قبل أقل من شهر ونصف شهر على الانتخابات العامة المبكرة في تركيا، أقرت الهيئة العليا لمحاكم الاستئناف طلب المدعي العام الجمهوري إلغاء حق زعيم حزب "العدالة والتنمية" الاسلامي التوجه سابقاً رجب طيب أرضوغان في خوض الانتخابات والترشح اليها بسبب ملفه القضائي. وكانت محكمة ديار بكر ألغت سجل سوابق أرضوغان الذي عاد الى المسرح السياسي العام الماضي مستفيداً من عفو بعد قضائه اربعة اشهر في السجن ومنعه من العمل السياسي في 1999 بتهمة "التحريض على الحقد الديني". لكن محكمة الاستئناف اعتبرت ان التعديلات الدستورية التي أجريت اخيراً والتي ألغت مادة العقوبة التي سجن على أساسها أرضوغان، لا تلغي سجل سوابقه، وبالتالي يبقى مجرماً على رغم انتفاء الجريمة وحذفها من القانون. وأثار القرار عاصفة من الاحتجاجات في أوساط حزب "العدالة والتنمية" وبعض الاوساط المحايدة. واعتبر نائب أرضوغان ساعده الأيمن عبدالله جول أن ما حدث يلقي بظلال قاتمة على الديموقراطية في تركيا، مؤكداً ان أرضوغان سيبقى زعيم الحزب مهما حدث، آملاً ألا تأخذ الهيئة العليا للانتخابات بقرار محكمة الاستئناف وان تقبل ترشيح أرضوغان للانتخابات، وهو الأمر الذي ستبت فيه الهيئة في السادس والعشرين من الشهر الجاري على أقصى تقدير. واعتبر وزير العدل السابق حكمت سامي ترك ان القرار سيشوه صورة تركيا لدى الاتحاد الاوروبي، ويؤكد مزاعم الاتحاد بأن أنقرة تقر الاصلاحات والقوانين لكنها لا تنفذها عملياً. وكان البرلمان التركي أقر عدداً من الاصلاحات السياسية في تموز يوليو الماضي بهدف توسيع دائرة الحرية والديموقراطية نزولاً عند شروط الاتحاد الاوروبي، من بينها الغاء العديد مما كان يعتبر جرائم سياسية، وشمل ذلك المادة 312 من قانون العقوبات التي دين أرضوغان بموجبها عام 1999. وكان أرضوغان تقدم بطعن بعد اقرار الاصلاحات الى المحكمة التي حكمت عليه سابقاً بهدف الغاء الحكم واعطائه شهادة خلو قيد من سجل الجنايات لا حكم عليه وهو الشرط الاساسي ليتمكن من ترشيح نفسه للانتخابات، وحصل بالفعل على هذه الوثيقة، لولا ان تقدم المدعي العام الجمهوري صبيح كاناد أغلو باعتراض على القرار لدى محكمة التمييز قبل اربعة ايام وحصل أمس على حكم نهائي في سرعة أذهلت الجميع. ويرى المراقبون ان الجيش الذي يقف غالباً وراء مثل هذه القرارات القضائية بحكم صلاته مع أوساط القضاء، لا يريد لأرضوغان دخول الانتخابات من اجل تحجيم شعبية حزبه الذي يتصدر استطلاعات الرأي التي ترشحه لتولي رئاسة الوزراء وتتوقع ان يحصل حزبه على غالبية في البرلمان، وذلك لاستمرار شكوك العسكر في ان أرضوغان لا يزال يحافظ على خطه الاسلامي. ويراهن العسكر على نشوب خلاف بين اوساط حزب أرضوغان على الزعامة بعد حرمانه من الترشيح، وان يؤدي ذلك الى انقسام الحزب على نفسه مثلما حدث قبل ذلك في حزب "الفضيلة" المنحل، عندما انشق أرضوغان ورفاقه على نجم الدين أربكان. الا ان استطلاعات الرأي تشير الى احتمال تزايد شعبية حزب أرضوغان. وامتنع غالبية زعماء الاحزاب الاخرى عن التعليق على الموضوع الذي يعتقدون انه قد يكون في مصلحتهم في حال ادى الى وقوع انقسامات في اكبر حزب تركي حالياً.