كشفت اعترافات ناشطين في "الجماعة الإسلامية المسلحة" أوقفتهم أجهزة الأمن أخيراً ظروف مقتل أكثر من مئة جزائري وإصابة ما يزيد على 300 آخرين بجروح في سلسلة اعتداءات تبيّن انها جاءت إثر قرار من "الأمير" السابق ل"لجماعة" عنتر زوابري في آب اغسطس 2001. وعرضت وزيرة الإتصال والثقافة السيدة خليدة مسعودي تومي، أمس، شريطاً وثائقياً أعده التلفزيون الجزائري وتضمن تسجيلات لاعترافات أدلى بها 14 عنصراً من "الجماعة المسلحة" قبضت عليهم أجهزة الأمن في منتصف تموز يوليو الماضي. وكان مقرراً بث الاعترافات في التلفزيون ليلاً. واعترف عوار محمد المدعو "البراء" بأن عودة أعمال العنف إلى العاصمة وضواحيها كان تنفيذاً لقرار أصدره زوابري الذي طلب من أربعة من قدامى جماعته الإلتحاق بالعاصمة لتنشيط العمليات، وهم المدعو "حيدرة" ومولود بوشرول المدعو "خالد الفرماش" و"شعيب" ومحمد عوار المدعو "البراء". وبناء على ذلك التحق عناصر المجموعة بغابة باينام في أعالي العاصمة حيث نفّذوا بعض العمليات السريعة مثل وضع قنبلة في حي باب الواد، وذبح رجل وخطف زوجته بغرض المتعة وقد قتلت لاحقاً في زرالدة. ومع مرور الأيام تم التعرف أكثر على الوضع في العاصمة وبدأت المجموعة تتحرك بإمكانات أكبر، الأمر الذي مكنها من توسيع عملياتها مع تولي رشيد أوكالي ابو تراب الرشيد قيادة "الجماعة" إثر مقتل زوابري في شباط فبراير الماضي. وبحسب الشريط الوثائقي الذي أعد بإشراف مباشر من أجهزة الأمن، عمدت "الجماعة المسلحة" منذ بداية السنة الجارية إلى وضع القنابل والمتفجرات التي تصنعها في تمزغيدة داخل مرآب في مزرعة رباشي إبراهيم في منطقة السحاولة التي يتم منها إعادة نقل وتوزيع القنابل على أعضاء الجماعة في بقية ضواحي العاصمة. وذكرت اعترافات العناصر الذين أودعوا الحبس الإحتياطي، الأحد الماضي، ان "الجماعة" كانت تصنع منذ نهاية السنة قنابل في بعض الغابات القريبة من العاصمة، مثل باينام، وانها لجأت أخيراً إلى تصنيع قنابل من الحجم الكبير في مركز قيادتها في غابة تمزغيدة في السلسلة الجبلية التي تربط البليدة والمدية. وأشارت الاعترافات الى انه كان يتم نقل المتفجرات في باص وشاحنة يمتكلهما عزوق مقران المدعو "فوزي" والذي كانت مهمته نقل القنابل والمؤون من منطقة إلى أخرى. وقال عزوق مقران أن مقتل ممثلي الشركة اللبنانية أخيراً في منطقة العاشور تم بناء على أمر من الأمير الجديد ل"الجماعة" أوكالي رشيد أبو تراب الذي طلب من المدعو "أبو هشام" توسيع العمليات ضد الرعايا الأجانب والمستثمرين. ويعترف المدعو سلمان جمال وهو من مواليد بلدية الحراش سنة 1980، بأنه عمل في خلال الأشهر الماضية في الشركة المصرية للإتصالات أوراسكوم جيزي حيث تعرف على عدد من الأجانب. وخص بالذكر شخصين مسيحيين من لبنان. وقال أنه خلال عمله كموظف أمن في هذه الشركة كان على معرفة بمواعيد تنقلات اللبنانيين و"كنت أعرف أن المنطقة قليلة الحركة خلال النهار وكنت أعرف أيضاً مواقيت دخولهما وخرجهمها من المبنى". ويوضح عزوق مقران فوزي، وهو صحاب الحافلة، انه ضمن صباح يوم الإعتداء، في التاسع من حزيران يونيو الماضي، إيصال المؤون لعناصر "الجماعة" وانه رصد أيضاً تحركات اللبنانيين و"بعدها أخذت عناصر الجماعة إلى مقهى في العاشور. وذهبوا من هناك على أرجلهم". أما عوار محمد المدعو "البراء" فقد ذكر في روايته أن صدوقي محمد المدعو "عبدالقادر الروجي" فار جاء لرصد تحركات اللبنانيين برفقة مقران عزوق فوزي و"قد كنا نحن في حي الكاليتوس عندما أخذني عزوق معه رفقة خالد واسمه الكامل بوشرول ميلود ويُدعى "خالد الفرماش" وأبو هشام". وتابع: "أطلق أبو هشام النار على الضحايا. أما أنا فقد أطلقت النار على شخص كان خارج المبنى وهو يعمل، كما قيل لي، عوناً في مؤسسة المياه وظننت في البداية أنه موظف في هذه الشركة". وواصل: "بعد العملية انسحب الروجي بنا وصُفّيت المرأة سكرترية اللبناني وأُطلق النار على شخص آخر تعرف على جمال" الذي كان يشتغل سابقاً في هذه المؤسسة. وبخصوص قنبلة سوق تازمالت التي هزت ولاية بجاية في الربيع الماضي، قال عزوق مران الذي نقل القنبلة إلى السوق، أنه كان يمر عبر هذه البلدة لكن صدوقي محمد المدعو "عبدالقادر" كان يعرف السوق جيداً لأنه كان يبيع فيه سابقاً بعض الأنواع من الأحذية. وذكر أن هدف العملية، كما أبلغهم "أمير الجماعة" أبو تراب الرشيد، هو ان "نخلطها في منطقة القبائل ونفتح لهم جبهة مع النظام". وتابع: "أعطوني المؤن وكنت برفقة رشيد كركار وعبدالقادر الروجي وأخذنا معنا قنبلة تزن 13 كلغ من المتفجرات. قررنا في منتصف الليل وضعها داخل مجرى المياه القذرة وتم برمجة التوقيت. وفي الصباح أوصلت كل واحد إلى شغله كأن شيئاً لم يكن". وكشفت تصريحات عناصر "الجماعة" أن الأسلحة كانت توضع عادة قرب المواقع التي يتم فيها تنفيذ العمليات، وكانت تتحرك بحرية في العاصمة بفضل وسائل النقل التي كانت متوافرة لديها، إذ ينتقل عناصر المجموعة بسهولة كبرى مباشرة بعد تنفيذ الإعتداءات. فقد قام مثلاً عزوق مقران بنقل أعضاء المجموعة مباشرة بعد الإعتداء على حافلة في الكاليتوس خلفت 12 قتيلاً إلى أعالي العاصمة. واعترفت إمرأة تعرضت للإغتصاب مرات عدة على يد عناصر "الجماعة" ان 25 عنصراً تداولوا عليها، وأنه بعد إغتيال زوجها في بوفاريك نُقلت إلى تالة عشة حيث كان يوجد الأمير السابق ل"الجماعة" عنتر زوابري وانها مكثت معه يومين كاملين عرفت فيهما "أسوأ اللحظات في حياتي"، قبل أن تتمكن من الفرار. وكانت هذه المرأة هي الخيط الرئيسي الذي كشف لقوات الأمن في كانون الثاني يناير الماضي عن تحركات عنتر زوابري في منطقة بوفاريك والتي قادت الى قتله في 8 شباط فبراير الماضي في مسكن يقع بمسقط رأسه في بوفاريك. أما قبي حسين الذي فقد عينيه بإنفجار لغم سنة 1997، فقال أنه كُلف بالقيام بعملية إنتحارية في منطقة مكتظة في العاصمة وانه أرجأ تنفيذ العملية أكثر من أسبوعين، وعندما قررت الجماعة إعادة نقله إلى الجبل بغرض تصفيته جسدياً قرر الفرار والتحق بمسكنه والديه قبل أن يسلم نفسه لأجهزة الأمن.