إسرائيل وحماس أمام اختبار خطة ترمب    مطار ميونيخ يُعاد فتحه بعد إغلاق متكرر بسبب طائرات مسيّرة    الهجمات بين روسيا وأوكرانيا تطال محطات السكك ومصافي النفط    القبض على (3) إثيوبيين لتهريبهم (280) كجم "قات" في جازان    أنت الأفضل    ترحيل 11544 مخالفا خلال أسبوع    5 أيام للاحتفاء بالمعلم في المدارس    دور ريادي سعودي في دعم الجهود الصحية الخليجية    تشيلسي يعود لطريق الانتصارات ويلحق بليفربول هزيمة درامية جديدة    وزير الأوقاف السوري ينوه بجهود المملكة في خدمة القرآن الكريم    مقتل شخصين وإصابة 5 في إطلاق نار بمدينة نيس الفرنسية    آرسنال يهزم وست هام ويتصدر الدوري الإنجليزي الممتاز    أرماح الرياضية تشارك في الشهر العالمي للزهايمر دعمًا للتوعية المجتمعية    بلدية ضرية تحتفي باليوم الوطني 95 بفعاليات وطنية منوعة    600 قطعة سلاح صيد متنوعة بمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    حرفية سعودية تخطف الأنظار في روما.. "ضحى أخضر" تنسج بروح الوطن إبداعًا عالميًا    يوم المعلم وجهود المملكة العربية السعودية في تطوير التعليم في ضوء رؤية 2030    أليجري لا يفكر في الانتقام من ناديه السابق يوفنتوس    419 شخصا الحصيلة الأسبوعية لمخالفي نشاط نقل الركاب    مدير عام إذاعة جدة يكرّم منسوبي المجمع بمناسبة اليوم الوطني    تدشين مشروع بصيرة ب 150 عملية مياه بيضاء في صبيا    الدكتورة نوف الفوزان تشارك بكتاب "التلمذة" في معرض الرياض الدولي للكتاب    أمين منطقة الرياض يطلق برنامج "تحوّل الرياض البلدي"    900 شركة ناشئة من 70 دولة حول العالم في بيبان 2025    وكالة الفضاء السعودية تطلق بوابة «فضاء المعرفة»    معرض الدفاع العالمي 2026: نحو تكامل دفاعي تقوده الخبرة والشراكات النوعية    أمطار غزيرة وجريان سيول على 4 مناطق اليوم    القرني: أهمية أرشفة "جوجل" عبر الصحف الإلكترونية    كارينيو: الهلال يمكنه اللعب في أقوى دوريات العالم    استشهاد تسعة فلسطينيين في غزة    Arabian Heritage Motors تطلق تجربة قيادة حصرية لسيارة EXEED RX PHEV في الرياض    جامع فرائد الملاحة في جوامع فوائد الفلاحة ..كتاب العام التراثي بالوطن العربي    العمل رسالة وأمانة    ابدأ يومك بهذه الكلمات    من المؤثر الحقيقي    «فيها إيه يعني» ينطلق بعرض خاص    قواعد بسيطة تحمي قلبك    377 ألف مولود سعودي في عام    اللجنة المنظمة لدورة ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025 تطلق شعار "أمة واحدة"    اختتام دورة المدربين لكرة القدم المصغرة بالمنطقة الشرقية وسط حضور لافت        التحالف الدفاعي الإستراتيجي السعودي الباكستاني    ترمب يطلب من إسرائيل التوقف «فورا» عن قصف غزة    ملتقى الصم الصحي": مشاركة واسعة وجهود تكاملية لخدمة فئة الصم    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025 يقدّم "السفاري"    الرِّياض تقرأ والكتاب يَطرق أبواب العالم    أمير جازان ونائبه يطمئنان على صحة الشيخ العامري    سفاري جديد معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    طرح الدفعة الثانية من تذاكر مباراتي الأخضر في الملحق الآسيوي    إمام المسجد الحرام: تزكية النفوس سبيل السعادة والعيش الطيب    97 ألف زائر يتعرفون على تقنيات طباعة المصحف في مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة    قنديل في مهب العاصفة    وكالة شؤون الأفواج الأمنية تشارك في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    الرخص الرياضية استثمار منظم يفتح أبواب الاقتصاد الجديد    أمراء ومسؤولون يقدمون التعازي والمواساة في وفاة الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    باحثون يطورون علاجاً يدعم فعالية «المضادات»    شيءٌ من الوعي خيرٌ من قنطار علاج    معتمرة تعود من بلدها لاستلام طفلها الخديج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر آخر للأمم المتحدة حول فلسطين؟
نشر في الحياة يوم 01 - 10 - 2004

تعتبر مؤتمرات الأمم المتحدة وقراراتها وتقاريرها حول القضية الفلسطينية مألوفة لمراقبي الشؤون الدولية. وهذا ليس بالأمر المستغرب، فقد طرح الموضوع على جدول أعمال الأمم المتحدة منذ بداياته، أي منذ ستين عاماً تقريباً. وعلى رغم أن القضية الفلسطينية نوقشت بكل تطوراتها وتعقيداتها في العديد من الندوات والمؤتمرات في أنحاء العالم، وتم اعتماد عدد كبير من القرارات لحل النزاع، ووُضعت المخططات للتخفيف من حدة معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، الا ان الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية لا يزال مستعصياً. ولم يَحُل الاهتمام الدولي الكبير بالنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي، من استمرار تفاقمه وتأزمه، مودياً بمئات الآلاف من الأرواح، ومؤثراً على الملايين من فلسطينيين وعرب وإسرائيليين وغيرهم. وقد بلغ حجم الأزمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة مستويات لم يسبق لها مثيل منذ العام2000. ووفقاً لأحدث تقارير الأمم المتحدة، فإن 47 في المئة من الأسر الفلسطينية خسرت أكثر من 50 في المئة من مدخولها. وبلغت نسبة الفقر 63 في المئة، إذ يعيش مليونا فلسطيني تقريباً بمبلغ 2،1 دولار أميركي في اليوم. كما بلغت نسبة البطالة في بعض المناطق 70 في المئة. ووصف البنك الدولي الركودَ الفلسطيني بأنه من بين الأسوأ في التاريخ الحديث. وفي ظل هذه الظروف، بات من الضروري أن يتحول تركيز جهود الإغاثة من التنمية الاجتماعية الاقتصادية إلى الإغاثة البشرية المباشرة.
وللأسف، لم يعد عدم الاستقرار في الأراضي الفلسطينية المحتلة الاستثناء إنما أصبح القاعدة، لذا كان على المجتمع الفلسطيني التأقلم مع ظروف الاحتلال المستمرة والنزاع الطويل الأمد، وأقلمة الاقتصاد على هذا الأساس. وهذا يطرح السؤال المُلحّ: أيتوجب على المجتمع الدولي إذاً الاستمرار في التركيز على جهود الإغاثة البشرية حتى يحل السلام، وعندها فقط يمكن الانتقال لتلبية احتياجات التنمية الاجتماعية الاقتصادية؟ وإذا لم يكن هذا مقبولاً، فكيف يمكن القيام بجهود التنمية الاجتماعية الاقتصادية في بيئة يسودها عدم الاستقرار المؤسسي؟ وبأي قطاع يجب أن تبدأ هذه الجهود؟ وما هي الأولويات؟ ومن سيكون جديراً بقيادة مثل هذه المبادرات؟
هذه هي الأسئلة الرئيسة التي ستُطرح في المنتدى العربي الدولي حول إعادة التأهيل والتنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة: نحو الدولة المستقلة، الذي يُعقَد من 11 إلى 14 تشرين الأول أكتوبر 2004 في بيت الأمم المتحدة في بيروت، وتنظمه اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا الاسكوا بالتعاون مع جامعة الدول العربية والسلطة الفلسطينية، بدعم من وكالات الأمم المتحدة ومنظمات عربية وإقليمية. وقد هدفت المشاورات التي دارت على مدى السنتين المنصرمتين بين هذه المنظمات والأطراف الفاعلة الأخرى، إلى التشديد على أن المنتدى ليس مجرد مؤتمر آخر من مؤتمرات الأمم المتحدة، وإنما سيكون له قيمة إضافية على جهود الجهات المانحة التي يقودها البنك الدولي على المستوى الدولي.
ويهدف منتدى بيروت إلى تحديد السياسات وتفعيل الآليات التي من شأنها أن تمكِّن الفلسطينيين من مواجهة تداعيات الاحتلال الاجتماعية والاقتصادية، وتخطِِّيها، وبالتالي إقامة ربط بين الإغاثة والتنمية. ففي ظل الاحتلال، اضطرت الهيئات والمؤسسات الدولية والعربية التي كانت تساهم في بناء الاقتصاد الفلسطيني إلى تحويل القسم الأعظم من جهودها من المشاريع الإنمائية البعيدة والمتوسطة الأمد إلى مجالات الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية الطارئة، مما أدى إلى تراجع مشاريع التنمية بشكل كبير، الأمر الذي يؤثر سلباً في بناء القدرات والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية القادرة على النهوض بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي تعد أساس بناء دولة قابلة للبقاء. بناءً عليه، باتت هناك ضرورة ملحّة لإعادة توجيه الجهود الدولية والعربية نحو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، المتوسطة والطويلة المدى، بالتوازي مع تقديم الإغاثة العاجلة للشعب الفلسطيني، وهي مسألة لا تحتمل التأجيل.
وتحتاج مبادرات التنمية في فلسطين في الوقت الحالي إلى التفاعل مع الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتشير الحقائق إلى أن الوضع صعب ولكنه ليس بمستحيل. فمع قيام إسرائيل باتباع سياسة الفصل والإغلاق بات من الضروري أن يقوم الفلسطينيون بإعادة التزامهم وتكاملهم مع جوارهم العربي، واختبار إقامة العلاقات مع شركاء آخرين في الخارج، وإلى جذب دعم الجهات المانحة من خلال آليات مرنة تحقق هدفي الإغاثة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الركائز الثلاث
وبغية ضمان الملكية الفلسطينية لعملية التنمية والتأكيد على استمراريتها، لا بد من أن تستجيب علاقات الشراكة الجديدة لاحتياجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية وأولوياتها كما يراها الفلسطينيون. كما لا بد من أن يكون لها تأثير فعال. وقد خُصّص جزء كبير من العملية التحضيرية للحوار والمناقشات الفلسطينية - الفلسطينية حول أهداف التنمية الفلسطينية الاجتماعية والاقتصادية بهدف طرح نتائجها المفصلة على المنتدى. وأثمر الحوار إجماعاً بين وزارات السلطة وممثلي المجتمع المدني الفلسطيني على هذه الأهداف، التي تمت صياغتها في أوراق عمل جدية تتضمن سلسلة من التحليلات المقارنة ضمن دائرة الأولويات والأفضليات الفلسطينية لتحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي مستدام ضمن أهداف ورؤية التنمية في الدولة الفلسطينية المستقلة.
وللبعد العربي أهمية كبيرة في تحقيق أهداف التنمية في فلسطين. فمن الضروري إعادة ربط الاراضي الفلسطينية والاقتصاد الفلسطيني بجواره ومحيطه العربي الذي يشكل امتداداً طبيعياً وشبكة أمان داعمة لعملية التنمية الفلسطينية، وتعزيز الشراكة العربية - الفلسطينية في جهود إعادة التأهيل والتنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. لقد ساهمت الدول العربية منذ العام 2001 ببليون دولار أميركي تقريباً في إطار الجهود الدولية لإغاثة الشعب الفلسطيني والمحافظة على اقتصاده، الأمر الذي ساعد في تحويل تركيز العلاقات العربية - الفلسطينية من المساعدات البشرية المباشرة والهبات الخيرية إلى شراكة تعتمد على المصالح المتبادلة. وقد حرصت العملية التحضيرية للمنتدى على عدم إغفال الدور الحيوي للآليات الاخرى لتعزيز الشراكة العربية - الفلسطينية دعماً لأهداف التنمية الفلسطينية وهي المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والصناديق والمنظمات الاقتصادية العربية.
وسيشارك في المنتدى ممثلون رفيعو المستوى عن حكومات عربية ودولية، بالإضافة إلى ممثلي أكثر من 20 هيئة تابعة للأمم المتحدة، وعدد كبير من الهيئات الدولية والإقليمية، والمنظمات غير الحكومية وممثلين عن القطاع الخاص من مختلف دول العالم. هناك حاجة ملحّة لمبادرات جديدة من شأنها أن تعطي الأمل بمستقبل أفضل لكل الشعوب في المنطقة. وأعتقد أن هذا الحشد المميز سيولّد زخماً في العمل، إلى جانب الخبرة والدعم السياسي المطلوبين لتلبية الاحتياجات الفلسطينية للتنمية ولتوسيع نطاق العلاقات العربية الفلسطينية في سياق الجهود الدولية لإقامة ربط بين احتياجات الإغاثة وإعادة التأهيل والتنمية وبناء مصالح استراتيجية مشتركة.
ان الاسكوا، وهى ذراع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية، تأمل دعم ومساندة الحكومات والمؤسسات والهيئات العربية والدولية فى إنجاح هذا المنتدى دعماً للشعب الفلسطيني. ويهمني ان أؤكد ان المنتدى لا يهدف الى جمع المساهمات او الالتزام بمساعدات مالية جديدة، إنما يهدف الى ربط الإغاثة التي يجرى تقديمها للشعب الفلسطيني بالتنمية الطويلة الأجل وفقاً للرؤى والخطط والأولويات الفلسطينية الذاتية، وتكوين شراكة فلسطينية عربية دولية حقيقية متعددة المستويات، من حكومات ومنظمات حكومية وأهلية وقطاع خاص. إننا نأمل أن تسهم هذه العملية، المستمدّة من الخبرة الفلسطينية والعربية والدولية، في تمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق آماله في التقدم والرقي ونيل حقوقه المشروعة في دولته المستقلة.
* وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا اسكوا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.