لندن، واشنطن - أ ف ب، رويترز - طلب وزير الخارجية الاميركي كولن باول، الذي كان حتى الان يلزم الصمت في شأن العراق، نشر كل "المعلومات المتوافرة" عن هذا البلد، وذلك في مقابلة بثتها هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" أمس. وقال "اعتقد بأن المعلومات المتوافرة عن العراق يجب ان تعرض على العالم... نحن في حاجة الى نقاش داخل المجتمع الدولي حتى يستخلص الجميع العبر خلال هذا النقاش". ولم يشارك باول في حملة التصريحات في الولاياتالمتحدة عن احتمال شن هجمات عسكرية على العراق. وفيما كان اقرب مستشاري الرئيس جورج بوش، خصوصاً نائبه ديك تشيني، ومستشارته لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد يدلون بالتصريحات الواحد تلو الآخر، التزم وزير الخارجية الاميركي الصمت. وأكد باول في الحديث الذي سجل في مقر وزارة الخارجية "اعتقد بأن النقاش الجاري حالياً يركز في شكل مبالغ فيه على موقف الولاياتالمتحدة والحوار الدائر داخل الادارة الاميركية بدلاً من ان يركز على النظام العراقي". وعن احتمال عودة مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة الى العراق، شدد باول على "ان الرئيس جورج بوش اعلن بوضوح انه يعتقد بأن المفتشين يجب ان يعودوا الى هناك... العراق انتهك قرارات الاممالمتحدة خلال القسم الأكبر من السنوات الاحدى عشرة الماضية... فلنرى بالتالي في مرحلة اولى ماذا سيجد المفتشون على الأرض". لكنه اعتبر ان من الخطأ الاعتقاد بأن "عمليات التفتيش في حد ذاتها ستعطينا ضمانات تكفينا كي نعتمد عليها". واضاف باول "لكن الرئيس قال: لماذا لا يسمح بعودة المفتشين؟ كما انه قال أيضاً ان من واجب المجتمع الدولي وليس فقط الولاياتالمتحدة مواصلة الاهتمام بهذه القضية". ويسعى مسؤولو وزارة الخارجية بانتظام الى تبديد قلق العواصم الاجنبية التي تخشى شن عملية عسكرية محتملة من دون تشاور مسبق. وكان الجنرال باول القائد السابق للجيوش الاميركية اعرب عن تحفظاته لارسال قوات الى العراق خلال حرب الخليج 1990-1991 ثم الى البلقان. ويعود آخر تصريح له عن العراق الى 12 آب اغسطس خلال لقاء بين الصحافيين ووزيرة الخارجية الاسبانية آنا بالاسيو وكان شجع آنذاك المعارضة العراقية على تشكيل بديل "في حال حصل تغيير في نظام" بغداد. الكونغرس أولاً من جهة اخرى، انضم زعيم الغالبية السابق في مجلس الشيوخ الاميركي بوب دول امس الى الجدل الدائر في شأن العراق وطالب الرئيس بوش بالحصول على موافقة الكونغرس أولاً لدى وضع أي خطة لاطاحة الرئيس العراقي، وذلك للحفاظ على وحدة الجبهة الداخلية. وفي مقال نشر في صحيفة "واشنطن بوست" اتفق دول مع رأي بوش القائل بأن الرئيس العراقي يشكل خطراً وشيكاً يتطلب اهتماماً فوراً. وقال، "العراق مثل قطار شحن ملغوم منطلق نحونا. بوسعنا إخراجه عن مساره او ان ننتظر الارتطام ونتعامل مع الاضرار اللاحقة". ووصف دول، المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة عام 1996، صدام بأنه زعيم "واحد من أخطر الانظمة في العالم". وقال انه يملك ترسانة قد تتضمن مكونات نووية تعرض الولاياتالمتحدة وحلفائها للخطر. واعتبر ان من واجب بوش حماية المواطنين الاميركيين وممتلكاتهم وتوجيه ضربة وقائية للعراق اذا كان ذلك ضرورياً. وطالب بوش باستشارة الكونغرس. وقال ان بوش "وهو يدعو لوجهة نظره عليه ان يحصل على موافقة الكونغرس، على رغم انه يملك السلطة التي يحتاجها... التشاور مع الكونغرس ضروري... حين يقال كل شيء سيجيء رد الكونغرس ايجاباً ويحصل الرئيس على الدعم وهو يسعى الى كسب تأييد حلفاء مستعدين". وأضاف ان صدام سيفهم ان الولاياتالمتحدة تعني ما تقول حين يرى الرئيس والكونغرس متحدين. ورأى دول ان الولاياتالمتحدة ليست في حاجة للحصول على موافقة الاممالمتحدة لضرب العراق، وقال ان مثل هذا القرار سيقابل بالنقض الفيتو من دول اعضاء في مجلس الامن. وأضاف: "الولاياتالمتحدة لا تستطيع... تأخير ما هو حتمي. الادارة على حق وبدلاً من ذلك هي تركز على حشد تأييد الراغبين. وكما قال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الأسبوع الماضي القيادة التي تسير في الاتجاه الصحيح تجد من يتبعها ويناصرها". تنظيم "القاعدة" وفي إطار الحرب على العراق... والحرب على "القاعدة"، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية امس، ان عدداً من كبار القادة العسكريين الاميركيين يخشون ان تحول الادارة الاميركية، في حال شنت حرباً على العراق، الاهتمام والاموال المخصصة للحرب ضد تنظيم "القاعدة" والارهاب الى هذه الحرب الجديدة. ونقلت الصحيفة عن ضابط رفيع المستوى، رفض كشف هويته، تساؤله، "هل يمكنكم ان تتصوروا ما ستكون عليه الامور اذا بدأنا حرباً ضد العراق واذا تعرضنا في الوقت ذاته لهجوم ارهابي في الولاياتالمتحدة؟ سيتساءل الناس ما الذي نفعله؟". ويرى مسؤولون اميركيون في وزارة الدفاع انه سيتعين تجميع وتركيز الاقمار الاصطناعية الخاصة بالتجسس وطائرات الاستطلاع والوسائل الاخرى المستخدمة للتجسس العسكري في منطقة الخليج في حال قرر الرئيس بوش الهجوم على العراق. ويقول المسؤولون ان افراد القوات الخاصة الذين يتكلمون العربية والفارسية او الذين يملكون خبرة في المنطقة سيشاركون ايضاً في الحملة ضد العراق. واضافت: "واشنطن بوست" نقلاً عن العسكريين انه على رغم الخطاب الذي يزداد تصعيداً من جانب بعض اعضاء الادارة، فإن الهجوم على العراق لن يحصل قبل كانون الثاني يناير على اقل تقدير. ويرى العسكريون ان ادارة بوش يجب ان تنجز الاستعدادات العسكرية وتنقل القوات والتجهيزات وتفاوض على اتفاقات لتمركز قواتها ولتحليق طائراتها، مع حلفائها الاقليميين وان تتشاور مع الكونغرس قبل ان تتمكن من الانطلاق في الحرب. هولبروك ينتقد الى ذلك، انتقد السفير الاميركي السابق لدى الاممالمتحدة ريتشارد هولبروك تباعد المواقف داخل ادارة بوش بشأن العراق، معتبراً انه يجدر بالادارة الاميركية التعبير عن موقف موحد. وقال رداً على اسئلة شبكة "فوكس نيوز" التلفزيونية أمس "انه صيف البلبلة العامة داخل الادارة. فبدل ان يدافعوا عن حججهم من دون التباس وبصوت واحد يغني اغنية واحدة، نرى ان كلا منهم ينشد على هواه". واكد الديبلوماسي السابق في عهد الرئيس بيل كلينتون مجدداً ان على الولاياتالمتحدة الحصول على قرار من مجلس الامن يجيز استخدام القوة في العراق قبل شن اي حملة عسكرية. لكنه لم يعارض فكرة تنفيذ واشنطن عملية بالتشاور مع عدد ضئيل من الحلفاء في حال رفض مجلس الامن اعطاء موافقته بسبب استخدام موسكو او بكين مثلاً حق الفيتو. واضاف ان "طريق بغداد تمر من مجلس الامن. وان قال انه يرفض دعمنا، فالخيار يكون بوضوح التحرك، ليس من طرف واحد، بل من اطراف عدة". وبرر هولبروك ذلك بقوله: "عندها نكون بذلنا مجهوداً على الاقل ... وعرضنا دوافع التحرك، ما سيساعد حلفاءنا الاقرب والاشد على دعمنا، خصوصا رئيس الحكومة البريطانية توني بلير إضافة الى تركيا".