يتوقع أن يشهد لبنان اعتباراً من اليوم حلحلة على صعيد أزمة الكهرباء في ضوء الصيغة التي تم التوصل اليها في اجتماع ترأسه رئىس الجمهورية اميل لحود، مع إحالة الموضوع الى مجلس الوزراء، في وقت لوح لحود ب"التشهير اسمياً" بمن قد "يحاول تعطيل فتح ملف الكهرباء". حذّر رئيس الجمهورية اميل لحود من "ان أي محاولة لتعطيل فتح ملف الكهرباء من طريق ابتزاز المواطن وقطع الكهرباء عنه "سيواجهها" بأشد الاجراءات وصولاً الى التشهير اسمياً بالمعطلين وإحالتهم على القضاء المختص". وكان لحود يتحدث في اجتماع عمل ترأسه في قصر بعبدا وحضره وزير المال فؤاد السنيورة ووزير الطاقة أيوب حميد وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس الادارة المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان الدكتور كمال حايك والمدير العام لرئاسة الجمهورية العميد سالم أبو ضاهر، جرى خلاله عرض نتائج الاجراءات التي اتخذتها مؤسسة كهرباء لبنان تنفيذاً لقرارات مجلس الوزراء وتلك التي ينتظر اتخاذها قضائياً للبت في الدعاوى المقامة ضد المخالفين، كما عرضت المراحل التي قطعتها الاتصالات الجارية مع وزارة المال ومصرف لبنان وعدد من المصارف الخاصة للبحث في الآلية الواجب اعتمادها لتوفير المال المطلوب لشراء المحروقات للمؤسسة التي تفرض تقنيناً قاسياً للتيار يومياً. واعتبر لحود ان كل ما يهمه اليوم "هو ان تصل الكهرباء الى المواطن في اي منطقة كان، وان يرفع عنه عبء التقنين وهذا الموضوع يكتسب أهمية فورية وملحة، فالمواطن لا تهمه المهاترات القانونية والسياسية اذا ادت الى انقطاع الكهرباء عنه لأنه دفع حتى الآن ما يقارب الثلاثة بلايين دولار ولم تصل اليه لا بالكمية ولا بالنوعية المناسبة". وقال: "لذلك طلبت من مجلس الوزراء فتح ملف الكهرباء عن كل المرحلة السابقة"، مشدداً على "ان فتح ملف الكهرباء شيء وضرورة وصولها الى المواطن شيء آخر، فالمواطن مستعد للدفع اذا تأكد ان المال الذي يدفعه لن يذهب هدراً وسرقة، فالمشكلة ليست في المواطن بل في تراكمات الفساد وحماياته". وأطلع لحود المجتمعين على طلبه من القضاء الاسراع في بت الدعاوى العالقة والناتجة من محاضر المخالفات والتعدي على الشبكة. وتقرر في نهاية الاجتماع ان يقدم حايك الى مجلس الوزراء في جلسته المقبلة تقريراً عن حاجات المؤسسة الفورية وخطته المستقبلية على ان يقوم مصرف لبنان عبر وزارة المال بتأمين هذه الحاجات الفورية للمؤسسة لضمان وصول الكهرباء بحيث تتأمن للجميع على مدار الساعة. وفي اطار لقائه مع وفد من جمعية خريجي جامعة القديس يوسف في أبو ظبي اكد لحود "ان لا نهوض اقتصادياً حقيقياً في البلاد اذا لم تقم دولة القانون والمؤسسات التي التزم شخصياً بناءها في خطاب القسم، لا سيما ان صمود الدولة اقتصادياً يتطلب قواعد صلبة وثابتة ولا يكفي فقط الاستقرار الأمني والسياسي على أهميتهما، لكن لا بد ايضاً من استقرار اقتصادي". وشدد على التزامه "السير حتى النهاية في المسيرة الاصلاحية التي انطلقت لاعادة الكثير من الامور الى نصابها"، مشيراً الى ان "التشكيك الذي يحصل من حين الى آخر ليس بجديد". وقال: "عندما اطلقت مسيرة توحيد الجيش عام 1991 تصاعدت اصوات المشككين، الا اننا نجحنا في التوحيد وبات لدينا جيش وطني من كل لبنان ولجميع اللبنانيين. وعندما التزمنا دعم المقاومة اللبنانية في مواجهة الاحتلال، شكك الكثيرون ايضاً وصدرت مواقف واعطيت أوامر، الا اننا صمدنا في موقفنا الذي هو وليد قناعاتنا الوطنية وخياراتنا الاستراتيجية، ونجحنا في تحرير القسم الاكبر من ارضنا من الاحتلال الاسرائىلي. واليوم نحن مصممون على المضي في عملية الاصلاح، ونسمع التشكيك اياه، لكننا سنحقق اهدافنا هذه المرة، كما حققناها في الماضي، وسنعيد بناء مؤسساتنا واقتصادنا على أسس سليمة، وستعود الادارات الرسمية لتقوم بدورها في خدمة المواطن وليس العكس". وأوضح حميد ل"الحياة" انه "اتفق في اجتماع بعبدا على تيسير الامور الآن حتى لا تكون هناك أي ازمة فيول ومازوت، وعلى خطة طويلة الأمد تشمل اصلاح المؤسسة من كل الجوانب، إضافة الى الشق المالي". وقال: "سنطرح الموضوع في اول جلسة لمجلس الوزراء، وهو الطلب من المجلس المركزي لمصرف لبنان تأمين المال الكافي للمؤسسة". وأضاف: "طلبنا مبلغ 500 بليون ليرة، وقد لا يؤخذ به، ويمكن الحصول على 400 او 300 بليون ليرة". وعن تأمين المال لشراء الفيول للمرحلة الآنية لتخفيف ازمة التقنين، قال: "هناك خط ائتمان بقيمة 25 مليون دولار، ويمكن الافادة منه بين اليوم امس وغداً اليوم لتمويل عقود مع موردين ليؤمنوا المشتقات النفطية، إضافة الى بعض الاموال التي تراكمت في مؤسسة الكهرباء". وقال: "بذلك نكون وازنا بين المرحلة الحالية لجهة تأمين المشتقات النفطية وثمنها وبين مرحلة مستقبلية نكون ارتحنا في خلالها ونكون سرنا بالخطوات العملية التي تمكن المؤسسة من ان يكون لديها وفر، خصوصاً عندما ننفذ جزءاً من خط الغاز، ونحن نسعى الى استكمال الخط الثاني منه، إضافة الى تحسين الواردات وزيادة عدد المشتركين ووقف الهدر غير الفني". ردود الفعل وفي المواقف من أزمة الكهرباء، قال الرئيس سليم الحص "ان فضيحة الكهرباء لا يعادلها فجوراً سوى غياب مجلس الوزراء بسبب غياب رئيسه في اجازة، ولو حدث مثل هذا في اي بلد آخر يتمتع بالحد الأدنى من الديموقراطية لقامت الدنيا ولم تقعد الا بعد الاطاحة بالحكومة ومحاسبة المسؤولين على اهمالهم وفسادهم". ورأى "ان هذا القدر من اللامبالاة بمصالح الناس يفوق كل تصور والناس تشتم من وراء فضيحة الكهرباء روائح الهدر والتبديد والاهمال والسرقات ولا تصدق ان احداً من المسؤولين عن هذه الفضيحة سيحاسب في بلد تعود لفلفة كل القضايا التي تطاول اسماء كبيرة". واعتبر الحص "ان الحكومة اغتالت بهذه الفضيحة موسم الاصطياف وأوقعت الناس جميعاً في حال من المعاناة لا تطاق ومع ذلك فإن المسؤولين في غيهم يعمهون وفي ترفهم يرفلون، ان ما نشهد هذه الايام هو منتهى التفريط في مقام رئاسة الوزراء، وكل هذا يعزز القول ان الاصلاح لن يستقيم الا اذا بدأ باصلاح النظام السياسي الذي غابت عنه المساءلة والمحاسبة ودبت في أوصاله عوارض الفساد واللامبالاة والشلل". وشدد النائب محمد بيضون على ضرورة ان تضع وزارة التنمية الادارية "خريطة طريق" للاصلاح وأن تبادر الى عمل مؤسساتي سليم لتنفيذ هذه الخريطة مع اهداف واضحة خصوصاً مكافحة كل انواع المحسوبية المتفشية وابعاد السياسات الضيقة وإزالة فكرة ان الادارة في خدمة خط سياسي ضد خط آخر، معتبراً "ان أهم اصلاح يحتاجه لبنان هو الشراكة الحقيقية بين الدولة والقطاع الخاص". وقال النائب نعمة الله ابي نصر "بدلاً من تحديد هوية المسؤولين عن الهدر والفساد في ملف الكهرباء ومحاكمتهم تتأجل اجتماعات مجلس الوزراء لأن رئيسه منشغل بتوقيع اتفاق في كازاخستان ولا يعنيه الظلام الممتد من العريضة حتى الناقورة، لا بل كأنه بصمته يريد ان يوحي بمسؤولية الآخرين عن الازمة ليظهر لاحقاً بمظهر المنقذ". واعتبر "ان النيات لو كانت مخلصة فعلاً لبادرت الحكومة بالاستقالة فوراً. وسأل "حزب الوطنيين الاحرار": "كيف يجرؤ اهل السلطة اليوم على الظهور مظهر العازم على ايجاد الترياق والعليل يطوي ايامه الاخيرة؟ أهي الرغبة في امتصاص نقمة المواطنين وتفادي المساءلة على التقصير افرادياً وجماعياً هي التي حركت غيرتهم ام هو البحث عن وقود لمعارك جانبية عودونا عليها او لاستحقاقات يظهرون على هامشها تمايزاً ويطلقون وعوداً يستحيل تحقيقها في المدى القصير؟". وأيد نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبدالأمير قبلان الاصلاح "شرط الا يكون النداء من أجله هو من اجل اطماع سياسية". ورأى السيد محمد حسين فضل الله "ان لبنان يتحرك نحو النقمة الشاملة من خلال الكهرباء السياسية التي تحرق استقرار البلد ولا سيما المستضعفين من الشعب وتتحرك على اساس الحسابات الخاصة لتسجيل نقطة هنا وللتنفيس عن عقدة هناك".