بعد العرض الاول في باريس وقبل أسبوعين من عرض ثان تعرض فيلم "كتاب الحدود" للفرنسي من اصل مصري سمير عبدالله والفرنسي جوزيه ريناس، لهجوم شديد من قبل الاطراف المؤيدة لاسرائيل في فرنسا وخصوصاً في تولوز، جنوبفرنسا، حيث يعرض اعتباراً من 25 آذار مارس الجاري. ودعت هذه الاطراف الى شراء ثلثي مقاعد القاعة للتحكم في مجرى النقاش الذي ستشارك فيه مندوبة فلسطين الدائمة في فرنسا ليلى شهيد ولزرع الفوضى في القاعة كما ظهر في دعوة نشرت على الانترنت في تولوز. وفي باريس، حيث كان العرض الاول الاربعاء في حضور الكاتب الفرنسي كريستيان سالمون، شهدت القاعة نقاشاً بعد عرض السابعة مساء وهو نقاش سيستمر لمدة خمسة اسابيع في شكل شبه يومي طوال فترة عرض الفيلم. ويشارك في النقاشات مع الجمهور عدد من الباحثين والمؤرخين والفنانين والكتاب من آفاق مختلفة. ويتبع الفيلم على مدى ساعة ونصف الساعة خطى ثمانية من الكتاب الدوليين زاروا الاراضي الفلسطينية وتحديداً رام الله في الضفة الغربية حيث كان الشاعر محمود درويش محاصراً في آذار من العام 2002، وانتهوا الى المطالبة بقوة دولية لحماية الشعب الفلسطيني. وينتمي جميع الكتاب، الفرنسي كريستيان سالمون والاميركي راسل باكز والنيجيري حامل نوبل ويل سوينكا والبرتغالي جوزيه ساراماغو والصيني بي داو والجنوب إفريقي بريتن برايتنباخ والإسباني خوان غويتسيلو والايطالي فانسين كونسولو، الى الاتحاد الدولي للكتاب الذي كان محمود درويش من اعضائه المؤسسين عام 1993. ورافق وفد الكتاب الثمانية في رحلتهم في الاراضي الفلسطينية كل من المؤرخ الفلسطيني الياس صنبر وممثلة السلطة الفلسطينية في باريس ليلى شهيد. وقد سعى الكتاب عبر هذا التحرك الى اظهار تضامنهم مع درويش نفسه وايضاً مع الشعب الفلسطيني ليس فقط عبر الكلمة وإنما ايضاً عبر التواجد مع هذا الشعب على ارضه قبل الشهادة على واقعه، وعبر معارضتهم الصارخة لاعمال العنف التي كانوا شهوداً عليها في المدن والمخيمات وامام أشجار الزيتون التي تقضي الجرافات الاسرائيلية على نسغ الحياة في عروقها، كما جاء في الفيلم. ويقول الكتاب الثمانية: "أردنا أن نستمع وان نسمع اصواتا مختلفة في غمرة الحرب، صوت الكتاب والفنانين والجامعيين وكل هؤلاء الذين يحضرون المستقبل". ويقوم الفيلم على هذه العبارة التي اطلقها الكتاب بعد عودتهم من الرحلة التي نشرت مراحلها ايضاً في كتاب "رحلة إلى فلسطين" الصادر بالفرنسية ولغات أخرى. واستطاعت صورة الوجع الفلسطيني التي بدت اقرب الى تراجيديا يونانية كما صورها الفيلم ان تعكس في شكل صارخ واقعاً فلسطينياً غالباً ما لا يصل الى العالم الاّ عبر رؤية متحيزة. والفيلم عبارة عن مدونة سفر التقطت لحظات مؤثرة متناثرة في زوايا رحلة الكتاب واحاديثم وملاحظاتهم. الرواة هم الكتاب انفسهم وشهاداتهم تأتي بالصينية او البرتغالية او الاسبانية... ولا تعود اللغة مهمة امام ما تحمله العبارة من ادانة ورفض كل على طريقته... فالكاتب الصيني يحكي الرحلة ببساطة ودقة ومرح، دفعت الجمهور للضحك في صالة العرض مراراً، بينما تبدو قصائد محمود درويش محرك الفيلم.