في انتظار افتتاح الدورة غير العادية للبرلمان الأردني في 16 من الشهر الحالي، يحتد الجدل في الأوساط النيابية والسياسية على مصير الحكومة التي يعمل فريقها في "تصريف الأعمال"، ريثما يقرر الملك عبد الله الثاني رحيلها أو تعديلها أو إعادة تشكيلها برئاسة علي أبو الراغب أو غيره. ويطغى هذا الجدل على ملفات واستحقاقات أخرى لا تقلّ أهمية وسخونة، وفي مقدمها الانتخابات البلدية المقررة في 26 الجاري ويقاطعها الإسلاميون، والإعلان الوشيك عن تشكيلة مجلس الأعيان المؤلفة من 55 عضواً يختارهم الملك. وسط ذلك، يجد أبو الراغب، الذي احتفظ بمنصبه زمناً قياسياً أكثر من ثلاث سنوات، نفسه أمام خيارات صعبة لا بدّ من التعاطي معها بسرعة. فالدستور يلزمه بأن يتقدم ببيان وزاري يطلب على أساسه الثقة من مجلس النواب في دورته غير العادية، لكن هذه الخطوة ستفرض عليه إجراء تعديل على حكومته واستبدال وزراء يثيرون سخط النواب، ولا سيما الإسلاميين، ومن أبرزهم وزير الداخلية قفطان المجالي ووزير البلديات عبد الرزاق طبيشات. لكن هذا لا يعني أنه سينجح في كسب ثقة البرلمان الذي يضم كثيراً من خصومه التقليديين، خصوصاً رئيس الوزراء السابق عبد الرؤوف الروابدة، ورئيس مجلس النواب السابق عبد الهادي المجالي، وهما من أبرز المرشحين لرئاسة مجلس النواب، ولديهما كتل برلمانية داعمة، ويخوضان معركة استقطابات واسعة ضد الحكومة، لا تخلو من تصفية حسابات قديمة معها. وتقول مصادر حكومية ل "الحياة" الى أن اللقاءات العديدة التي أجراها أبو الراغب مع مفاتيح نيابية مهمة في الأيام الماضية "استهدفت قراءة المزاج النيابي قبل الإقدام على طلب الثقة"، وأظهرت أن بقاء الفريق الوزاري على تشكيلته الحالية أو إجراء تعديل محدود عليه سيان لأن الدورة غير العادية المخصصة لانتخاب رئيس لمجلس النواب وتشكيل لجانه المتخصصة في درس التشريعات الموقتة قد تفض بمرسوم ملكي بعد أيام قليلة من انعقادها، بما لا يمكّن النواب أنفسهم من الاستفادة من بند دستوري يتيح لهم الطلب من الحكومة التقدم ببيان ثقة. وتؤكد المصادر أن أبو الراغب "لن يتقدم بطلب الثقة إلا إذا تلقى إشارة من القصر الملكي بالاستمرار في مهماته" لأن الإشارات النيابية في المقابل لا توحي بالاطمئنان، بالنظر الى أن أكثر من 40 نائباً وقعوا أمس على مذكرة تبناها الإسلاميون والنائب المرشح لرئاسة البرلمان عبد الكريم الدغمي تطالبه بتأجيل الانتخابات البلدية، احتجاجاً على قانونها الموقت الذي يتيح للحكومة تعيين نصف أعضاء المجالس المحلية، وهؤلاء رقم حاسم في موضوع الثقة. والحال أن مصير الحكومة تعديلاً أو استمراراً أو رحيلاً في يد الملك الذي طالما امتدح رئيسها وفريقه، وأثنى على جهودها في تخفيف الضرر على الاقتصاد أثناء الحرب على العراق.