تنوع أحيائي    د. رائد الحارثي: الذكاء الاصطناعي هو الحل للجدولة    "منشآت" تختتم أسبوع التمويل بمناقشة الفرص والحلول التمويلية لروّاد الأعمال    الهلال «العالمي» يهزم الطائي بثلاثية ويقترب من «الدوري الذهبي»    الهلال يتفنن بثلاثية أمام الطائي    السودان.. ستة أسابيع قبل موسم العجاف    مشروعات عصرية    ماذا بعد طلب «الجنائية» توقيف قادة في إسرائيل وحماس؟    مجدٌ يعانق النجوم    ثانوية السروات تحتفي بتخريج الدفعة الأولى من نظام المسارات    يونايتد المتعثر يقف أمام سيتي الطامح لكتابة المزيد من التاريخ    نزاهة: حادثة التسمم الغذائي بأحد مطاعم الرياض لن تمضي دون محاسبة    الراجحي يتحدى مرتفعات «باها اليونان» في كأس العالم    فيصل بن خالد يرأس اجتماع الجهات الأمنية والخدمية المشاركة في منفذ جديدة عرعر    إثراء يختتم قمة الاتزان الرقمي "سينك" بنسختها الثانية    جهاز HUAWEI MateBook X Pro.. الجهاز القوي بتصميم أنيق ووزن خفيف    فيلم "نورة"يعرض رسميا في مهرجان كان السينمائي 2024    فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة الشرقية يكرم موظف سوداني    موعد احتفال الهلال بلقب دوري روشن    انطلاق الهايكنج في الحريق    السعودية تدعم «الإنزال الجوي الأردني» لإغاثة الفلسطينيين في غزة    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للربو"    مستشفى الحرجة يُنظّم فعالية "التوعية عن ارتفاع ضغط الدم"    عرض ضخم من الهلال لجوهرة البرتغال    وزير الخارجية يستقبل وزير خارجية النمسا    «البيئة»: السعودية تستهدف إنتاج 16.2 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يوميًا    علامة HONOR تكشف عن بنية الذكاء الاصطناعي المكونة من 4 مستويات وتمضي قدماً مع Google Cloud من أجل مزيد من تجارب الذكاء الاصطناعي في VivaTech 2024    القبض على وافد بتأشيرة زيارة لترويجه حملات حج وهمية ومضللة    دفعة جديدة من العسكريين إلى ميادين الشرف    الداخلية: دخول مكة والبقاء فيها ممنوعان للزائرين    إصدار 54 ترخيصاً صناعياً جديداً خلال مارس 2024    أمير حائل يشكر جامعة الأمير محمد بن فهد    السعودية تفوز بعضوية مجلس منتدى النقل الدولي ITF    رفع كسوة الكعبة المشرَّفة للحفاظ على نظافتها وسلامتها.. وفق خطة موسم الحج    أدبي الطائف يقيم الأمسية السودانية ضمن لياليه العربية    تمكين المرأة.. وهِمة طويق    تخريج 700 مجند من دورة «الفرد»    مغني الراب.. راح ضحية استعراض مسدسه    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 142 مجندة من الدورة التأهيلية    جنة الأطفال منازلهم    لقاء علمي يستعرض تجربة بدر بن عبدالمحسن    فواز.. أكتب له ويكتب لي    لا فيك ولا في الحديد    واتساب يتيح قفل المحادثات على الأجهزة المتصلة    دشن هوية «سلامة» المطورة وخدمات إلكترونية.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد سير العمل في الدفاع المدني    الكاتب العقيلي يحتفل بتخرج إبنه محمد    معرض «لا حج بلا تصريح» بالمدينة المنورة    د. خوقير يجمع رجال الإعلام والمال.. «جمعة الجيران» تستعرض تحديات الصحافة الورقية    آل مجرشي وآل البركاتي يزفون فيصل لعش الزوجية    229 مشروعاً تنموياً للبرنامج السعودي في اليمن    الاستعداد النفسي أولى الخطوات.. روحانية رحلة الحج تبعد هموم الحياة    توريد 300 طن زمزم يومياً للمسجد النبوي    الأمير سعود بن مشعل ترأس الاجتماع.. «الحج المركزية» تستعرض الخطط التشغيلية    الخريجي يقدم العزاء بمقر سفارة إيران    ثلاثي روشن يدعمون منتخب البحارة و رونالدو: فخور بتواجدي مع البرتغال في يورو 2024    "أبرار" تروي تحديات تجربتها ومشوار الكتابة الأدبية    استشاري: حج الحوامل يتوقف على قرار الطبيب    جناح الذبابة يعالج عيوب خلقية بشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السينما التسجيلية المعاصرة . وعود الآباء المؤسسين هل ثمة متسع لها في زمننا
نشر في الحياة يوم 19 - 09 - 2003

تبدو إشكالية الشريط التسجيلي امتداداً لصلة متجددة مع الحياة بتحولاتها وتجددها فإذا كان "الآباء المؤسسون" للسينما التسجيلية عنوا بالجوانب التجريبية التي قربتهم من الصنعة ومهارات استخدام الآلة، فأن ما تشهده السينما التسجيلية اليوم من الانجذاب نحو إدماج التقنية بالوحدات الأساسية التي تكوّن هوية الفيلم التسجيلي هي مسألة اكثر وضوحاً في المشهد المعاصر.
يعنى روي آدامز في اكثر من اطلالة له في قراءة الفيلم التسجيلي بادماج فكرة المعاصرة السينمائية بالسعي لتجديد الرؤى والأساليب التسجيلية... لكن السؤال الآن هو كيف نقوم الهوية التسجيلية من جهة إشكالية العرض الفيلمي المعاصر من جهة اخرى؟
تقدم وسائل الأتصال المعاصرة، وبالأخص التلفزة الفضائية العابرة للقارات خلاصات عدة في هذا الشأن، فهي قدمت تطبيقاً عملياً لتكييف الفيلم التسجيلي مع متطلبات المشهد العالمي المعاصر، وبموجب هذا تطور الفيلم التسجيلي الأخباري بتطور الأدوات والوسائل ليتحول الى نمط مستقل قد يبدو ظاهرياً ان لا انتماء له لأي نمط من انماط السينما التسجيلية، إذ ادمج بالمواكبة اليومية المتسارعة للأحداث. وقدمت تجربتان عالميتان نمطاً مختلفاً للفيلم التسجيلي الأخباري وهما حربا الخليج 1991 و2003. فقد ضخت القنوات التلفزية الفضائية سيلاً منهمراً من الصور للوقائع الحربية بالمراقبة الحية للأحداث، وتغلغلت في أوساط صناع القرار واقتربت لدرجة الألتحام مع تخوم المواجهات القتالية... فماذا مثل الشريط الاخباري الذي قدمته هذه التجارب؟ وهل كانت حقاً تتويجاً لتجارب السينما التسجيلية ام انها مجرد افلام تلفزية لا تمتلك هوية ولا مواصفات السينما التسجيلية؟
اعتماد على الوقائع
لعل الذي يؤكد أهمية هذا الجانب هو خروج القائمين على هذا الضرب من الأعمال من الإطار المجرد للفيلم إلى إعادة بنائه فنياً وتقنياً من خلال تقديم الشريط الاخباري التسجيلي الطويل الذي يعرض وقائع الحرب بتسلسلها وفي شريط تسجيلي واحد. ان الملاحظ هنا في النماذج التي بثتها NBC وCBS وCNN وغيرها هو اعتمادها في شكل كبير على ما نسميه "الوثيقة التسجيلية" وهو عنصر مهم من عناصر السينما التسجيلية التي تحدد لها هويتها، فالاعتماد على الوقائع الحقيقية ظل طويلاً احدى وسائل السينما التسجيلية. ومن هنا وجدنا ان افلاماً من هذا النوع بلورت اطاراً موضوعياً لهوية ونمط جديد من الأفلام على رغم ان له امتداده في تاريخ السينما التسجيلية من خلال افلام واكبت مراحل الحربين العالميتين الأولى والثانية والحروب الأقليمية الأخرى. ميزة هذا النوع الجديد الذي يذكرنا بتجربة المذيع اللامع بيتر آرنت في شبكة "سي ان ان" الذي بدا فيه اقرب للرابط للمجريات الفيلمية ولقد تحولت عبارةLIVE FROM BAGHDAD الى دالة الى نمط جديد من المشاهدة والتعرف الى الوثيقة التسجيلية من خلال النقل الحي. انه بالفعل نمط متجدد للسينما التسجيلية من خلال التفاعل مع أسسها وقواعدها وتقديم بديل تلفزي مواز. من هنا كانت المحصلات التي قرأ بموجبها عدد من الدارسين هذه السينما على انها بحسب ايتوود شاهد تاريخي على حقبة السينما التسجيلية الرقمية. وبالفعل نجد ان مثل هذا الإدماج ما بين نتاج العصر الرقمي وهذا الشكل الجديد الذي لم تتبلور بعد معطياته لتضاف الى نظرية الفيلم التسجيلي، يؤشر الى تأسيس شكل سينمائي مواز قوامه الفكرة التسجيلية والشكل الرقمي.
لقد مثل البريطاني جريرسون واحداً من اولئك الآباء المؤسسين لمفهوم السينما التسجيلية باعتبارها نوعاً من المعالجة الخلاقة للواقع ولهذا رسخ مفهوم الموضوعية في الفيلم والتي يعبر عنها من خلال توظيف الوثيقة الفيلمية ونقل شتى الصور الواقعية. وبالطبع سنجد ما يعمق هذا الأطار الأفتراضي من خلال تجارب عريقة في الفيلم التسجيلي كتجربة روبرت فلاهرتي وبول روثا وبازيل رايت.
بقيت تلك المراقبة الموضوعية للواقع احدى اهم دعامات تجربة فلاهرتي بالخصوص وكان فيلمه نانوك ما زال علامة فارقة في تاريخ السينما التسجيلية.
يوماً ما أقدم فرانك كابرا على تقديم صورة ما للحياة في ظل الحروب، كان هو ومجموعة من مساعديه جزءاً من فريق عمل الدعاية الحربية للحلفاء وكان يشتغل تحت توجيه الدعاية الحربية الأميركية. قدم كابرا افلاماً من الوقائع الحربية وكان فيها شاهداً على ما يجري من أحداث وتحولات... فقد كان عمله منصباً على اعادة انتاج الصورة الحربية من وجهة نظر أميركية. عمل مع اناتول ليتفاك في انجاز سلسلة "لماذا الحرب"؟ ثم قدم فيلم معركة روسيا. وكما يقول جانيتي ان كابرا ركز على الطابع التعبيري للصورة مستغنياً عن التعليق في بعض المواقف تاركاً للصورة ان تعبر عن المشهد والموقف الحربي.
مواسم نشر الحرية
بموازاة ذلك ويوم كانت لندن تحت وابل قصف الطيران الألماني كان هنالك جيل من مخرجي السينما التسجيلية يعيش تلك الوقائع بتفاصيلها المريرة. يومها قدم همفري جيننجز الذي عرف بشاعر السينما التسجيلية البريطانية اشرطته: وقت الفراغ واندلاع النيران واستمع الى بريطانيا وكان فيلمه: مذكرات تيموثي واحداً من الأشرطة اللافتة للنظر اذ قدم صور يوميات مسجلة لفتاة صغيرة في ظل الحرب ثم عمق ذلك بفيلم صور عائلية...
كانت تجارب كابرا وجيننجز وهاري وات وبات جاكسن ومايكل باول وغيرهم امتداداً موضوعياً لسينما تسجيلية تمتحن وعودها واسسها في اجواء الحرب المشتعلة. ما بين تجارب هؤلاء والجيل الذي يواكب اليوم حروب القرن و"مواسم نشر الحرية" على يد الفيالق الأميركية العابرة للقارات، ما بين هذين العالمين، ثمة فاصلة ما تؤكد حقيقة أن الفيلم التسجيليي والوثيقة التسجيلية يمتلكان أسباب الاستمرار نظرياً على الأقل، اما عملياً فأننا شهدنا ونشهد هذا الإدماج للوظائف التعبيرية للسينما التسجيلية مع معطيات النتاج الفيلمي الرقمي.
ربما كانت هذه خلاصة أساسية نريد من ورائها التماس وظيفة ما للشريط التسجيلي - الأخباري ووضعه في موضعه وإطاره الموضوعي وهو ما تؤكده كل هذه التجارب الجمالية الجديدة.
واقعياً نبدو أمام مزيج من المعطيات الصورية وكثافة تعبيرية وتدفق متصل لا تحده حدود وتجارب ترسخ وجودها عبر الأعلام الكوني الفضائي... لكننا وسط هذا لا نعدم وجود أجيال سينمائية جديدة في السينما التسجيلية فضلاً عن المهرجانات السنوية لهذه السينما الفريدة التي واكبت الحياة وقرأت خلاصاتها ومضت نحو التجريب قدماً مؤكدة رؤى الآباء المؤسسيين للسينما التسجيلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.