لم تكن الأمينة التنفيذية السابقة لرئيس مجلس ادارة "بنك المدينة" الموقوفة رنا قليلات كغيرها من المتهمات حين مثلت أمس، امام محكمة الجنايات في أول محاكمة لها منذ توقيفها في شباط فبراير الماضي، بأكثر من تهمة على علاقة بأزمة المصرف المذكور التي تحولت الى فضيحة. وكانت محاكمتها امس في دعويي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس ادارة بنك المدينة عدنان أبو عياش ضدها بجرم تزوير مستندات تتعلق بدمج مصرفي "الاعتماد المتحد" و"المدينة". بدت قليلات وهي ماثلة في قفص الاتهام كعادتها بكامل هندامها وتبرجها وراحت توزع ابتساماتها وغمزاتها على من تعرفهم ولم تنتظر حراسها لينزعوا الأصفاد عن معصميها فراحت تشير بيديها المكبلتين الى ناظريها بما يوحي بأنها قوية. لم تفسح رنا في المجال كثيراً لوكيليها في الدفاع عنها اذ اصرت على الدفاع عن نفسها بنفسها متسلحة بمستندات احضرتها معها، وكانت تستعين بها كلما وجه اليها سؤال، فتقرأ مضمونها في محاولة لاثبات اقوالها، مطالبة بإبراز المستندات المدعى تزويرها سائلة: هل أُحاكم بجناية نتيجة مستندات "فوتوكوبي؟". وكشفت قليلات عن وقائع كثيرة لم ترد في القرار الاتهامي، وهي اطلقت العنان للسانها بعدما تفرّست طويلاً في وجوه رئيس المحكمة ومستشاريه اثناء تلاوة القرار الاتهامي. والجلسة التي ترأسها القاضي سهيل أبو عراج بدأت حين مثلت قليلات الى جانب المتهمة الثانية وهي زوجة خالها جومانة اياس، وسئلت قليلات عن عملها فقالت: "حالياً أعمل بزنس وومن وكنت بين 1989 و2001 في بنك المدينة موظفة فئة ثانية". باستجواب اياس على حدة نظراً لعلاقة القربى مع قليلات اكدت الأولى انها كانت موظفة عادية في الادارة ترتب الملفات وتجيب على الهاتف وتوزع البريد، وان رئيستها كانت رنا "التي تعطي التعليمات التي تصلها من ابراهيم أبو عياش باعتبارها سكرتيرته". ولم تتذكر اياس مضمون الفاكسات التي كانت ترسل من مكتبها حيث جهاز الفاكس، ذلك حين سئلت عن مضمون الفاكس الذي أرسل عن دمج المصرفين. وقالت ان المستندات التي تحمل اسم مصرف لبنان وعليها توقيع الحاكم وأزيل مضمونها والتي وجدت في خزانة مكتبها رأتها للمرة الأولى امام قاضي التحقيق وفوجئت بها. وهي ردت بالايجاب حين سئلت عما اذا كان في المكتب آلة تصوير مستندات. وأشارت الى ان توزيع الحلويات والورود في البنك كان يحصل بمناسبة اما فتح فرع جديد أو ورود حوالة، مشيرة الى انها تقصد حوالة 350 مليون دولار المتعلقة بالدمج. ولفتت الى انه يمكن لأي شخص ان يرسل فاكساً من مكتبها في غيابها، مشيرة الى ان ارسال الفاكس المعني بالتحقيق خلال الدوام قد يكون حصل عندما نزلت الى الخزنة. وحين تلي على جومانة ما ورد في افادة رنا في التحقيق الأولي والذي قالت فيه: "ان جومانة قد تكون نفذت التزوير بأمر من وسام أبو عياش وهي تضعها على عاتقي"، قالت جومانة: "لم أنفذ اي تزوير بناء على امر أي أحد". وحين استدعيت قليلات الى القاعة وقبل ان تصل الى قفص الاتهام سألها القاضي اذا كانت لا تزال تذكر التهمة فقالت: "لدي 25 نقطة أريد ان أعرضها عليكم وأترك لكم الأمر لتحكموا بالعدل". وحين بدأت بالكلام قاطعها رئيس المحكمة، معتبراً ان ما تقوله مرافعة، فردت ان لديها مذكرة وكتباً تريد ابرازها: "أنا كنت المسؤولة وأرسل المراسلات الى الحاكم وأنا أكثر واحدة أعرف ببراءتي". وأشارت الى انها كانت مفوضة بكل الأمور التي كانت تجرى مع مصرف لبنان بخصوص المشكلات التي حصلت في البنك منذ العام 2001، وسئلت عنها فقالت: "كانت هناك اخطاء كثيرة، سوء ادارة وائتمان وتزوير وأتعاب قضائية تم اخذها بمئات الملايين وهذا كان على علم به الحاكم وهذا ما أوصل البنك الى الافلاس". ولفتت الى ان المحامي عثمان عرقجي تكلم مع عدنان أبو عياش عن مسألة الدمج، "واستطعنا ان نستحصل منه على كتاب بالموافقة لإجراء العملية وهو أبدى استعداده لذلك وتم تقديم طلب الدمج بصورة رسمية بتاريخ 13/1/2003 قبل يوم واحد من انقضاء المهلة. وكانت بعض الكتب ناقصة وتعهد عرقجي تقديمها، ولم يكن مطلوباً تحويل المال، والحاكم اشترط علينا موافقته على الدمج في حال تم اقفال السلف بقيمة 300 مليون دولار، وهي ما احاله عدنان الى مصرف لبنان على دفعتين ولديّ ابراء ذمة من عدنان وابراهيم على اسميهما". وعن سبب تحملها هذه التسليفات قالت: "وضعت على اسمي لأنني كنت مفوضة بيني وبين الحاكم وأخذت وعداً من عدنان بسدّ هذه السلف التي سجلها من دون موافقتي وعدم توقيعي عليها". وأشارت الى ان عدنان كان أتى الى بيروت وتعهد أمام الكاتب العدل في 14/2/2003 بأنه سيقفل السلف التي وضعت على اسمي. ونفت رنا علاقتها بالكتب المزورة التي تحمل توقيع حاكم مصرف لبنان والتي قال عدنان ابو عياش انها مزورة وقالت: "الفاكس موجود تحت سلطة الادارة العامة والأوراق غير ظاهر عليها رقم الفاكس وأطلب ابراز هذه الأوراق والرقم موضوع عليها بخط اليد". ورأت ان "أي شخص له مصلحة قد يقوم بالأمر، انا ارسلت كتاب الدمج في 13/1 فكيف اذاً يملك عدنان كتاباً من الحاكم منذ 25/11 بالموافقة على الدمج، وأنا احتفظ بحقي في الادعاء على عدنان شخصياً، اذ كيف يطلب من الحاكم الموافقة وهي لديه؟". وبعدما اعتذرت رنا عن نبرة صوتها العالية عادت وقالت رداً على سؤال يتعلق بالأوراق الصادرة عن الحاكم: "ان اي شخص يحق له ان يفتح الخزانة، فهل أترك أوراقاً كهذه حين أقدم استقالتي وأغادر البنك؟". وقالت: "ان الذي نظم الأوراق وضع الكتب المزورة في الخزانة، وقبل ليلة من كشف المحامية العامة التمييزية ربيعة عماش قدورة على البنك، دخل ليلاً وسام ابو عياش ومحمد دوغان وعلمت بذلك من ميشال الحلو ومحمد العسيلي وتم سحب أوراق ووضع اوراق كي يثبتوا التهمة عليّ". ولفتت الى ان توزيع الحلويات والورود في البنك كان بسبب تحويل عدنان 150 مليون دولار على مصرف لبنان وليس الدمج. وقالت انها تملك كتباً بهذا التحويل. وأشارت الى ان الموافقة الخطية على الدمج جاءت من ابراهيم بالاصالة والوكالة عن شقيقه عدنان "وليس من مصلحتي سؤال ابراهيم ما اذا كان مفوضاً من شقيقه". وحين سألها وكيل أبو عياش المحامي عبدالله الرافعي عن تاريخ تسلم عدنان الكتب موضوع الدعوى اجابت رنا: "أريد ان أصحح له، هو لم يستلمها انما "ساواهم" وهي من اختلاقه وإلا لما عاد وتقدم بطلب دمج". وحين سئلت عن سبب عدم تحويل عدنان المال الى حسابه من البنك ردت: "لا أعرف". وأشارت الى انها اجبرت شقيقيها على التنازل عن حساباتنا لمصلحة مصرف لبنان "لأن العقارات هي من حق آل أبو عياش ولا أنكر ذلك ولدي اعتراف واضح وصريح ان عدنان استولى على 490 مليون دولار وحملوني مسؤولية ما حصل وأنا كنت على قدر المسؤولية ولم أتحمل السلف انما أموال المودعين وعندما اعطوني العقارات اعطاني اياها آل أبو عياش بملء ارادتهم وأنا لديّ وكالات عامة وخاصة وداخلية وخارجية من ابراهيم وعدنان". وعندما سئلت عما اذا كانت تقوم بتحريك حسابات عدنان بوكالتها عنه اجابت: "والله نسيت فمرّات كان ابراهيم يوقع، وأحياناً أنا". ودعت الى احضار المستندات الاصلية المدعى تزويرها قائلة: "ليأتوا بالأصل ويحاكموننا، هو في السعودية ونحن في السجن". وأصرّ وكيلا رنا على طلب احضار عدنان أبو عياش فذكرهما رئيس المحكمة بوجود مذكرات توقيف بحقه وعند رفع الجلسة صرخت رنا في القاعة "شكراً ريس".