المملكة تستعرض مبادراتها في دعم صناعة النقل البحري في لندن    المملكة توزّع (759) سلة غذائية في مدينة بيروت بجمهورية لبنان    إحباط تهريب (177,150) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي في جازان    عبدالله عطيف ينفي اعتزاله كرة القدم: «الحساب كان متهكر»    السعودية تتخذ خطوات تعزز أمن الطاقة العالمي وتدعم استقرار الأسواق        ثيو هيرنانديز: سعيد بانضمامي لأكبر نادِ في السعودية    خطيب المسجد النبوي: الإخلاص لله واتباع سنة نبيه أصلان لا يصح الإيمان إلا بهما    خطيب المسجد الحرام: التوبة والرحمة بالمذنبين من كمال الإيمان والغلو في الإنكار مزلق خطير    رابغ تحتفل بالعميد.. حفل يروي قصة عشق لا ينتهي    هدف جديد في الهلال لتعزيز الهجوم    مستشفى "التخصصي للعيون" يحصل على عضوية جمعية بنوك العيون الأوروبية (EEBA)    إطلاق أول دليل إرشادي سعودي لعلاج التهاب الفقار اللاصق المحوري    فرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية يقيم دورة لتدريب منسوبي الفرع لغة الإشارة    الذكاء الاصطناعي هل يمكن استخدامه لاختيار شريك الحياة؟    نسك من الحجوزات إلى الخدمات والخصومات للحجاج والمعتمرين    من قلب أفريقيا إلى السعودية: الغبار الأفريقي ينتقل عبر البحر الأحمر    معالجة الهدر والاحتيال وسوء استخدام التأمين الصحي    48 ألف عينة بيولوجية في مختبرات وقاية    ارتفاع أسعار الذهب    امطار على جنوب المملكة و رياح و حرارة عالية على عدة مناطق    الصين تطور قطارًا تصل سرعته إلى 600 كيلومتر في الساعة    القلاع والبيوت الحجرية في جازان مقصدًا للسياحة محليًا وعالميًا    مجموعة روشن شريكاً لبطولة "LIV Golf"    الاتحاد السعودي للإعاقات البصرية ونادي الشباب يوقّعان اتفاقية شراكة استراتيجية    أخضر البراعم يدشن مشاركته في البطولة الآسيوية بمواجهة الصين تايبيه السبت    الحارثي : إدراج الذكاء الاصطناعي في التعليم ضرورة وطنية تستجيب لتحولات العصر    مازن حيدر: المُواطَنة تبدأ بالتعرّف على التاريخ    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بالأحساء ينظم ورشة عمل نوعية بعنوان: "القيادة الإعلامية"    القوة الناعمة.. السعودية غير؟!    قطة تهرب مخدرات    لماذا يداوي القائد المجروح؟    ريال مدريد يُخبر النصر بسعر رودريغو    خمسة كتب توصي سوسن الأبطح بقراءتها    السينما وعي    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة فرنسا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على جهود لجنة مراقبة عقارات الدولة وإزالة التعديات بالمنطقة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة بزه بنت سعود    جمعية الذوق العام تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة    رحلة شفاء استثنائية.. إنهاء معاناة مريضة باضطراب نادر بزراعة كبد فريدة    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    اختتام أعمال توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين    "ورث" يجدد الفنون بلغة الألعاب الإلكترونية    "لويس الإسباني".. أول رواية عربية مستوحاة من "الفورمولا"    "درويش" في الخليج نهاية أغسطس    أكبر مصنع لأغشية التناضح العكسي    بين الدولة السورية و«قسد» برعاية أمريكية.. اجتماع دمشق الثلاثي يرسم ملامح تفاهم جديد    محرك طائرة يبتلع رجلاً أثناء الإقلاع    إحباط تهريب 310 كجم مخدرات    استهدف مواقع تابعة ل"حزب الله".. الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات برية جنوب لبنان    أكد على تعزيز فرص التعاون مع روسيا..الخريف: السعودية تقود تحولاً صناعياً نوعياً وشاملاً    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    خالد بن سلمان يبحث المستجدات مع وزير الدفاع المجري    أمر ملكي: تعيين ماجد الفياض مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    دراسة: بكتيريا شائعة تسبب سرطان المعدة    أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي والرئيس التنفيذي لتجمع تبوك الصحي    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا والعرب : مصالح مشتركة ومخاوف متبادلة 2 من 2
نشر في الحياة يوم 12 - 02 - 2004

قمت في النصف الثاني من الشهر الماضي كانون الثاني/ يناير 2004 بجولة في المانيا زرت خلالها ثماني مدن حيث التقيت مع العديد من المثقفين والصحافيين والباحثين وأساتذة الجامعات. وبالإضافة إلى ثلاث مقابلات صحافية في مدن فرايبورغ وهامبورغ ودرسدن، ألقيت أربع محاضرات في جامعات ميونخ التكنولوجية وفرايبوغ وليبزغ ودرسدن، كما أجريت حوارات عميقة ومكثفة مع أساتذة جامعات وباحثين ومثقفين في معاهد دراسات في هايدلبيرغ وميونخ وفرايبوغ وهامبورغ.
لاحظت خلال جولتي تلك أن الاهتمام الألماني، الذي يعكس اهتماماً أوروبياً عاماً، بالعرب وبما يجري في البلاد العربية ازداد كثيراً بعد قيام أميركا بغزو العراق واحتلاله. إلا أن الاهتمام هذا كان، وفي كل الأماكن والمعاهد العلمية التي زرتها، يميل إلى السطحية ويركز على قضية واحدة أو قضيتين، وبالتالي غير قادر على استيعاب عمق التحولات التي تعيشها المنطقة العربية. وهذا جعل البعض يكوّن آراء ويتخذ مواقف ايجابية أو سلبية بناء على نظرة جزئية عاجزة بطبيعتها عن تكوين نظرة شمولية للأمور والأحداث.
وعلى سبيل المثال، واجهت صعوبة في ايضاح طبيعة وأبعاد التحولات السياسية نحو الديموقراطية في البلاد الغربية. فالغالبية، خصوصاً من الطلبة والصحافيين، ليس لديهم ما يكفي من الوعي والصبر لإدراك أن الديموقراطية هي عملية تحول سياسية - اجتماعية - ثقافية معقدة وتحتاج إلى وقت، وأنها ليست حال موجودة أو غير موجودة. لذلك حاولت التركيز على أهم المصالح المشتركة والمخاوف المتبادلة التي تربط العرب بالأوروبيين عامة، وتفرض بالتالي على كل طرف أن يزيد اهتمامه بالآخر ووعيه بما يواجهه ذلك الآخر من مشاكل وتحديات. ويمكن القول إن أهم القضايا التي تجعل المصالح العربية - الأوروبية مشتركة والمخاوف متبادلة هي الآتية:
1- النفط. 2- الإسلام. 3- الهجرة العربية إلى أوروبا، خصوصاً من دول المغرب العربي. 4- الوجود الإسرائيلي في المنطقة العربية. 5- التجارة والجوار.
يملك العرب من النفط، والذي يعتبر أهم مصادر الطاقة، أكثر من 60 في المئة من احتياطي النفط في العالم. وحيث أن حاجة أوروبا عامة للنفط كبيرة وآخذة في الازدياد، فإن استمرار امدادات النفط يستدعي اهتمام الأوروبيين بالاستقرار والأمن في المنطقة العربية.
وفي المقابل، يحتاج العرب المنتجون للنفط للسوق الأوروبية لتصريف منتجاتهم النفطية والحصول على المال لتمويل مشاريعهم الانتاجية ووارداتهم من المعدات والمواد الاستهلاكية. وهذا يستوجب بدوره قيام العرب بتوجيه الاهتمام لأوروبا والعمل على الارتباط بها والتعاون معها كسوق لتصريف منتجاتهم، ومصدر لتمويل مشاريعهم، وقوة سياسية وعسكرية للمساهمة في احلال الأمن والاستقرار في المنطقة العربية.
أما في ما يتعلق بالإسلام، فإن الإسلام أصبح جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الأوروبية، وأن المسلمين أصبحوا جزءاً مهماً ومتنامياً من سكان القارة الأوروبية. وحيث أن المسلمين والإسلام في أوروبا يتأثرون بما يحدث للإسلام في البلاد العربية، فإن استيعاب أوروبا للحركات والجاليات والثقافة الإسلامية في أوروبا لن يكون كافياً من دون متابعة ودراسة التطورات الاجتماعية والسياسية على الساحة العربية.
الإسلام في أوروبا هو امتداد للإسلام في الدول العربية، والحركات الإسلامية - المعتدلة والمتطرفة على السواء - ذات جذور ومصادر دعم متبادلة سواء وجدت على الأرض الأوروبية أو العربية.
إلى جانب ذلك، أصبحت الجاليات العربية التي هاجرت لأسباب اقتصادية ذات وجود اجتماعي وثقافي وسياسي في دول أوروبية عدة، خصوصاً في فرنسا وبلجيكا. وحيث أن أعداد السكان في غالبية دول الاتحاد الأوروبي في تناقص، ونسبة الشيوخ والمسنين بينهم في تزايد، فإن حاجة أوروبا للمهاجرين من الشباب أصبحت كبيرة ومتزايدة. وتعتبر البلاد العربية اليوم، خصوصاً دول المغرب العربي، من أهم مصادر الهجرة الشرعية وغير الشرعية التي تحتاجها القارة العجوز وتخشاها في الوقت ذاته. وفي ضوء الركود الاقتصادي العميق الذي تعيشه البلاد العربية عموماً، وارتفاع معدلات التزايد السكاني خصوصاً، أصبح التنسيق والتعاون العربي - الأوروبي في مجال السكان والهجرة قضية مشتركة وملحة في آن.
إن قيام إسرائيل على أرض فلسطين كان نتيجة لسياسات التفرقة العنصرية والعداء للسامية التي مارستها الدول الأوروبية لقرون ضد اليهود، كما أن بناء تلك الدولة على أسس عنصرية كقوة سياسية وعسكرية جاء بدعم مالي وبشري وتكنولوجي من أوروبا وأميركا. فعلى سبيل المثال، قدمت المانيا لإسرائيل ما يزيد على مئة بليون دولار كتعويضات، كما قامت فرنسا وحتى العام 1967 بمساعدة إسرائيل على بناء مفاعلها النووي وتزويدها بالأسلحة المتطورة.
أوروبا عموماً، والمانيا وفرنسا خصوصاً، تشعر بالتعاطف مع الفلسطينيين اليوم والخوف من أن يترجم دعمهم للمطالب الفلسطينية المشروعة على أنه عداء للسامية واليهود. وهذا يجعل الموقف الأوروبي صعباً، ويجعل الحاجة لقيام العرب والفلسطينيين بشرح وجهة نظرهم واقناع الشباب الأوروبي على الأقل بضرورة التخلص من عقدة الذنب التي يعاني منها جيل الكهول، ملحة ومهمة للغاية لضمان دعم أوروبي وتعاطف يقوم على المبادئ من دون اعتبار للمخاوف.
لقد أظهرت أعمال الإرهاب في مصر والسعودية واليمن والمغرب أن التطرف الديني لا يهدد الأمن والمصالح الغربية فقط، بل ويهدد أيضاً أمن ومصالح وهوية الشعوب العربية. وهذا يجعل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب يتجاوز، ويجب أن يتجاوز الاجراءات الأمنية، ليشمل التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والتطور الثقافي والعلمي والتحول السياسي نحو الديموقراطية والعدالة الاجتماعية.
إن مصلحة أوروبا في مساعدة العرب على النهوض من كبوتهم كبيرة للغاية، لأن استمرار الأوضاع العربية على حالها من الركود والتخلف يفتح المجال واسعاً لمزيد من التطرف الديني والهجرة السكانية والمخاوف الأمنية، وان مصلحة العرب في تعاون اقتصادي وتنسيق سياسي وتبادل ثقافي وعلمي مع أوروبا كبيرة لضمان عدم انفراد أميركا وإسرائيل بالمنطقة، والسيطرة على شعوبها واستغلال ثرواتها وتحقير تراثها وحرمانها من فرص التقدم والتحرر.
* أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأخوين، إفران المغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.