تهريب الكافيار القزويني عبر الامارات تسبب بتعليق عضويتها في اتفاقية "سايتس" التي تنظم التجارة الدولية بالحيوانات والنباتات المعرضة للانقراض. لكن الاسراع في اتخاذ إجراءات قانونية رادعة أدى الى رفع الحظر بعد نحو سنة، وباتت الامارات تعتبر في مصاف الدول الرائدة في تطبيق بنود الاتفاقية. وفي ما يأتي عرض لوضع التجارة بالأنواع الحية النادرة في الامارات. أسفرت حملة قامت بها عناصر أمنية في آذار مارس 2004 عن مصادرة حيوانات برية كانت معروضة للبيع في محلات الحيوانات المدللة في سوق الميناء في أبوظبي. ومن تلك الحيوانات المصادرة قردة الفرفت الصغيرة والأصلة الملكية الجنوب افريقية والسلحفاة الأفريقية الشائكة. وقامت السلطات المختصة، وفق اتفاقية التجارة الدولية في أنواع النباتات والحيوانات البرية المعرضة للانقراض سايتس، بتسليم تلك المحلات رسالة تفيد بمخالفتها أحكام المادة 27 من القانون الاتحادي الرقم 11 لسنة 2002، بعرض حيوانات معرضة للانقراض للبيع من دون شهادات أو تصاريح. وتتضمن المادة المذكورة عقوبتي الحبس لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف درهم ولا تزيد على 30 ألف درهم الدرهم 27,0 دولار، أو في إحدى هاتين العقوبتين، لكل من حاز أي عينة من الأنواع المعرضة للانقراض المدرجة في ملاحق "سايتس"، أو كان حارساً لها أو عرضها للبيع أو باعها أو عرضها للجمهور من دون تسجيل النشاط التجاري لدى السلطات المختصة. وتقدر التجارة الدولية بالحياة الفطرية ببلايين الدولارات سنوياً، وتتضمن ملايين الأنواع النباتية والحيوانية. وهي تجارة متشعبة تراوح من حيوانات ونباتات حية الى عدد كبير من المنتجات المشتقة منها، ومن ضمنها منتجات غذائية وبضائع جلدية استوائية وآلات موسيقية خشبية وتحف سياحية وعقاقير. وتهدف الاتفاقية الى تقليل مستويات استغلال بعض الأنواع الحيوانية والنباتية لدعم الجهود الأخرى الرامية الى المحافظة على الأنواع البرية والبحرية، مثل إيقاف تدهور البيئات الطبيعية وإعادة التوطين والإكثار في الأسر. وكانت الامارات العربية المتحدة وقعت الاتفاقية عام 1990. لكن عدم التطبيق الكامل لبنودها خلال العقد الذي تلى التوقيع أبقى التجارة بالأحياء الفطرية في البلاد غير منضبطة الى حد كبير. وبالنتيجة، في تشرين الثاني نوفمبر 2001، عُلقت شراكتها التجارية مع الاتفاقية. وحدث التعليق أساساً بسبب دور الامارات كنقطة عبور رئيسة لشحنات الكافيار غير المشروع من منطقة بحر قزوين، أكبر جسم مائي داخلي على الأرض ومهد انتاج الكافيار في العالم. واستغل تجار ثغرات في القانون المحلي، فاتخذوا الامارات نقطة لعمليات تهريب الكافيار القزويني. وباستعمال مستندات مزورة وتقديم بيانات ملفقة الى المسؤولين، استطاعوا أن يحصلوا من السلطات المحلية على شهادات اعادة تصدير بموجب "سايتس". وكان الكافيار يشحن عندئذ الى آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية حيث يباع كما لو أن منشأه قانوني. وكشف تحقيق أجرته أمانة الاتفاقية أن كمية من الكافيار قيمتها 40 مليون دولار مرت عبر الامارات لتدخل في التجارة الدولية في صورة غير مشروعة. ومُنعت سفن عدة من مغادرة الامارات، أو احتجزتها بلدان مستوردة، بعد تشاور مع أمانة "سايتس" في جنيف. ويعني تعليق التجارة بموجب الاتفاقية أن الدول الأعضاء مطالبة، حتى إشعار آخر، برفض استيراد أي عينات من الأنواع المدرجة على قائمة الاتفاقية من الامارات، ورفض تصدير أو اعادة تصدير أي من هذه العينات الى الامارات. واستجابت الامارات سريعاً لمتطلبات رفع الحظر، متخذة اجراءات علمية وقانونية وادارية للتقيد بشروط الاتفاقية. ورفع الحظر عام 2003. وسجلت عشرات المصادرات لأحياء فطرية تم الاتجار بها بصورة غير مشروعة في الأشهر الأخيرة. على سبيل المثال، في كانون الثاني يناير 2004، صودرت شحنة مكونة من 177 أفعى و22 سحلية عند وصولها الى مطار العين، وتم نقلها الى حديقة الحيوان في المدينة. وفي الشهر نفسه، خلال مهرجان التسوق في دبي، أوقفت جمارك دبي شخصاً قادماً من أفغانستان ومعه شحنة من جلود حيوانات وملابس معظمها من أنواع حيوانية مهددة بالانقراض، بينها نمر الثلج وهو من "القطط الكبيرة" الأكثر تعرضاً للانقراض في العالم. وقبل شهر من ذلك، في كانون الأول ديسمبر 2003، اخترقت السلطات الاماراتية شبكة كبرى لتهريب طيور الحبارى. اذ ضبط رجال أمن من أبوظبي والشارقة عدداً من المهربين وصادروا 267 طائر حبارى. كما شملت العملية منازل مشبوهين في عجمان اشتبه في تهريبهم الحبارى من ايران. وأثبتت المصادرات والاعتقالات والغرامات التي فُرضت فعالية التنفيذ. وينص القانون الاتحادي الرقم 11 في شأن تنظيم ومراقبة الاتجار الدولي بالحيوانات والنباتات المعرضة للانقراض على عقوبة قصوى هي الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو غرامة لا تقل عن 10 آلاف درهم ولا تزيد على 150 ألف درهم، لمخالفات تصدير واستيراد واعادة تصدير الأنواع المدرجة في الملحق رقم 1 لاتفاقية السايتس. آليات تنفيذ السايتس هي الآن قيد التشغيل في الامارات، بما فيها التدابير القانونية والادارية والعلمية وبناء القدرات ورفع الوعي. الهيئة الاتحادية للبيئة هي نقطة اتصال الاتفاقية في الامارات والسلطة الادارية المعنية بتطبيقها في امارة أبوظبي. ووزارة الزراعة والثروة السمكية هي السلطة الادارية في دبيوالامارات الشمالية. وهيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها هي السلطة العلمية المعنية في الدولة. وتقدم البلديات وهيئات محلية واتحادية أخرى المساعدة في تطبيق الاتفاقية. يقول ماجد المنصوري الأمين العام لهيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها: "وضعت الامارات العربية المتحدة الحفاظ على البيئة في طليعة اهتماماتها. والهيئة تفخر بأنها تؤدي دوراً حيوياً في تنفيذ اتفاقية السايتس، بصفتها السلطة العلمية في البلاد المفوضة تنسيق العمل باحدى أكبر اتفاقيات الحماية في العالم". ويعمل الصندوق العالمي لصون الطبيعة في الامارات على مشروع بناء القدرات الوطنية لتطبيق الاتفاقية ونشر الوعي البيئي في مختلف قطاعات المجتمع، من خلال تدريب المسؤولين الحكوميين المعنيين، بالتعاون مع أمانة الاتفاقية والسلطات الاماراتية. ونظمت أربع ورش عمل، بينها ورشة لتدريب المدربين، وشملت نحو 50 مسؤولاً. كما تم اصدار وتوزيع عدد من منشورات السايتس، تتضمن معلومات عن الحيوانات والنباتات ومشتقاتها المدرجة في الاتفاقية والأكثر تداولاً في الامارات، وبنود القانون الاتحادي الرقم 11، مع قرص مدمج حول السايتس. ويتم إعداد تقارير صحافية ومواد اعلامية في شكل منتظم. ومن الأمور التي أوليت عناية عاجلة مراقبة حركة نقل الصقور عبر الحدود، اذ لم يعد يسمح بادخالها واخراجها من البلاد بحرية. ولا يستطيع الصقّارون السفر الى الخارج مع صقورهم الا ومعهم مستند خاص يصدر في دولة الامارات، هو جواز سفر الصقور، الذي يتم اصداره بعد تسجيل الطائر في الدوائر المختصة. ولا يسجّل الصقر الا في حال الحصول عليه واستيراده الى الامارات بصورة مشروعة. وتم تسجيل معظم الصقور المستعملة للصيد في الامارات حالياً وأصدرت لها جوازات سفر. أما الصقور المستولدة في الامارات فتثبت في قوائمها حلقات مقفلة لتحديد هويتها. ويقول محمد البواردي، نائب رئيس الهيئة الاتحادية للبيئة، ان "الجهد المركز للامارات في تنظيم التجارة بالأنواع الحيوانية والنباتية المعرضة للانقراض كان ناجحاً للغاية، ومن ثماره الكثيرة اعتماد نظام تسجيل الصقور في الدولة وإصدار جوازات سفر لها. ولا تخفى القيمة الحمائية لهذا النظام في التحكم بتأثيرات الصقارة على أعداد الصقور البرية. كما أنه في الوقت ذاته يحمي تراثاً محبباً هو الصيد بواسطة الصقور. وهذه الخطوة هي الاولى من نوعها في شبه جزيرة العرب". كذلك، يتم التحكم بتجارة الكافيار غير المشروعة بعد اختيار خمس شركات هي وحدها مخولة استيراد الكافيار، وسمح لواحدة منها فقط باعادة التصدير. كما نُظمت تجارة الحيوانات المدللة بتسجيل المحلات التي تبيعها، وسجلت جميع المحلات في دبي لدى السلطات البلدية وهي تعمل تحت إشراف مختصّ. وتحذو أبوظبي حذو دبي، حيث صادرت السلطات مراراً أنواعاً معرضة للانقراض تم اقتناؤها بصورة غير مشروعة، وهذا يشكل رادعاً لمتاجر الحيوانات المدللة. ويقول الدكتور فريدريك لوني، مدير مكتب الصندوق العالمي لصون الطبيعة في الامارات: "ما فعلته الامارات خلال ثلاث سنوات فقط هائل بالتأكيد. فقد تحولت من عضو علقت تجارته بسبب عدم تنفيذ اتفاقية السايتس لتحتلّ موقعاً مرموقاً بين الدول الأعضاء التي تملك أفضل تشريع وآلية للتنفيذ. حالياً، الامارات هي احدى الدول الرائدة في التطبيق القانوني للسايتس". وتمنع الاتفاقية التي تضم 166 عضواً استيراد أو تصدير أي من الحيوانات التي تأتي ضمن القائمة المهددة بالانقراض الا من دولة عضو في الاتفاقية، على أن تكون الحيوانات مصحوبة بشهادة السايتس والشهادات الصحية الأخرى، إضافة الى تفاصيل تتعلق بشركة الطيران التي تنقلها والشروط الواجب توافرها أثناء نقل الارساليات. ينشر في وقت واحد مع مجلة "البيئة والتنمية" عدد تموز - آب /يوليو - أغسطس 2004