قال وزير التجهيز والنقل المغربي كريم غلاب ل"الحياة" ان المغرب واسبانيا ينتظران رداً من الاتحاد الاوروبي في شأن مشروع بناء نفق تحت البحر الابيض المتوسط يربط بين القارتين الاوروبية والافريقية على غرار نفق المانش بين فرنسا وبريطانيا الذي قد تصل تكاليفه الى نحو اربعة بلايين يورو ويعمل بموازاة ميناء طنجة في خدمة التجارة والسياحة اليورومتوسطية بين قارتي اوروبا وافريقيا. وكانت الرباط ومدريد قدمتا الاسبوع الماضي مشروعاً مشتركاً الى المفوضية الاوربية في بروكسيل لاعداد دارسة بناء النفق وقدرت كلفة الدراسة بنحو 27 مليون يورو سيتم تأمينها مناصفة بين الدولتين. قال الوزير كريم غلاب انه يأمل ان يحظى المشروع بتأييد دول الاتحاد الاوروبي بسبب منافعه الاقتصادية والتجارية للمنطقة التجارية الحرة اليورومتوسطية المقرر ان تكتمل سنة 2012. وتوقع ان يمول الاتحاد الاوروبي بعضاً من كلفة الدراسات التقنية والجيوفزيائية التي قد تستمر نحو ثلاث سنوات على ان يعقبها اعلان مناقصة دولية لبناء النفق بين سنتي 2007 و2008 . وقدر الوزير المغربي كلفة النفق بين ثلاث واربعة بلايين يورو قد تساهم في تمويلها مؤسسات مالية دولية الى جانب كل من اسبانيا والمغرب. وسيقام النفق بعمق يصل الى 400 متر تحت سطح البحر ويشمل خطاً للسكة الحديد في الاتجاهين وطريقا سياراً للعربات والشاحنات وتجهيزات السلامة والتهوئة. وسيرتبط النفق بشبكة الطرق السريعة والسكة الحديد على الضفتين. وقال غلاب ان كلفة المشروع توازي ثلاث مرات كلفة الميناء اليورومتوسطي الذي يجري انجازه شرق طنجة بنحو 1,3 بليون دولار وسيكون جاهزاً للعمل بحلول سنة 2007 وهو احد اكبر الموانئ التجارية في جنوب البحر الابيض المتوسط. وتوقع الوزير المغربي ان يدعم الاتحاد الاوروبي فكرة ربط القارتين وهو مشروع قديم يعود تاريخه الى 20 عاماً وكانت اجريت في شأنه دراسات هندسية عدة تباينت بين خيار الربط القار القنطرة المعلقة والنفق البحري بسبب كثافة الملاحة التجارية البحرية في مضيق جبل الطارق الذي يربط بين المحيط الاطلسي والبحر المتوسط على مسافة لا تتجاوز عشرة اميال. وفي رأي الوزير المغربي سيساعد موقف الاتحاد الاوروبي المؤيد مؤسسات مالية دولية على المساهمة في تمويل بناء النفق الذي سيُوكل الى شركة مختلطة مغربية - اسبانية تتولى ادارة نشاط النفق الذي قد يقوي برنامج الشراكة الاوروبية - المغربية ويعزز فرص اندماج الاقتصاد المغربي وباقي الاقتصادات المغاربية في الاقتصاد الدولي عبر البوابة الاوروبية. ويُقدر حجم التجارة البينية الحالية التي تمر عبر ضفتي المتوسط في هذه النقطة بنحو 18 بليون دولار وهي قد تتضاعف مطلع العقد المقبل، كما يعبر حالياً حوالى اربعة ملايين شخص سنوياً في الاتجاهين اغلبهم من السياح والمهاجرين لقضاء العطلة. ويراهن المغرب على وصول 10 ملايين سائح سنة 2012. وقد يكون النفق مفيداً للمنطقة التجارية الحرة مع الولاياتالمتحدة ومنطقة اعلان اغادير التي تضم مصر وتونس والاردن اضافة الى المغرب الذي يمكن ان يتحول الى قاعدة لاعادة تسويق السلع الاميركية والعربية في الاسواق الاوروبية. واعتبر محللون ان اعادة احياء فكرة مشروع الربط القاري دليل تحسن في العلاقات الاسبانية - المغربية التي كانت شهدت فتوراً واضحاً في الاعوام الاخيرة. وكان رئيس الوزراء الاسباني خوسيه ماريا ازنار اعطى خلال زيارته الى مراكش مطلع الشهر الماضي موافقته على بدء درس مشروع النفق البحري وقبل بعرض الفكرة على الاتحاد الاوروبي. يُذكر ان فكرة الربط بين القارتين الاوروبية والافريقية كانت راودت التجار الفنيقيين والفلاسفة الاغريق ونسجت حولها اساطير اشهرها "مغامرات هرقل" الذي لا يزال يحتفظ بمغارته جنوبطنجة ليس بعيداً عن المنطقة التي قد تشهد بناء النفق البحري.