استشهاد 14 فلسطينياً في قصف للاحتلال على منازل بمدينة غزة    الأخضر يخسر أمام الأردن    رونالدو يتوهج قبل اليورو.. هل اقتربت ال900؟    أمطار الباحة تجذب عُشّاق جمال الطبيعة    العيبان: المملكة مستمرة في دعمها الإنساني للفلسطينيين    الرياض الخضراء    حج كل شهر    السعودية واحة فريدة للأمن والأمان (2 2)    تابع سير العمل في مركز قيادة الدفاع المدني.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد مشاريع التطوير في المشاعر المقدسة    شكراً..على أي حال    العدو الصهيوني    حج بلا أدلجة أو تسييس!    ماكرون يفرش السجاد لليمين المتطرف لدخول قصر ماتينيون    الأفيال الأفريقية تنادي بعضها بأسماء فريدة    وفد شوري يزور «مَلكية الجبيل» ورأس الخير    وزير الإعلام يزور جناح" سدايا"    السعودية والكويت.. رؤية مشتركة ومصير واحد    في يورو 2024… الظهور الأخير ل 5 مخضرمين    أبناء الطائف ل«عكاظ»: «عروس المصايف» مؤهلة لاستضافة مونديال 2034    رقم قياسي جديد في موسوعة غينيس العالمية.. تدشين ممشى واجهة روشن البحرية بحلة جديدة    عيون يقظة    بدء العمل بمنع دخول المركبات غير المصرح لها إلى المشاعر    وزير الداخلية يتفقد المشاريع التطويرية ومركز تحكم الدفاع المدني بالمشاعر    ربط «مدن» مع منصة «تنفيذ»    "الكشافة".. 6 عقود في خدمة ضيوف الرحمن    خالد وهنادي يردان على تنبؤات ليلى حول طلاقهما ب«آية قرآنية»    150 وسيلة و 1500 إعلامي محلي ودولي في «ملتقى الحج»    سفراء "موهبة" يحصدون الجوائز    أكد على أهمية اتباع الإرشادات .. متحدث الصحة: ارتفاع درجات الحرارة أكبر تحدي في موسم الحج    مواسم الخير    10 نصائح من استشارية للحوامل في الحج    تحذير طبي للمسافرين: الحمّى الصفراء تصيبكم بفايروس معدٍ    «التهاب السحايا» يُسقط ملكة جمال إنجلترا    المملكة والريادة الطبية في فصل التوائم الملتصقة    كيف تتخلص من الألم..وتنضج ؟    منتجات فريدة للإبل تجذب أنظار زوار المعرض السعودي للسنة الدولية للإبليات 2024 في إيطاليا    الموافقة على أفتتاح جمعية خيرية للكبد بجازان    عبدالعزيز بن سعود يقف على جاهزية قوات أمن الحج    "الأمر بالمعروف" تشارك في حج هذا العام بمنصات توعوية متنقلة لخدمة الحجاج    الشؤون الإسلامية تحدد 1082 جامعاً ومصلى لإقامة صلاة عيد الأضحى بالشرقية    المملكة تواجه انتهاكات حقوق الطفل بصرامة    «إنفاذ» يُشرف على 26 مزاداً لبيع 351 عقاراً    المملكة تملك مقومات صناعية متقدمة.. ومركز لوجستي عالمي    النفط يستقر مع ترقب المستثمرين بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأميركي والصيني    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على منيرة بنت محمد بن تركي    الحجّ.. مشهديّة آسرة    جولة رقابية على الأسواق والمسالخ بمنطقة نجران    «الآسيوي» يشيد بتنظيم «مونديال» البلياردو في جدة    لجنة الاستقطابات.. وتقييم التعاقدات السابقة    شركة مطارات الدمام تعقد ورشة عمل لتدشين 'خدمتكم شرف'    المشاهير والترويج للاحتيال    تزايد حاد في إصابات حمى الضنك في أوروبا    «الخارجية القطرية»: تسلمنا رد الفصائل الفلسطينية على مقترحات إسرائيل    الديوان ينعى الأميرة منيرة بنت محمد بن تركي    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    أمن الحج.. خط أحمر    إثراء يفتح باب التسجيل في مبادرة الشرقية تبدع بنسختها الخامسة    البذخ يحتاج لسخافة !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا والعرب : مصالح مشتركة ومخاوف متبادلة 2 من 2
نشر في الحياة يوم 12 - 02 - 2004

قمت في النصف الثاني من الشهر الماضي كانون الثاني/ يناير 2004 بجولة في المانيا زرت خلالها ثماني مدن حيث التقيت مع العديد من المثقفين والصحافيين والباحثين وأساتذة الجامعات. وبالإضافة إلى ثلاث مقابلات صحافية في مدن فرايبورغ وهامبورغ ودرسدن، ألقيت أربع محاضرات في جامعات ميونخ التكنولوجية وفرايبوغ وليبزغ ودرسدن، كما أجريت حوارات عميقة ومكثفة مع أساتذة جامعات وباحثين ومثقفين في معاهد دراسات في هايدلبيرغ وميونخ وفرايبوغ وهامبورغ.
لاحظت خلال جولتي تلك أن الاهتمام الألماني، الذي يعكس اهتماماً أوروبياً عاماً، بالعرب وبما يجري في البلاد العربية ازداد كثيراً بعد قيام أميركا بغزو العراق واحتلاله. إلا أن الاهتمام هذا كان، وفي كل الأماكن والمعاهد العلمية التي زرتها، يميل إلى السطحية ويركز على قضية واحدة أو قضيتين، وبالتالي غير قادر على استيعاب عمق التحولات التي تعيشها المنطقة العربية. وهذا جعل البعض يكوّن آراء ويتخذ مواقف ايجابية أو سلبية بناء على نظرة جزئية عاجزة بطبيعتها عن تكوين نظرة شمولية للأمور والأحداث.
وعلى سبيل المثال، واجهت صعوبة في ايضاح طبيعة وأبعاد التحولات السياسية نحو الديموقراطية في البلاد الغربية. فالغالبية، خصوصاً من الطلبة والصحافيين، ليس لديهم ما يكفي من الوعي والصبر لإدراك أن الديموقراطية هي عملية تحول سياسية - اجتماعية - ثقافية معقدة وتحتاج إلى وقت، وأنها ليست حال موجودة أو غير موجودة. لذلك حاولت التركيز على أهم المصالح المشتركة والمخاوف المتبادلة التي تربط العرب بالأوروبيين عامة، وتفرض بالتالي على كل طرف أن يزيد اهتمامه بالآخر ووعيه بما يواجهه ذلك الآخر من مشاكل وتحديات. ويمكن القول إن أهم القضايا التي تجعل المصالح العربية - الأوروبية مشتركة والمخاوف متبادلة هي الآتية:
1- النفط. 2- الإسلام. 3- الهجرة العربية إلى أوروبا، خصوصاً من دول المغرب العربي. 4- الوجود الإسرائيلي في المنطقة العربية. 5- التجارة والجوار.
يملك العرب من النفط، والذي يعتبر أهم مصادر الطاقة، أكثر من 60 في المئة من احتياطي النفط في العالم. وحيث أن حاجة أوروبا عامة للنفط كبيرة وآخذة في الازدياد، فإن استمرار امدادات النفط يستدعي اهتمام الأوروبيين بالاستقرار والأمن في المنطقة العربية.
وفي المقابل، يحتاج العرب المنتجون للنفط للسوق الأوروبية لتصريف منتجاتهم النفطية والحصول على المال لتمويل مشاريعهم الانتاجية ووارداتهم من المعدات والمواد الاستهلاكية. وهذا يستوجب بدوره قيام العرب بتوجيه الاهتمام لأوروبا والعمل على الارتباط بها والتعاون معها كسوق لتصريف منتجاتهم، ومصدر لتمويل مشاريعهم، وقوة سياسية وعسكرية للمساهمة في احلال الأمن والاستقرار في المنطقة العربية.
أما في ما يتعلق بالإسلام، فإن الإسلام أصبح جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الأوروبية، وأن المسلمين أصبحوا جزءاً مهماً ومتنامياً من سكان القارة الأوروبية. وحيث أن المسلمين والإسلام في أوروبا يتأثرون بما يحدث للإسلام في البلاد العربية، فإن استيعاب أوروبا للحركات والجاليات والثقافة الإسلامية في أوروبا لن يكون كافياً من دون متابعة ودراسة التطورات الاجتماعية والسياسية على الساحة العربية.
الإسلام في أوروبا هو امتداد للإسلام في الدول العربية، والحركات الإسلامية - المعتدلة والمتطرفة على السواء - ذات جذور ومصادر دعم متبادلة سواء وجدت على الأرض الأوروبية أو العربية.
إلى جانب ذلك، أصبحت الجاليات العربية التي هاجرت لأسباب اقتصادية ذات وجود اجتماعي وثقافي وسياسي في دول أوروبية عدة، خصوصاً في فرنسا وبلجيكا. وحيث أن أعداد السكان في غالبية دول الاتحاد الأوروبي في تناقص، ونسبة الشيوخ والمسنين بينهم في تزايد، فإن حاجة أوروبا للمهاجرين من الشباب أصبحت كبيرة ومتزايدة. وتعتبر البلاد العربية اليوم، خصوصاً دول المغرب العربي، من أهم مصادر الهجرة الشرعية وغير الشرعية التي تحتاجها القارة العجوز وتخشاها في الوقت ذاته. وفي ضوء الركود الاقتصادي العميق الذي تعيشه البلاد العربية عموماً، وارتفاع معدلات التزايد السكاني خصوصاً، أصبح التنسيق والتعاون العربي - الأوروبي في مجال السكان والهجرة قضية مشتركة وملحة في آن.
إن قيام إسرائيل على أرض فلسطين كان نتيجة لسياسات التفرقة العنصرية والعداء للسامية التي مارستها الدول الأوروبية لقرون ضد اليهود، كما أن بناء تلك الدولة على أسس عنصرية كقوة سياسية وعسكرية جاء بدعم مالي وبشري وتكنولوجي من أوروبا وأميركا. فعلى سبيل المثال، قدمت المانيا لإسرائيل ما يزيد على مئة بليون دولار كتعويضات، كما قامت فرنسا وحتى العام 1967 بمساعدة إسرائيل على بناء مفاعلها النووي وتزويدها بالأسلحة المتطورة.
أوروبا عموماً، والمانيا وفرنسا خصوصاً، تشعر بالتعاطف مع الفلسطينيين اليوم والخوف من أن يترجم دعمهم للمطالب الفلسطينية المشروعة على أنه عداء للسامية واليهود. وهذا يجعل الموقف الأوروبي صعباً، ويجعل الحاجة لقيام العرب والفلسطينيين بشرح وجهة نظرهم واقناع الشباب الأوروبي على الأقل بضرورة التخلص من عقدة الذنب التي يعاني منها جيل الكهول، ملحة ومهمة للغاية لضمان دعم أوروبي وتعاطف يقوم على المبادئ من دون اعتبار للمخاوف.
لقد أظهرت أعمال الإرهاب في مصر والسعودية واليمن والمغرب أن التطرف الديني لا يهدد الأمن والمصالح الغربية فقط، بل ويهدد أيضاً أمن ومصالح وهوية الشعوب العربية. وهذا يجعل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب يتجاوز، ويجب أن يتجاوز الاجراءات الأمنية، ليشمل التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والتطور الثقافي والعلمي والتحول السياسي نحو الديموقراطية والعدالة الاجتماعية.
إن مصلحة أوروبا في مساعدة العرب على النهوض من كبوتهم كبيرة للغاية، لأن استمرار الأوضاع العربية على حالها من الركود والتخلف يفتح المجال واسعاً لمزيد من التطرف الديني والهجرة السكانية والمخاوف الأمنية، وان مصلحة العرب في تعاون اقتصادي وتنسيق سياسي وتبادل ثقافي وعلمي مع أوروبا كبيرة لضمان عدم انفراد أميركا وإسرائيل بالمنطقة، والسيطرة على شعوبها واستغلال ثرواتها وتحقير تراثها وحرمانها من فرص التقدم والتحرر.
* أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأخوين، إفران المغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.