"التطبيق" كلمة جديدة في قاموس الشباب السوري اليوم تعني النجاح في اقامة علاقة ما بين الشاب والفتاة. و"التطبيق" دخلت القاموس الشبابي خلال السنوات الأخيرة، وتعارف عليها الشباب في ما بينهم للدلالة الى محاولات يراد منها الاستحواذ والسيطرة على الفتاة. ويبدو ان الكلمة تجسد علاقة اجتماعية جديدة بين افراد الجنسين، فهي ليست علاقة "صداقة" او "زمالة" او حتى "حب" مثلما يتبادر الى ذهن البعض للوهلة الأولى، بل انها نسخة مطورة عن "التلطيش" أو "المعاكسة". إذ ان كلمة "التطبيق" تمنح لنفسها معنى تشم منه رائحة علاقة مشبوهة وغير صحيحة يمكن ان تعني حال صداقة موقتة مبنية سلفاً على الشك. وبات "التطبيق" الشغل الشاغل لغالبية الشباب الى درجة ان شاباً من دون صديقة اصبح يشعر بنقص في شخصيته، من الممكن ان يعاب عليه بين الآخرين. ولأن مفهوم الصداقة بين الشاب والفتاة كثيراً ما يصطدم برواسب مجتمعية قاسية ترفض مثل هذه العلاقات، فإن التطبيق هو نسخة مشوهة للصداقة. وتتعدد الآراء في اسباب "التطبيق" وآثاره على الشباب، وفي حين يرى رجال الدين ان التطبيق ناتج من حالات الاختلاط التي لطالما حذروا منها بين الذكور والإناث في المدارس والجامعات، وهم دائماً لا يستطيعون عزل ذلك عن مخططات خارجية تحاك لتمزيق المسلمين. يعزو البعض من الناس هذا النوع من العلاقات الى الواقع الاقتصادي الخانق الذي تعانيه غالبية الشباب والذي يحول بينهم وبين الزواج. واليوم، لا تكاد تخلو حلقة شبابية من النقاش في هذا الموضوع، فهذا يفخر بأنه "طبق" تلك، وذاك يدعي بأنه يستطيع "التطبيق" متى شاء، وهنا سيكون المجال رحباً لإطلاق الخيال في وصف المغامرات الدونكشوتية لكل منهم، في المقابل فإن الأمر لن يختلف كثيراً في حلقات الفتيات، فهذه تتفاخر بكم اغوت من شبان وقادتهم خلفها كالخرفان، وتلك تتحدث عن شاب وسيم يطاردها اينما ذهبت، مدعية انها تتجاهله. ويقول بسام حو: "العلاقة التي اقيمها غير سليمة، فلقد تعرفت بصديقتي بعدما استجابت لمعاكساتي لها، لذا فأنا اتوقع منها ان تفعل الشيء نفسه مع شاب آخر ما دامت فعلته معي، لكن مهما يكن فأنا لا يمكنني العيش من دون فتاة". ويقول انور م.: "البنت هي البادئة دوماً، تعطي الإشارة الأولى للشاب ثم تترك له مهمة صناعة الصدف والفرص للقائها". وأمكنة "التطبيق" باتت معروفة. في الجامعة تقع الأماكن المفضلة للمطبقين خلف الأبنية. او في زوايا معينة في مقهى الجامعة الكافتيريا. وفي المدارس تقع تلك الأماكن في عتمة الحارات المجاورة لها. كما بات هناك اماكن كثيرة صارت مشهورة بالمطبقين، وباتت الملاذ لكل من يبحث عن ذلك، ففي دمشق تقع الأماكن المفضلة للمطبقين في الشعلان والصالحية وحديقة الجاحظ وأبو رمانة وباب توما، حيث يصطف عشرات الشبان كالحراس على جانبي الطريق كل يحاول الفوز بغنيمته، ولا تحتاج فتاة تمر امامهم لأكثر من ابتسامة واحدة حتى ترى "قطعاناً" من الشبان يزحفون خلفها. وتختلف اساليب "التطبيق" بحسب الفتاة او الشاب، فالتعامل مع الطالبة الجامعية يختلف عنه مع طالبة المدرسة او الجارة في البناية. في الجامعة اشهر طريقة ل"التطبيق" ان يطلب الشاب من زميلته ان تعيره ملخصاً او نوطة باعتباره لم يحضر بعض المحاضرات، فيبدأ الحديث بما قاله الدكتور وينتهي بفنجان قهوة في الكافيتيريا. اما اسلوب تطبيق الفتاة للشاب فمختلف، إذ ان الفتاة الجامعية تتعلم كيف تستغل انوثتها ومفاتنها لإصابة الشاب في مقتل، فإن لم تنفع الابتسامة ينفع الغمز، وإذا كان الشاب اكثر غباء وجفاء ولم يفهم لغة الإشارة فإنه بالتأكيد تعلم القراءة قبل ان يصل الى الجامعة، لذلك فإن رسالة صغيرة فيها "كلمتين حلوين" ستقضي بالتأكيد على غبائه او كبريائه المزعوم. وإذا كانت الفتاة لا تزال في الثانوية فإن على الراغب ب"التطبيق" ان يجد مكاناً له بين عشرات الشبان المتربصين امام الرصيف المقابل للمدرسة، ويكفيه ان يكتب رقم هاتفه على ورقة صغيرة، ويرميها للفتاة في عودتها الى المنزل، ثم يعود الى منزله ينتظر امام الهاتف ليتمتع بخدمة كاشف رقم المتصل. اما اذا كانت البنت "جارة" في المبنى فإن تطبيقها هو اسهل، إذ يستطيع "المطبق" ان يلتقيها صدفة كل يوم وهما ذاهبان الى المدرسة، كما يمكنه ايضاً ان يعود معها صدفة، وأن يصعد معها صدفة في الحافلة نفسها ويجلسان صدفة الى المقعد نفسه. ولم تبخل التكنولوجيا والتقدم العلمي في تقديم خدماتهما لجيل الشباب المتعطش لكل ما هو جديد، فأدخلا طريقة جديدة ضمت حديثاً الى طرق "التطبيق" وهي المحادثة عبر الإنترنت او chattingالتي فتحت لعلم "التطبيق" آفاقاً جديدة. ومستلزمات "التطبيق" كثيرة وعديدة، وأهمها جهاز الهاتف المحمول الذي ما زال حلماً يدغدغ جميع الشباب في سورية، وفي حال توافره مع الشاب فإنه بالتأكيد سيوفر عليه نصف العناء الذي كان سيتكبده لولاه، وإن توافرت السيارة ايضاً فإن "زيادة الخير خير". ويقول "فكرت": "اكثر ما يلفت نظر بنات اليوم السيارة، استأجرت ذات مرة سيارة فتمكنت في يوم واحد من "تطبيق" اثنتين. ويتنافس بعض الشباب في ما بينهم على من يستطيع "تطبيق" بنت معينة، وأحياناً يحتدم الصراع بينهم في سبيل ذلك، فهذا الذي يغافل ذاك ويلتقيها بعيداً من الجامعة، وآخر يطق برغي لزميله ويوصل الى مسامع الفتاة انه "يضحك عليها". وقد يتطور الأمر أحياناً ليأخذ منحى آخر اشد عنفاً، لعل آخره جريمة قتل ارتكبها احد الطلاب بحق زميله في المدينة الجامعية عندما عرف انه نجح في "تطبيق" فتاة يحاول هو "تطبيقها". يقول الطالب ماجد نعيسة الذي يسكن في المدينة الجامعية: "في بعض الأحيان تكون البنت هي نفسها ضحية خيانة الخبز والملح فكل يوم نسمع صراخاً او نشاهد شجاراً بين اثنين بسبب بنت، كل منهما يحاول اظهار رجولته امامها، خصوصاً اذا كان احد المتشاجرين قريبها، لقد اعتدنا هذه الأمور". ومن الشباب او الفتيات من يستغل محبة صديق او صديقة لأهداف شخصية مادية، فبعض الفتيات يرمين بأصدقائهن الذين يكنون لهن كل المحبة والإخلاص عندما يعجزون عن تلبية رغباتهن المادية، كما ان هناك بعض الشباب يتلاعبون بمشاعر الحب التي تقدمها لهم صديقاتهم فيغررون بهن او يكتفون باستخدامهن للتباهي امام الأصدقاء".