته الشعرية... فإنه راعى في"المنتخبات"ان تكون الوجه الابداعي لهذا كله. فقد حرص الشاعر في قصيدته هذه - كما يقول الناقد - أن تأتي متجاوزة"فكرة كونها مرآة للقراءة الى حقيقة انها استمرار لها. فالرؤية النقدية التي يمكن ان تجليها القراءة لا يمكن ان تستكمل بعدها المنهجي والجمالي الا باحتوائها النصوص المنتخبة كاملة". وبين"الرواية التي يكتبها بمزيد الخصوصية، موضوعاً وأسلوباً و"القصيدة"في بعدها هذا، نجد التفاعل متحققاً في تجربة نصرالله... ذلك"أن تجربته الروائية الموازية لتجربته الشعرية تمثل عتبة مهمة من العتبات التي تدعم جدل العلاقة بين التجربتين". ففي هذا يجد تجربته الروائية، تضيف الكثير من المعطيات الفنية والجمالية والمزاجية للتجربة الشعرية، كما تفعل التجربة الشعرية الفعل ذاته في التجربة الروائية. تهيمن على الدراسة التي استغرقت نحو مئة صفحة من الكتاب روح الاعجاب بالنصوص التي يقرأ للشاعر، وتندفع به روح الاعجاب هذه متمثلة في تعبيرية نقدية تتخذ من"التماهي"مع النص المقروء أسلوباً في غير موضع من الكتاب. فإذا كان الناقد وهو شاعر ايضاً يكتب عن شاعره بلغة شعرية شفافة كمثل قوله:"يستلهم الشاعر ابراهيم نصرالله من كنز التواريخ والاساطير والحكايات والرموز والرؤى روحاً طائرة تنشر فرحها الضوئي على وجه العالم والزمن والمكان والأشياء، وتشحنه بالشعر والجمال والندى".... غير ان هذا"المثال"الذي نقع على ما يماثله، او يشبهه، في غير صفحة من الكتاب، لا يعني تخلي الناقد، هنا، عن لغته التحليلية ورؤيته النقدية المدققة في التفاصيل، مستغوراً أعماق العمل الشعري الذي يقرأ. فهو ناقد يمتلك اداته النقدية بمعرفة وتمكن... وهو متمكن من هذه حين يعملها تطبيقاً يتقصى فيه، ومن خلاله تكونات القصيدة ومكوناتها والمسارات التي يأخذها فيه التعبير لنخلص من قراءة الكتاب مسجلين الكثير من القيم الشعرية التي يجد الناقد شعر نصرالله يتميز بها تميز تفرد، لا مشابه له. ولا يكتفي الناقد، في قراءته هذه، بتأكيد قراءته شعر الشاعر وحدها، وانما يقرأ ايضاً قراءة نقدية تتبنى منطلقات القراءة الشعرية، آراء نقاد نصرالله بشعره، فيناقشهم مناقشة انحياز واضح وصريح الى الشاعر وشعره، عاملاً من خلال ذلك على ايضاح الكثير من الاشكالات التي داخلت نظراتهم وتداخلت مع قراءاتهم فأثرت في آرائهم، وهو موقف نابع من رأيه في خصوصية تجربة الشاعر التي يقدم"مختاراته"في ضوئها.