في وقت مبكر من إعلان رؤية 2030 عمدت المملكة إلى تطوير القطاع الصناعي وتأمين أدواته، وتعزيز مكانته إقليمياً ودولياً، حتى يكون أحد القطاعات الداعمة لمسيرة الاقتصاد الوطني، من خلال القدرة على تصدير المنتج الوطني إلى الخارج، وتوفير فرص عمل مناسبة للمواطن، وإذا كانت الرؤية حققت الكثير من تلك الأهداف، فمازالت الجهود متواصلة لتحقيق ما تبقى من تطلعاتها الطموحة. اهتمام الرؤية بالصناعة لم يستثنِ مجالاً دون آخر، وصولاً إلى صناعة الأدوية، التي بدأت تنمو وتزدهر بفعل خطط وبرامج علمية متدرجة الخطوات تحرص المملكة على تنفيذها بدقة، وتستهدف تعزيز الشراكات الصناعية الإستراتيجية، وتوطين الصناعات الدوائية، ودعم منظومة الأمن الصحي الوطني للمملكة، وصولاً إلى تحقيق تطلعات لجنة توطين وتطوير العلاجات التي تأسست عام 2020، وفي مقدمتها توطين صناعة أكثر من 200 منتج دوائي، وهو ما يعادل نحو 40 % من مشتريات الحكومة السنوية من الأدوية، بقيمة تتجاوز 14 مليار ريال. وخلال السنوات الخمس الماضية، شهد قطاع صناعة الأدوية في المملكة تحولاً شاملاً في الأفكار والمبادرات المطروحة، أثمر عن نموٍ بنسبة تجاوزت 25 %، مع خفض الاعتماد على الاستيراد من 80 % عام 2019 إلى 70 % بحلول عام 2023، وذلك بعدما اعتمدت المملكة على إدخال تقنيات تصنيع متقدمة للمرة الأولى. وتحمل تفاصيل زيارة وزير الصناعة إلى الدنمارك مؤخراً، رسالة مهمة، مفادها أن المملكة ملتزمة بتعزيز أمنها الصحي والدوائي، ولذلك فهي منفتحة على الشراكات مع الدول والمنظمات المتخصصة، لجذب الاستثمارات إلى هذا المجال مع تحفيز البحث والتطوير والابتكار لتطوير هذه الصناعة محلياً، ما يؤهلها إلى إعادة تشكيل مستقبل الصناعات الطبية والدوائية في منطقة الشرق الأوسط. وإذا كانت زيارة وزير الصناعة إلى الدنمارك ركزت بشكل خاص على تسريع توطين إنتاج بعض أنواع الأنسولين والعلاجات الحيوية داخل المملكة، فما هذه إلا مقدمة لتوطين سبعة أنواع من منتجات الأنسولين وغيره من الأدوية المهمة، ورفع الطاقة الإنتاجية للأنسولين داخل المملكة، إلى جانب استكشاف فرص توسيع التعاون في مجال العلاجات الحيوية، بما يعزز مرونة سلسلة الإمداد الصحي، ويدعم توجه المملكة نحو التحول إلى مركز إقليمي لتصنيع الأدوية. ووسط هذا المشهد المُبشر بالخير، تراهن المملكة على الجدوى الفائقة لمدينة سدير للصناعة والأعمال، التي تعد أحد أبرز المجمعات الصناعية المتقدمة في البلاد، وينتظر أن تكون مركزًا محوريًا لصناعة الأدوية، والإسهام بما يصل إلى 3.7 مليارات ريال في الناتج المحلي الإجمالي.