يقف العامل المادي حافزاً أساسياً وراء إعلان المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية جون كيري تأخير موعد تسلمه لقب الترشيح من حزبه والذي كان مقرراً آخر تموز يوليو المقبل، بالتالي تأجيله "بضعة أسابيع". فالمهلة تعطي كيري حرية أوسع في إدارة موازنته، وتمنع الرئيس جورج بوش من توسيع الفجوة المالية بينه وبين منافسه. وتفرض اللجنة الفيديرالية للانتخابات على المرشحين وقف جمع الأموال بعد موعد تسلم لقب الترشيح، كما تحدد موازنة المرشح ب75 مليون دولار بعد هذا التاريخ. وبقبول اللقب في الموعد المحدد للمؤتمر الديموقراطي الذي سيعقد في بوسطن بين 26 و29 تموز، سيضطر كيري 60 سنة إلى التقيد بشروط اللجنة، قبل خمسة أسابيع من الثنائي بوش وديك تشيني المتوقع أن يتسلما لقب الترشيح من حزبهما الجمهوري في 30 آب اغسطس في مؤتمر ينعقد في ولاية نيويورك. ويرى المحلل السياسي أنطونيو كورادو من معهد بروكينغز في تمديد المهلة "خطوة براغماتية ستمنع حملة بوش من التفرد بحرية صرف الأموال، وتجنب كيري ضغوطاً مادية" قبل أربعة أشهر من الانتخابات. وحطم بوش 57 سنة الرقم القياسي في جمع التبرعات بالحصول على 205.5 مليون دولار، 9 ملايين منها مصدرها شركات نفط، كما تشير ارقام اللجنة الفيديرالية والتي صدرت هذا الأسبوع. وصرفت حملته في نيسان ابريل 30.7 مليون دولار، معظمها من شركات تجارية ضخمة مثل "واشنطن غروب انترناشيونال" و"مورغان ستانلي" وأخرى مساهمة في إعمار العراق مثل شركة "ايداهو" للهندسة التي ربحت أربعة عقود، تعادل قيمتها 2.5 بليون دولار. وقدم موظفو الشركة أكثر من 50 ألف دولار للحملة الجمهورية هذا الشهر. وجمع كيري حتى الآن 118.5 مليون دولار، معظمها من تبرعات فردية 75 مليون دولار، ومنظمات مناصرة للبيئة، إضافة الى شركات تلفزيونية وسينمائية ضخمة مثل "تايم وارنر" مليون دولار و"والت ديزني" و"دريم وورك". وخلافاً لأرقام الحسابات للمرشحين، يبدو كيري متقدماً في استطلاعات الرأي، مستفيداً من عجز إدارة بوش عن "احتواء" الوضع العراقي، وخفض العجز في الموازنة الاقتصادية. وتشير أرقام مركز زغبي إلى تقدم كيري 52 في المئة مقابل 37 في المئة في الشأن الاقتصادي الذي يعتبره 31 في المئة من الأميركيين أولوية انتخابية. كما يتصدر المرشح الديموقراطي نسبة التأييد في معالجة الأزمة العراقية، بفارق 13 في المئة عن بوش وبنسبة 52 في المئة. ويشير كورادو الى أن تمديد المهلة يمنح كيري مزيداً من الوقت لاختيار نائبه و"يربك إلى حد ما الفريق الجمهوري". ويبدو من تلك المعطيات أن كيري، وفي حال رفض السناتور الجمهوري المعتدل جون ماكاين خوض السباق معه، سيلجأ الى شخصية من الولايات الجنوبية الحاسمة. إذ يشير آخر احصاء لمركز زغبي الى تقدم بوش 52 في المئة على كيري 37 في المئة في 11 ولاية جنوبية. ومن الأسماء المرشحة، السناتور جون ادواردز من ولاية نورث كارولينا، الذي تبرز قوته في إدارة المداولات السياسية. كما تضم اللائحة كلاً من ديك غبهارت وبيل ريتشاردسون، ممثلي ولايتي ميسوري ونيو مكسيكو على التوالي. ويرجح أيضاً اسم الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك من ولاية أركانساس الذي سيساعد سجله العسكري الطويل في تعزيز صورة كيري ضمن رؤيته للأمن القومي، ويوضح استراتيجيته ازاء المسألة العراقية.