زوريخ - رويترز - في 1499، خاض السويسريون حرباً ونجحوا في الاستقلال عن القوى الاوروبية الكبرى آنذاك. وبعد 500 عام، لا تزال هذه الجمهورية الصغيرة في أحضان الألب تتساءل: هل كانت تلك خطوة صائبة؟ وفي وسط اتحاد أوروبي يتنامى بانضمام أعضاء جدد، تتنازع سويسرا المحايدة رغبتان: تشوق إلى الانتماء وتصميم على الانزواء. وقالت رئيسة الاتحاد السويسري روث دريفوس أخيراً إن بلادها "في رحلة، نعتقد انها مثيرة وستنتهي بعضوية كاملة في الاتحاد الاوروبي". وفي تشبثهم بالحياد، يكره السويسريون الانضمام إلى أي تكتل. فبينما تستضيف بلادهم عدة هيئات تابعة للأمم المتحدة، فإنها ليست عضواً في المنظمة الدولية. كما لم تنضم سويسرا إلى البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي حتى عام 1992. وبموجب الديموقراطية المباشرة، عارض السويسريون في استفتاء شعبي عام 1992، الانضمام إلى المنطقة الاقتصادية الاوروبية، وهي اتحاد تجاري يرى فيه البعض بديلاً سهلاً للاتحاد الأوروبي. وعلى رغم ان الحكومة الحالية ملتزمة بالانضمام إلى الاتحاد الاوروبي، فإن السكان لا يزالون منقسمين حول أي طريق يسلكون. وأظهر استطلاع للرأي العام أخيراً ان 51 في المئة من السويسريين يحبذون الانضمام إلى هذه الكتلة الاقتصادية الكبرى. وقال هانزبيتر كرايسي أستاذ العلوم السياسية في جامعة جنيف إن "سويسرا منقسمة. المنطقة المتحدثة بالفرنسية أكثر انفتاحاً بهذا الشأن وأيضاً المناطق الحضرية". وتابع ان الجيل السويسري الجديد يرغب في أن تصبح بلاده عضواً في الاتحاد الأوروبي. ويحتدم الجدل بين مؤيد ومعارض وسط جو عاطفي تخيم عليه حقائق اقتصادية صعبة. ويقول مؤيدون إن سويسرا بسكانها السبعة ملايين، لا تستطيع تحمل البقاء طويلاً خارج الاتحاد الاوروبي كونه أكبر شركائها التجاريين. ويعزون الضعف المستمر في نمو الناتج المحلي الذي قدر بنحو سبعة في المئة عام 1999، إلى بقائهم خارج الاتحاد. ويصف هؤلاء الاتفاق التجاري الثنائي مع الاتحاد الاوروبي الذي تم التوصل اليه في كانون الاول ديسمبر الماضي بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح. وتعتقد شركات سويسرية كثيرة أن بقاء سويسرا خارج الاتحاد يضر بمركزها التنافسي. كما تشكو هذه الشركات من تعرفة جمركية باهظة يفرضها الاتحاد على منتجاتها، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها فيما تسبب لوائح جمركية معقدة، تأخير السلع على الحدود. ويجادل مؤيدو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي انه من أجل الاحتفاظ بمركز تنافسي تضطر شركات سويسرية حالياً إلى الأخذ بقوانين مماثلة لقوانين الاتحاد الاوروبي وذلك دون الاسهام في تخطيط سياسته. ويخشى معارضون أن تضحي سويسرا بحيادها واستقلالها وديموقراطيتها المباشرة من أجل الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي. ورأى كريستوف بلوخر، وهو سياسي ورجل أعمال ومشكك بارز في الاتحاد الاوروبي، أنه "في بلاد اخرى، ينتقل حق صنع القرار من بلدية مدينة إلى أخرى. ولكن في سويسرا سينتقل من الشعب إلى إحدى قاعات بروكسيل". كما تخشى سويسرا فقدان السرية في نظامها المصرفي التي تعتبرها مكسباً لا يمكن المساس به. ويأخذ معارضون في الحسبان احتمالات اقتصادية سلبية للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي مثل زيادة الضرائب وارتفاع أسعار الفائدة وتزايد البطالة. بيد أن صدور العملة الاوروبية الموحدة اليورو في أول كانون الثاني يناير الماضي، شكل تحدياً ضخماً لسويسرا. ويقول برونو جيريج عضو مجلس ادارة البنك السويسري الوطني ان استقرار اليورو قد يشجع على انضمام سويسرا إلى الاتحاد الاوروبي. وأظهر استطلاع نشرته صحيفة "لو تان" السويسرية الناطقة بالفرنسية ان 7،54 في المئة من السويسريين يحبذون جعل اليورو عملة سويسرا وأن 9،47 في المئة يعتقدون ان اصدار اليورو قد يعجل بانضمام سويسرا للاتحاد الاوروبي.