خرجت الفنانة المصرية الشابة ريهام عبدالحكيم 21 سنة من عتمة كواليس مسرح "سودرا تياتر" في العاصمة السويدية استوكهولم، حيث احتفل نادي "ري اورينت" أخيراً بذكرى الفنانة ام كلثوم، بثوب اسود يبرق تحت الاضواء. وارتفع صوتها تغني امام جمهور اتى من كل بقاع السويد "غني لي شوي شوي". كان الجمهور خليطاً من عرب وسويديين وأجانب يقيمون في السويد. جمعيهم سمعوا عن رهام عبدالحكيم الكثير ولكنهم ذهلوا عندما وقفت بثبات على المسرح وألقت نظراتها الفرحة على كل انحائه وانطلق صوتها الرائع يغني اغنية بعد اغنية من مختارات الفنانة ام كلثوم. ريهام عبدالحكيم اسم لمع قبل فترة في مسلسل "ام كلثوم"، فهي لعبت دور "كوكب الشرق" حينما كانت شابة تعيش في الريف المصري. تقول ريهام عبدالحكيم في حديث ل "الحياة": "انا موجودة في الوسط الفني منذ كان عمري 7 سنوات، اذ كنت اشارك في حفلات في دار الاوبرا المصرية حيث غنيت لعمالقة الفن. لكنني، مع مسلسل "ام كلثوم"، خطوت الخطوة الكبرى التي ادخلتني الى بيوت العالم العربي". ليست مصادفة ان الفنانة المتواضعة ريهام عبدالحكيم التي تتمتع بحنجرة سوبرانو بدأت تغني ام كلثوم. فهي لا تقلد صوت ام كلثوم وانما تغني بصوتها ولونها، وهذا يعطيها لوناً خاصاً دفع بالجمهور الى الوقوف مراراً ليقاطعها مصفقاً وانهال عليها بكلمات التشجيع "اه يا ست" و... "الله". وفي بداية مشوارها كان كل الذين يسمعونها يطلبون منها ان تغني ام كلثوم: "مع مرور الزمن اتخذت هذا اللون ولم اغيره... لذا يمكن القول ان الجمهور هو الذي دفعني الى الاستمرار فيه". رافق الفنانة ريهام عبدالحكيم سبعة عازفين، وكان صوتها اوضح واعلى من الآلات الموسيقية كافة، لدرجة ان الذي يسمعها تغني يعتقد ان لها سبعة اصوات كل صوت ينطبق على واحدة من الآلات. اكتشفها سليم سحاب وريهام عبدالحكيم اكتشفها المايسترو اللبناني سليم سحاب، وهي تغني في دار الاوبرا المصرية منذ طفولتها، ولا تزال تشارك في العديد من النشاطات الموسيقية فيه. شاركت في العديد من الأعمال الاوبرالية التي عرضت على شاشة التلفزيون المصري، وكانت نجمة ساطعة في سماء مهرجانات دولية عدّة، مثل مهرجان اتحاد الاذاعات العربية في مصر حيث حصدت الجائزة الكبرى، وغنّت كذلك في جرش وتونس وباريس واستوكهولم وعواصم اخرى. وفي جعبتها اكثر من عشر اغنيات تنتظر الامكانات اللازمة لانتاجها في اسطوانة. عندما اجتمعت بأحد المنتجين قال لها: "هل تجيدين الرقص؟ اوكي، أنت تتمتعين بصوت جميل وطلة بهية... لكن الرقص مهم في هذه الايام". كان جواب الفنانة الملتزمة ريهام عبدالحكيم: "حتى لو كنت اعرف ارقص فلن ارقص لك في مكتبك!"... وتعلّق ريهام: "للأسف فأن هذا الوسط صعب جداً... والفنانة تتعب كثيراً قبل ان تصل. المجتمع يقيدها ويفرض عليها اشياء لا تقبلها، كما ان الوسط الفني مكلف اجتماعياً للمرأة... اذ انها تخاطر في مستقبلها كزوجة لأنّها قد تواجه صعوبة في الزواج. الرجل الشرقي - على الرغم من التحرر الظاهري - لا يحب ان تكون زوجته فنانة ومشهورة. مسموح للمرأة ان تعمل في اي مجال ولكن ليس في مجال الفن. كما ان شركات الانتاج لا ترحم، وترمي بشروطها الخاصة على المرأة مما يقيدها اجتماعياً". وإذا كان الواقع المأسوي والاستغلالي الذي تعيشه الفنانة الشرقية لا يكفي لإحباط ريهام، فيكفي أن نستعيد نهاية الفنانة ذكرى كي نتلمّس مدى بشاعة الواقع: "علمت بمقتل ذكرى عندما كنت مغادرة الى السويد. لم أتمكن من تمالك اعصابي... بكيت حزناً عليها. هذه ضريبة تدفعها الفنانة العربية!". وتبدي عزماً وقوة في الاستمرار في طريق الفن على رغم كل المصاعب: "أنا سأتمكن من اكون ربة منزل وفنانة في الوقت نفسه، لأن الرجل الذي سيتزوجني سأتفق معه حول هذه القضايا منذ البداية. وبالنسبة الى شركات الانتاج فأنا اغني لأنني احب الفن وليس من اجل المادة... لذا اجتهد واغني واحضر اغنيات للانتاج والباقي على الله المدبر". كانت مفاجئة للجميع تحمل الفنانة ريهام شهادة جامعية في الادب الانكليزي، وكانت ما تزال في الكلية عندما شاركت في مسلسل ام كلثوم: "لم يكن أي من زملائي يعلم انني امثل في المسلسل، لكن عندما بدأ عرضه كانت مفاجئة كبرى للجميع، لأنني لا احب ان اتكلم عن اعمالي ومشاريعي. كما انني من النوع الذي يؤمن بالصداقات الخالية من المصالح الآنية، ولا اريد ان يتقرب الناس مني لأنني فنانة". وعلى رغم صوتها الرائع وادائها المبدع، فإن ريهام عبدالحكيم لم تدرس الموسيقى: "سأتجه الى دراسة الموسيقى الآن لأنني قررت احتراف الغناء ومن المفترض ان اكون ملمة بالموسيقى". اشتملت حفلتا ريهام في استوكهولم على أغان معروفة للسيدة ام كلثوم مثل "سيرة الحب" و"حا قبلو بكرا" و"افرح يا قلبي" و"انت عمري"... وعندما بدأت تغني "ما دام تحب بتنكر لي" اخذت الجمهور بصوتها الى عالم طربي دافئ فوق العادة، انسى المشاهدين انهم يجلسون في قاعة مسرح في شمال الكرة الارضية، في بلاد الثلج والصقيع. الا انها ابدت القليل من الارتباك في اغنية "الاطلال". وتقول: "الاطلال لم أقدمها من قبل على المسرح. كانت المرة الاولى في حياتي، لذا شعرت ببعض الارتباك". لكن الارتباك الخجول لم يؤثر على نجاح الحفلة فنياً. من يراها تقف على المسرح يخطئ في تقدير عمرها، خصوصاً حينما يلاحقها الجمهور بعبارة "آه يا ست"... إلا ان ريهام تقسم ضاحكة: "والله عمري 21 سنة". ولا شكّ أن "الست" التي ما تزال في الحادية والعشرين، تعد بمستقبل باهر في عالم الغناء.