الأمير عبدالعزيز بن سعد يرعى تخريج أكثر من (8400) طالب وطالبة بجامعة حائل    انخفاض أسعار الذهب    استشهاد (51) فلسطينيًا    وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى    مجلس الأعمال السعودي الأمريكي: زيارة الرئيس ترمب محطة مهمة في الشراكة الإستراتيجية    السوق السعودي جدير بالثقة العالمية    رؤساء كبرى الشركات الأمريكية: المملكة وجهة الاستثمارات والمشاريع المتقدمة    محافظ القريات يتفقد منفذ الحديثة ويطّلع على الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن    أكد أنه رفع العقوبات عن سوريا بناء على طلبه.. ترمب: محمد بن سلمان رجل عظيم والأقوى من بين حلفائنا    السعودية رمز السلام    بداية إعادة رسم الخريطة الأمنية.. طرابلس تحت النار.. تفكيك مراكز النفوذ    ترأسا القمة السعودية – الأمريكية ووقعا وثيقة شراكة اقتصادية إستراتيجية.. ولي العهد وترمب يبحثان جهود تحقيق الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً    الاتحاد يسعى لحسم لقب"روشن" في بريدة    فناربخشة يعرض مبادلة النصيري ب» ميتروفيتش»    المعلّم والتربية الشعبية    "إهمال المظهر" يثير التنمر في مدارس بريطانيا    ضبط 3 وافدين لارتكابهم عمليات نصب لحملات الحج    سمو ولي العهد يصطحب الرئيس الأمريكي في جولة بحي الطريف التاريخي في الدرعية    "واحة الإعلام" تختتم يومها الأول بتفاعل واسع وحضور دولي لافت    حسين نجار.. صوت إذاعي من الزمن الجميل    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    أمير الشرقية يطلع على إنجازات وزارة الموارد في المنطقة    بمشاركة دولية واسعة من خبراء ومتخصصين في القطاع الصحي.. السعودية رائد عالمي في الطب الاتصالي والرعاية الافتراضية    "مؤتمر علمي" لترسيخ الابتكار في السعودية الاثنين المقبل    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم حج (1446ه)    «مبادرة طريق مكة».. تأصيل لخدمة ضيوف الرحمن    أمير الرياض يستقبل سفير موريتانيا ومدير السجون    القمة الخليجية الأميركية.. توحيد الجهود لمواجهة التحديات    أمير نجران يستعرض تقرير نتائج دراسة الميز التنافسية    تخريج 3128 خريجاً من الجامعة الإسلامية برعاية أمير المدينة    الأمير فهد بن سعد يرعى اليوم حفل جائزة «سعد العثمان» السنوية للتفوق العلمي في الدرعية    رئيس الشورى: المملكة تواصل دعمها لتعزيز وحدة الصف في العالم الإسلامي    الرياض وواشنطن.. استثمارات نوعية عالية التأثير    «الشورى» يطالب بمحتوى إعلامي يغرس القيم ويعزز حضور المملكة العالمي    المرأة السعودية.. جهود حثيثة لخدمة ضيوف الرحمن    الصندوق الكشفي العالمي يثمّن دعم المملكة    حرس الحدود بمنطقة مكة المكرمة ينقذ (4) أشخاص بعد جنوح واسطتهم البحرية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية تُدشّن أول نظام روبوتي مختبري من نوعه «AuxQ»    برشلونة أمام فرصتين لحسم لقب ال «لاليغا»    بندر بن مقرن يشكر القيادة بمناسبة تعيينه مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    النصر يعادل الرقم القياسي في لقاء الأخدود    الأمير حسام بن سعود يرعى حفل تخريج 4700 طالب وطالبة من جامعة الباحة    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران في زيارة لمدير عام التعليم بمنطقة نجران    نجران الولاء.. وقدوات الوفاء    الخارجية الأمريكية: ترمب يرى السعودية شريكا أساسيا بكل المجالات    العلاقات السعودية الأمريكية.. شراكة راسخة وآفاق واعدة    شاشة كبيرة لهاتف Galaxy Z Flip 7    إنفانتينو: السعودية ستنظم نسخة تاريخية من كأس العالم 2034    الاتفاق يُمدد عقد الشهري لمدة موسم    ملك البحرين يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    المعرض الدولي للمعدات والأدوات يستعرض الفرص في السوق البالغة قيمته 10.39 مليار دولار أمريكي    رئيس جمعية الكشافة يكرِّم شركة دواجن الوطنية لدعمها معسكرات الخدمة العامة    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُنظّم فعالية "اليوم العالمي لنظافة الأيدي" و "الصحة المهنية"    مدير عام فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بجازان يهنئ سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه بمناسبة تعيينهما    انطلاق منافسات "آيسف 2025" في أمريكا بمشاركة 40 طالبًا من السعودية    أطفالنا.. لسان الحال وحال اللسان    100 مبادرة إثرائية توعوية بالمسجد النبوي.. 5 مسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تساؤلات تطرحها الورقة الأولية لمؤتمر الإصلاح العربي في الأسكندرية
نشر في الحياة يوم 12 - 03 - 2004

تنظم مكتبة الأسكندرية من اليوم، 12 إلى 14 آذار مارس الجاري مؤتمر "الإصلاح العربي" الذي يأتي مغايراً للمؤتمرات السابقة التي عقدت تحت العنوان نفسه، في صنعاء والدوحة والعقبة، فهو يطرح تساؤلات حول دور مؤسسات المجتمع المدني في الإصلاح، مفترضاً أن الإصلاح لا ينبع دائماً من السلطة السياسية الحاكمة، بل لابد من أن يكون رغبة نابعة من المجتمع ذاته، وأن يكون للمجتمع دور في صوغ طبيعة التغيير المطلوب، وليس مجرد مشاهد لما يحدث. فاعلية المجتمع المدني هي المحور الذي انطلقت منه ورقة العمل التي أعدها اسماعيل سراج الدين رئيس المؤتمر ومدير مكتبة الاسكندرية.
المحور الأول في الورقة يطرح تساؤلات حول الرؤية المنقوصة في الوطن العربي للإصلاح السياسي التي تحصدها في الانتخابات والتمثيل السياسي وفاعلية الأحزاب السياسية، وكذلك دور الإعلام والعلاقة بين أجهزة الدولة المختلفة، وتفضل هذه الرؤية الكثير من الأسئلة الشائكة التي يجب مواجهتها مثل تحديد فترة الحكم والدور الصحيح للدين ومشاركة المرأة والأقليات بصورة أكبر في الحياة السياسية. وترى الورقة أنه لا يوجد حل مثالي لهذه المشكلات، ولكل دولة ظروفها الخاصة بها والحلول الجادة تتأتى من مشاركة فئات المجتمع كافة، في وضع خطوات الإصلاح الملائمة. ترى الورقة أيضاً أن الحكم الجيد يتسم بالشفافية والمسؤولية والتعددية المؤسسية كما يتسم بالمشاركة وسيادة القانون وحرية تدفق المعلومات.
ولفتت الورقة الانتباه إلى أنه عند طرح دور هذا القطاع غالباً ما يغفل بحث الأطر التنظيمية التي يمكن أن تحقق ذلك في مناقشات الإصلاح. ومن الإشكاليات التي تطرحها الورقة الإطار القانوني لهيئات المجتمع المدني، فإذا شعرت هيئات هذا المجتمع بأنها غير قانونية أو أنها ستتعرض للمساءلة القانونية حين تشرع في العمل فإنها ستحد من نشاطها، بل إنها يمكن أن تخضع نفسها إلى رقابة ذاتية ما قد يضر بالدور الاجتماعي المنوط بها، وتفرق الورقة بين طبيعة عمل مؤسسات المجتمع المدني كما يلي، المؤسسات المختصة بالتنمية، المؤسسات التي تعمل على زيادة الوعي العام، المؤسسات التي تعمل في إطار الرقابة، المؤسسات التي تعمل في إطار اجتماعي، كما تطرح الورقة أمام المشاركين في المؤتمر قضايا شائكة تتعلق بالمجتمع المدني مثل حصول هيئات هذا المجتمع على الدعم المالي من جهات أجنبية، والتعاون مع منظمات غير حكومية أجنبية.
غير أن الورقة لم تطرح تساؤلات أو إجابة محددة وواضحة حول قضايا تمويل مؤسسات المجتمع المدني؟ وإن كانت طرحت فقط قضية التمويل الأجنبي. إن التجربة التاريخية تؤكد أن خصوصية المجتمع المدني العربي نبعت من دعم مؤسسة الوقف له والتي نجحت عبر قرون في انعاش هذا المجتمع، بل أن التجربة الليبرالية لمصر خلال النصف الأول من القرن العشرين، تؤكد أن مؤسسة الوقف حين مولت هذا المجتمع انتعش دوره، ولدينا على ذلك أمثلة مثل الجمعية الجغرافية المصرية والجمعية الخيرية الإسلامية، ودار الكتب المصرية، وكلها كان لها أوقاف أممت في الحقبة الناصرية، وبالتالي تراجع وتضاءل دور هذه المؤسسات، فهل سيطرح المؤتمر إعادة النظر في دور الأوقاف كأداة لتمويل الجمعيات والمؤسسات العلمية والرقابية الأهلية؟
وتتشعب وتتشابك القضايا في محور الإصلاح الاقتصادي في الورقة، غير أنها فرقت بدقة بين الخصوصيات المحلية وبين المشاكل الاقليمية، غير أن أكثر ما تطرحه إلحاحاً هو مشكلات التجارة البينية العربية، وكذلك كيفية تعامل الدول العربية كمنطقة اقتصادية موحدة مع التجارة الدولية. إن أكثر ما يمكن تقديمه خلال المناقشات في هذا المحور هو قضايا الحركة سواء للأفراد أو للسلع بين الدول العربية التي ما تزال تفتقر إلى الآن إلى شبكة طرق تربطها، فهل يعقل ألا يوجد إلى الآن طريق بري يربط مصر بالسودان على سبيل المثال؟ وألا يوجد قطار سريع يربط بين دول شمال افريقيا العربية؟ وإن تظل العمالة غير العربية هي الأكثر تفضيلاً في بعض الدول العربية؟
ويترابط المحور الاقتصادي مع محور السياسات الاجتماعية، وهو ما سينفرد به أيضاً هذا المؤتمر عن غيره، وما يزيد من أهمية هذا المحور هو طرحه لقضايا خمس للمناقشة، وهي عمالة الشباب لما تمثله من قنبلة موقوتة، ومهارات ضائعة غير مستغلة، الوعي النوعي وتقصد به الورقة تجاهل مهارات نصف أفراد المجتمع، وإسهاماتهم خصوصاً دور المرأة حيث ما زال هناك الكثير الذي يجب القيام به في هذا المجال، التعليم وبناء القدرات على البحث والتطوير في العلوم والتكنولوجيا، وهو أحد المتطلبات الرئيسية من أجل التعامل مع التحدي العالمي الذي يفرضه التحول نحو المجتمعات القائمة على المعرفة، وهو التحول الذي تتسارع وتيرته بفضل التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات والحاسبات. إلا أن نظم حقوق الملكية الفكرية قد تعيق الدول العربية عن اللحاق بهذا التحول، وهو ما يفرض حتمية مراجعة شاملة للنظم التعليمية، وإعادة هيكلة المؤسسات البحثية، أما القضية الرابعة فهي الخدمات الصحية والبشرية والخامسة تركز على شبكات الامان الاجتماعي، فمن الصعب التحدث عن الإصلاحات في السوق من دون التعامل مع بعض المخاوف مثل العمال المشردين والآثار المحتملة لدورات السوق على ظروف العمل والإدارة الجيدة للتأمينات الاجتماعية والمعاشات.
المحور الرابع الذي تطرحه الورقة، وهو محور الإصلاح الثقافي، فالمثقفون في الحقب الماضية تحولوا إلى موظفين في مؤسسات ثقافية حكومية، وصاروا يروجون لما تراه السلطة، وهو ما أدى إلى تراجع الخطاب الإبداعي، ولذا فتحديث الخطاب الثقافي، والمؤسسات الثقافية والبحث عن آليات وسبل جديدة للانتاج والتبادل الثقافي، على أن يتزامن هذا مع حوار ثقافي جديد يقوم على المساواة والاحترام المتبادل، والتسامح بين المثقفين للتغلب على العنف المترسخ في الخطاب الثقافي الحالي. وهو ما سيطلق الطاقات الإبداعية الكامنة. إن هذا يقودنا إلى الحديث عن نجاحات المؤسسات الثقافية الخاصة العربية في تقديم دعم للحركة الثقافية العربية أنعشها مثل مؤسسات الفرقان والعويس والفيصل، وهو ما يعني إمكان أن يلعب المجتمع المدني دوراً حيوياً في إنعاش الحركة الثقافية العربية. إضافة إلى تجديد المؤسسات الثقافية العربية الحكومية وتطوير آلياتها، خصوصاً المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الالكسو التي تحتاج إلى تحرير سياساتها من قيود الاجتماعات الوزارية، فبدلاً من إقرار خططها من طريق وزراء التعليم العالي والثقافة في الوطن العربي، يجب تشكيل مجلس أمناء من كبار المثقفين العرب، كما يجب أن تلعب دوراً في دعم التعليم وتطويره ورعاية شباب المثقفين وحركة الترجمة والإبداع الفكري، والتقدم العلمي، ويمكن أن تحرره آلياً بفرض دولار على كل تذكرة طائرة لحركة الطيران في الوطن العربي، يخصص لدعمها ودعم دور الجامعة العربية الذي لم تتعرض له الورقة.
هناك العديد من القضايا الشائكة، التي لم تطرحها الورقة أيضاً كقضايا الخلافات الحدودية العربية، وهل يمكن إخضاع مناطق النزاع لسيطرة الجامعة العربية؟ وبذا تحيد مناطق النزاع التي طالما فجرت حروباً أو هددت بحروب في المنطقة العربية.
ورقة مؤتمر الاسكندرية الأولية، لا شك في أنها بمحاورها الأربعة ستدفع المشاركين إلى تفجير قضايا ساخنة لم يسبق مناقشتها، وستؤدي لطرح حلول غير تقليدية، ولكن أبرز ما جاء فيها هو رغبة القائمين على المؤتمر في انطلاق حركة المجتمع المدني العربي نحو الإصلاح، وفي متابعة هذه الانطلاقة، وأن يترتب على المؤتمر حركة مستديمة تدفع بهذا المجتمع نحو لعب دور أوسع وأكثر صدقية من ذي قبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.