يتخلى السويسريون هذا الاسبوع عن الصفة الاساسية التي ميّزتهم، منذ مئتي عام، عن غيرهم من امم الارض. ففي العاشر من ايلول سبتمبر الجاري، وفيما انظار العالم مشدودة الى الذكرى السنوية للهجمات في الولاياتالمتحدة، يوجه السويسرون انظارهم الى مبنى الاممالمتحدة الذي يرتفع فوقه، وللمرة الاولى في التاريخ، علم بلادهم التي تدخل المنظمة الدولية حاملة الرقم 190 ومتخليةً في الوقت نفسه عن سياسة الحياد الدولي التي عرفت بها. ويبدو ان الناخبين السويسريين الذين صوتوا في آذار مارس الماضي وبغالبية بسيطة، على الانضمام الى الاممالمتحدة، ادركوا في الوقت نفسه ان تدعيم العلاقات الخارجية لبلدهم، وما ينطوي عليه ذلك من فوائد اقتصادية، لم يعد يمكنهم من الحفاظ على الانعزال عن العالم وهمومه في عصر العولمة. كما لم يعد الافتخار وحده بتاريخ مجيد من الحياد يلبي متطلبات المنافسة في السوق المفتوحة. ونقلت وكالة "رويترز"، في تحليل لها من زوريخ، عن محللين ان من المستبعد ان يحدد دخول سويسرا الى الاممالمتحدة كثيرا من استقلالها السياسي. واعتبر اورليخ كلويتي، استاذ العلوم السياسية في جامعة زوريخ ان الخطوة "كبيرة في ما يتعلق بالسياسة المحلية. انها توضح ان أمورا تغيرت. وبعد مرور 20 عاما او نحو ذلك سينظر اليها على انها خطوة مهمة للغاية". وقال: "اكد جميع مؤيدي هذه الخطوة من الناخبين السويسريين انه ليست لها اي علاقة بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي الذي لا تزال سويسرا خارجه. كما انها لن تهدد حياد سويسرا او ديمقراطيتها المباشرة". وبفضل حيادها، تمكنت سويسرا التي تجاوركلا من المانيا وفرنسا وايطاليا والنمسا وليشنشتاين من الدفاع طويلا عن اسلوبها الخاص في اتخاذ القرارات بشكل لا مركزي وحافظت على استقلالها السياسي، خصوصا خلال الحربين العالميتين الاولى والثانية. ويرى محللون ان قدرة البلاد على الحفاظ على هذه الخصائص، على رغم التنوع الثقافي والديني واللغوي لسكانها البالغ عددهم 3ر7 مليون نسمة، قد يكون السبيل لدور جديد في الديبلوماسية الدولية. ولاحظت صحيفة "لوتان" السويسرية، في مقال افتتاحي، "ان سويسرا غنية بالافكار والمهارات والاقتراحات. وتوجد مجالات يمكن ان تسهم فيها بحكمة... مثل ايجاد حلول للمنازعات بين الاقليات القومية. ولا يمكن ولا ينبغي ان تقتصر ديبلوماسيتنا على الدفاع عن مصالحنا الاقتصادية الصرفة". وينطلق مؤيدو الخطوة من انه لا يمكن البقاء خارج الاممالمتحدة والقدرة على المشاركة في قرارات تتعلق بمصير العالم: فمن اجل التمكن من قول ما نريد علينا اولا ايجاد مقعد للجلوس بين المتحدثين. في مقابل ذلك، يفضل بعض من السويسريين ابداء حذر هم والانتظارالى ما بعد الاحتفال بالانضمام الى المنظمة الدولية، من اجل الحصول على ادلة ملموسة على ان الاسرة الدولية ستوفر لبلدهم مقعدا يليق بها. ويذهب معارضون للخطوة الى حد التحذير من ان الحياد السابق لبلدهم سيستبدل بتجاذبات بين القوى الكبرى. لكن سويسرا التي كانت غير معنية بالامور السياسية التي تعالجها الاممالمتحدة من اكثر الدول مساهمة في موازنة المنظمة الدولية، كما انها تستضيف مقرها الاوروبي في جنيف.