صاعقة صيف مدويّة ضربت حكومة سيلفيو برلوسكوني في منتصف أكثر شهور السنة سخونة. إذ أعلن الناطق باسم المستشار الألماني غيرهارد شرودر ان الأخير لن يقضي عطلته الصيفية في ايطاليا، كما كان مقرراً، ما عكس أجواء أزمة بين البلد الذي ولد فيه الاتحاد الأوروبي ايطاليا وأحد أهم شركائه، ألمانيا. الصاعقة كانت في الأجواء منذ أيام. إذ لم تنفع التصريحات التوفيقية للعديد من المسؤولين الإيطاليين والألمان ورئيس البرلمان الأوروبي بات كوكس في أنه لم تعد الأزمة التي نشبت بين برلوسكوني ورئيس المجموعة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي مارتن شولتز قائمة، وأن شرودر، ومعه الألمان، قبل الاعتذار الذي قدمه رئيس الحكومة الايطالية لنعته شولتز ب"كابو" أي الشرطي النازي في معسكرات الاحتلال. الصاعقة الجديدة ضربت الحكومة بيد حلفاء برلوسكوني في الحكم، أي رابطة الشمال الإيطالية، والذين لم يكفّوا يوماً منذ انضمامهم إلى الحكومة عن ابتزاز رئيسها. عندما أقدم نائب وزير الصناعة ستيفانو ستيفاني على شتم الألمان والإساءة إليهم واصفاً إياهم ب"المتكبرين والأجلاف الذين يجيدون جرع الجعة" وبأنهم "غلاة القوميين الذين يغزون الشواطئ الإيطالية". بالطبع تسيء تصريحات نائب الوزير، وهو المكلف شؤون السياحة، الى المصلحة الاقتصادية الايطالية، إذ يشكّل السياح الألمان عصب الاقتصاد السياحي الإيطالي لمنطقة واسعة على السواحل البحرية ومنتجعاتها الصيفية. لكنها أكدت في الوقت نفسه قدرة رابطة الشمال على ابتزاز رئيس الحكومة ودفعه إلى الانصياع إلى مخططاتها في الحصول على مساحة أوسع في الحكومة، خصوصاً أن برلوسكوني صار محكوماً بالبقاء على رأسها، بعد صدور قانون الحصانة الذي يبعد عنه شبح المحاكمة ما دام في منصبه. من هنا حاجته الماسة للتحالف مع الرابطة. وقد لا تكون الغالبية من الناخبين الألمان متفقة مع سياسة شرودر، لكنها تدعم الآن قراره الاحتجاج على مواقف رئيس الحكومة الإيطالية وأحد كبار المسؤولين فيها تجاه شعبه. وتكررت له الدعوات من كل الصحف الألمانية الى الثبات بإلغاء عطلته الايطالية. واقترحت عليه اليونان أو إسبانيا أو المغرب أو فرنسا لتمضيتها، وذهبت احداها الى دعوة المستشار إلى اغتنام الفرصة لاكتشاف جمال الروابي الألمانية في منطقة بافاريا. ما سيزيد من غضب سكان المناطق السياحية الإيطالية على حكومة برلوسكوني ورابطة الشمال إقدام صحيفة ألمانية على نشر صورة كبيرة لساحل مدينة ريميني الساحلية، مسقط رأس المخرج السينمائي الكبير فيدريكو فيليني، والتي تعيش بالفعل على زخم السيّاح الألمان، وقد شُطب عليها بإشارة X، وذلك كدعوة للسياح الألمان الى عدم التوجه إلى إيطاليا. وتحدث بعض هذه الصحف عن البداية الكارثية التي انطلقت بها الرئاسة الإيطالية للاتحاد الأوروبي. عطلة الصيف في إيطاليا بدأت، إلاّ أن الديبلوماسية الإيطالية لا تبدو ستتمتع بها، إذ أن عليها العمل على ترقيع ما سيحدث خلال الشهور الستة الأكثر أهمية في حياة حكومة برلوسكوني والتي يبدو فيها وزير الخارجية فرانكو فراتّيني وكأنه حمل معه خرطوم رجال إطفاء الحرائق وهو يسارع إلى صب الماء على النار التي يضرمها الآخرون.