لم يعد السرطان مرضاً قاتلاً بالضرورة. وتطورت أساليب الطب في علاجه فصار مرضاً مزمناً. هذا ما شدد عليه الدكتور ناجي الصغير الاختصاصي في علاج الأمراض الداخلية والدم والأورام، استناداً الى التطورات العلمية الأكثر حدّة في مجال العلاج. وتوقع التوصل الى أدوية شافية خلال 4 أو 5 سنوات. وانتخب الصغير أخيراً عضواً في "اللجنة العالمية للجمعية الأميركية لمكافحة السرطان". وهو أول عربي ينتخب الى هذه اللجنة. وبيّن ان الجمعية تأسست عام 1964 مع بداية التخصص في علاج السرطان. واحتلت موقعاً متقدماً في مجال أبحاث السرطان وتسعى الى تعميم طرق علاجه وأدويتها في دول العالم، وتضم 14 ألف طبيب وباحث. ويصدر المؤتمر السنوي للجمعية مجموعة التوصيات العلمية عن سبل تشخيص أنواع السرطان المختلفة وطرق علاجها. وغالباً ما تلقى تلك التوصيات ترحيباً "قوياً" في أوساط الاختصاصيين داخل أميركا وخارجها. وكثيراً ما تتحوّل التوصيات بروتوكولات علمية. واضاف ان الجمعية تصدر مجلة طبية لعلاج السرطان "جورنال كلينيكل أنكولوجي". تتضمن أبحاثاً دولية متعددة ومعمقة. وتساعد المجلة اختصاصيي السرطان في تطوير معارفهم. وشرح الصغير ان "المؤتمرات السنوية للجمعية تتكوّن من شقين متكاملين. فمن ناحية، يستعرض المؤتمر ما أُنجز خلال العام السابق من دراسات وتجارب في علاج أنواع السرطان المتعددة. ومن ناحية ثانية يخصص جلسات مطولة لعرض الأبحاث التي تقدم للمرة الأولى. على سبيل المثال قدم الدكتور براين دراسة أجراها في أميركا وخارجها على أكثر من ألف مصاب بنوع من سرطان الدم. استخدم دواء "غليفك" Gleevic في طريقة مركزة وسيلة للعلاج. وتغيرت أحوال 90 في المئة منهم، وصارت فحوصات دمهم طبيعية. واختفت التغييرات السرطانية من خلايا الدم لدى نصف المرضى. والمعلوم ان الخلية السرطانية تتكاثر بسرعة كبيرة وتحتاج الى تغذية قوية يؤمنها عنصر مساعد "انزيم". ويضرب كليفك هذا الأنزيم تحديداً، ما يؤدي الى موت خلايا السرطان. ونبّه الصغير الى ان العلاج ب"كليفك" يستغرق وقتاً طويلاً ويرتب أكلافاً مالية بالنظر الى ارتفاع سعره. وتصل كلفة العلاج الى 2500 دولار في الشهر. ويتوافر هذا الدواء في لبنان. وشدد على ان مرض السرطان لم يعد مجهولاً بل تحوّل مرضاً مزمناً يعالج بالحبوب مثل أمراض ضغط الدم والسكّري. واعتبر ان مشاعر الخوف والخجل تعيق علاج المرض. بل وتؤدي الى تفاقم الحال المرضية. وفي المقابل، يساعد التشخيص المبكر على زيادة فاعلية العلاج. فمثلاً تشير الاحصاءات الى إمكان شفاء 80 الى 90 في المئة من حالات سرطان الثدي في حال كشف الورم باكراً. وفي المؤتمر نفسه قُدّم بحث شمل مئة وخمسين ألف رجل في أميركا أخضعوا الى الفحص المبكر للتأكد من عدم إصابتهم بسرطان البروستات. فاذا تعدى هذا الفحص الأربع درجات وجب التأكد من وجود مرض السرطان أو عدمه. وأكدت الدراسة ان الكشف اذا لم يتخط الدرجة الواحدة فلا حاجة لاعادة الفحص قبل خمس سنوات، ف5،98 في المئة من الناس لن يواجهوا تغيرات، بينما اذا كان بين اثنين وثلاث درجات يُعاد كل ثلاث سنوات وبين ثلاث وأربع درجات يُعاد كل سنة. ومن ناحية اخرى، أكد الصغير على توافر الأدوية السرطانية في لبنان ومصر والسعودية... وتجهيز المستشفيات بالمعدات الضرورية للعلاج وان الكلفة في لبنان والدول العربية أقل منها في أوروبا. ونبّه الى ان في الدول العربية سرطان الثدي عند النساء يشكل ثلث الحالات السرطانية في الدول العربية. وهو النوع الأكثر انتشاراً من الأورام الخبيثة، ويليه سرطان الرئة عند الرجال بسبب انتشار عادة التدخين في العالم العربي. وخلُص الى التركيز على ضرورة ضبط اعلانات السجائر وابعادها عن المدارس والجامعات للحدّ من انتشار السرطان. ويعمل الصغير حالياً استاذاً للطب في الجامعة الأميركية في بيروت. وترأس سابقاً الجمعية اللبنانية لاطباء الورم الخبيث. ويترأس الجمعية اللبنانية للطب الداخلي. وهو عضو في اللجنة الأوروبية للأبحاث وعلاج سرطان الثدي. وأشار الى ان "مجلس مديري الجمعية ينتخب من بين الأطباء المنتسبين الى الجمعية 22 عضواً تبعاً لنشاطاتهم وعملهم وخبرتهم، على عكس مثيلاتها في لبنان. ودعا الى ضرورة اصلاح نظام الانتخاب في نقابة الأطباء في لبنان، وذلك لايصال الكفايات ومراعاة مصلحة المرضى ومستوى العلاج وتحسين أحوال الاطباء المهنية.